تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تفسيران للأزمة المالية

لوفيغارو
ترجمة
الأربعاء 21-12-2011
ترجمة : سراب الأسمر

لكثرة توجيه الأنظار إلى الفريق الفرنسي ـ الألماني ، ظلت الآراء مركزة على أسباب الأزمة ونسي الناس التركيز على العلاج ، و أساساً هناك تفسيران اجتازا اليمين و اليسار على حدٍ سواء.

التفسير الأول : على الأغلب ليبرالي ، ويقول بأن الأزمة مرتبطة بالدرجة الأولى بديون الدول والديون نفسها هي نتيجة الزلق الغوغائي لحكوماتهم المتتالية ، و بالتالي لا بد من العقاب و تقليص النفقات العامة ، فتجاوز كل صعوبة دون الإضرار بالنمو أمر ضروري. هناك تحليل آخر خاص بالجمهوريين الجدد مثل هنري غينو و جان بيير شيفينمو اللذين أبديا معارضتهما لفكرة اليورو منذ البداية ، الأزمة ليست وليدة «التصالحية» الماضية لكنها جاءت نتيجة الغياب الكامل للسياسة الاقتصادية ، الاجتماعية و النقدية في الاتحاد الأوروبي . فحين تأسيس الاتحاد كان كل شيء منظماً من الأساس لمنع الدول من إمكانية التدخل الإرادوي ، هذا الأمر بمثابة الشهادة على قدسية استقلالية البنك المركزي . قد نستسلم للعجز التام ، ليس فقط لسيطرة الأسواق لكن لمنافسة الداخلين الجدد مثل الصين . فهذه الأخيرة تمارس وبكل هدوء تحطيم الأسعار في دول القارة العجوز وذلك بفعل ثلاثي الأبعاد : اقتصادي ( كلفة الانتاج في الصين أقل بخمسوعشرين مرة عما هو عليه الحال في دول أوروبا) ، اجتماعي ( لا يوجد نقابات ،لكن يوجد أجور و ساعات عمل ) والعملة (البخسة القيمة) . ويقول كاتب المقالة : وعدونا بازدهار أوروبا و المليئة بالوظائف بينما ليس لدينا سوى التراجع و البطالة.‏

قد يكون الشعب الأوروبي عاش على منوال الزيز، لكن آن الأوان ليعتاد عيش النمل العامل ،هذه النظرية شبه محالة. في الواقع إن البؤساء يعودون بدون ديون ، هذا وسيكون التقشف أسوأ علاج : لأن هذا يعني تحطيم ما تبقى من النمو وهذ لن يعمل إلا على زيادة الدين بالإضافة إلى البؤس! لنخلي المكان إذاً للمتطوعين الصناعيين باستدانات كبيرة و حمائية أوروبية و سياسة نقد دفاعية تحقق التوازن مع اليوان و الدولار .‏

هذا التحليل خاطئ و صحيح بآن واحد : الخاطئ فيه هو موضوع الإفقار . في الواقع نعيش اليوم في طبقة متوسطة وفعلية ، أغنى بثلاث مرات عما كان عليه الحال في سنوات 1950 . النموذج الأوروبي ذو سوق جيدة أي على نقيض ما يقوله القادة الأوروبيون ، أضف إلى هذا ، يعمل قدر استطاعته للمساعدة في تغيير بعض الأنظمة مثل إسبانيا ، البرتغال و اليونان . والأمر الخاطئ : أن يكون الدين أمراً ثانوياً : فالدين هو من يسلمنا لاستبدادية الأسواق و يرصص شركاتنا .‏

أما الصحيح في هذا التحليل فهو بالمقابل ، أن أوروبا معادية للأمم، ومؤسساتها مشلولة وتمنع اليوم كل سياسة اقتصادية ونقدية نشيطة . في العولمة يعتبر هذا الوضع إعاقة كبرى ، و البرهان أن نيكولا ساركوزي وأنجيلا ميركل انتهكا كل القواعد ليبدأا تحرك الأمور . وهذا العجز ليس هو السبب في الأزمة لكنه على الأقل هو ما أعاق اليوم مواجهتنا .‏

والدرس الذي نستخلصه بالتأكيد لا يعني التخلي عن اليورو ، إذ لا يوجد أي منفعة من وضع مرتدة تكون بمثابة « الحمائية الأوروبية » ، لكن على الأقل العمل على موضوع الاقتصاد ، والعمل على فيدرالية مرتبطة بإنشاء وزارة مالية كاملة ، تتمتع بسلطات فعلية وسط البنك المركزي وقادرة على تحقيق استراتيجيات قوية « لحماية من دون حمائيين» , و إذا لم تتح المؤسسات لمثل هذه الاستراتيجية ، لابد عندها من استخلاص النتيجة قبل فوات الأوان ، والبدء ببناء أوروبا أقوى .‏

 بقلم : لوك فيري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية