|
مجلة تايم الأميركية والثاني، على التلال الصخرية في الضفة الغربية، خاصة في القرى التي دأب الجنود الإسرائيليون على استطلاعها بغية تحديد ما يجب اتخاذه من إجراءات لقمع المتظاهرين فيها. وكان من أبرز ما جرى يوم الجمعة إصابة متظاهر في وجهه جراء تعرضه لقذيفة غاز مسيلة للدموع أطلقت عليه من مسافة قريبة. دأب المواطنون في قرية النبي صالح على الاحتجاج بشكل أسبوعي والتوجه بعد أداء صلاة الجمعة إلى النبع الذي يزود القرية بالماء، حيث يلتقون في طريقهم إليه مع الجنود الإسرائيليين، عند مفرق الطريق المؤدية إلى منازل المستوطنين الإسرائيليين التي أقيمت في الرابية منذ 35 عاما، ويدّعون اليوم ملكيتهم لها ولنبع المياه هذا. ويسعون بتأن وتؤدة إلى وضع اليد على الأراضي المحيطة بالمستوطنات (فدان بعد فدان وعنزة بعد أخرى ) الأمر الذي يفضي إلى قضم أراضي الفلسطينيين وضمها إلى إسرائيل وبالتالي زيادة مساحة الدولة رويداً رويداً لتشمل التلال والوديان في الضفة الغربية. وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي قد قابل عملية بناء المستوطنات بالاستنكار لكن تلك الإدانة لم يكن لها من تأثير وذهبت أدراج الرياح. كان لقرية النبي صالح وضع خاص، حيث استقطبت الاحتجاجات الأسبوعية عدداً من النشطاء الدوليين المتحمسين وثلة من الإسرائيليين المؤيدين للسلام، الذين دأبوا على الاجتماع في منزل باسم التميمي (الناشط في حركة فتح العلمانية) قبل القيام بالتظاهر. قال التميمي للصحفية عميرة هاس من جريدة هآرتس في وقت سابق من هذا العام:«نريد أن نكون نموذجاً يقتدى به للنضال الشعبي» وذلك قبل فترة وجيزة من وصول القوات الإسرائيلية للقبض عليه واتهامه بالتخطيط للتظاهر بشكل غير مرخص. وكانت تلك التهمة مشابهة للتهمة الموجهة للناشط عبد الله أبو رحمة الذي سبق وأن قام بتنظيم احتجاجات في الضفة الغربية واعتقل على أثرها في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث أمضى مدة تزيد عن العام في المعتقل، أما التميمي فما زال قيد الاعتقال. وفي الحالتين، كان سبب الاعتقال هو امتعاض القوات الإسرائيلية من المحتجين، وقال أحد كبار المسؤولين في وزارة الدفاع (وفقاً لتسريبات ويكيليكس) :«إننا لا نتعامل مع غاندي بشكل جيد». إن ما حصل في يوم العطلة الأسبوعية لم يكن إلا نتيجة دوي الانفجار حصل في غزة عندما أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخا على سيارة تقل ناشطا فلسطينياً بحجة كونه يخطط لهجوم إرهابي على جنوب إسرائيل من صحراء سيناء على الجانب المصري من الحدود، وقد تحول الرجل مع مرافقه إلى رماد. لكن النشطاء الغزاويين ردوا على عملية الاغتيال بوابل من الصواريخ التي سقطت في الخلاء بيد أن إسرائيل قابلت ذلك بغارة أخرى أكثر عنفاً. من المتعذّر استخدام الطائرات بالنسبة للمتظاهرين في قرية النبي صالح لأنهم يقفون على مقربة من الجنود الذين يصبحون هدفاً للرشق بالحجارة. ولقد مرت فترات من الهدوء كان بها الناشطون الإسرائيليون يقفون مع الجنود ويحاوروهم في بعض الأمور وأحياناً يتحول الحوار الهادئ إلى صراخ مرتفع بين الطرفين. ذلك ما كان يجري في السابق. أما في يوم الجمعة الفائت فقد ذكر الناشطون أن القوات الإسرائيلية قد قامت بالتحرك بعد سماعها صافرة الإنذار وعمدت إلى إطلاق قذائف الغاز المسيلة للدموع في الجو على ارتفاع منخفض لتنفجر فوق رؤوس المتظاهرين. يبدو أن الجميع كان بحيازتهم آلات للتصوير وقد شوهد الجنود وهم يلتقطون الصور للمحتجين الذين يرمون الحجارة لمقارنتها مع ملف الصور المحفوظ لديهم والذين تمكنوا من تجميعه نتيجة للمداهمات وإيقاظ الأطفال من سباتهم لالتقاط صور لهم وفقاً لما قالته منظمة بتسلم، وغالباً يجري الكثير من الاعتقالات في منتصف الليل إذ تبين إنه منذ عام 2009 حتى الآن تعرض 13% من سكان القرية إلى الاعتقال والسجن. يحمل الناشطون أيضاً آلات التصوير حيث وثّقوا عملية قتل مصطفى التميمي وبثوها على شبكة الانترنت. وقد بدا من الصور أن هذا الشاب كان يقف في الطريق عندما تعرض للإصابة بقذيفة غاز مسيلة للدموع أطلقت عليه من آلية متحركة وانفجرت في وجهه بالقرب من عينه اليمنى. نقلت قوات الدفاع الإسرائيلية المصاب إلى أحد المشافي حيث توفي هناك. وبعدها أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن تحقيقاً سيتم بالحادثة، لكن الجندي الذي أطلق القذيفة نفى استهداف التميمي بها. وعلى الرغم من أن قانون الجيش الإسرائيلي قد حظر على الجنود إطلاق هذا النوع من القذائف في الجو من زاوية تقل عن 45 أو استهداف الأشخاص بشكل مباشر إلا أن الصورة الملتقطة تبين بأن القذيفة قد استهدفت التميمي بشكل مباشر. اعتبر الناشطون الحقوقيون الإسرائيليون أن ما حدث يقع في مسؤولية القوات الإسرائيلية لكونها الجهة المتسببة بالمواجهات مع المحتجين. وفي هذا السياق، وجّهت منظمة بتسلم أصابع الاتهام إلى الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بأسلوب التعاطي مع الاحتجاجات القائمة وخاصة منها التي لا يرمي بها المتظاهرون جنود الإسرائيليين بالحجارة، والتي غالباً ما تجابه بالاستخدام المفرط للقوة. قال الناطق باسم منظمة بتسلم ساريت ميخائيلي الذي كان في قرية النبي صالح يوم الجمعة «لا أعتقد بأن ثمة من يقول إن مصطفى التميمي لم يرم بالحجارة على السيارة العسكرية، لكن المتحدثين الإسرائيليين قد أعطوا لما فعله أهمية بالغة بهدف تبرير ما قامت به تلك القوات من رد فعل مبالغ به وذلك على غرار ما تقدمت به من تبرير لهجومها على قافلة المساعدات الإنسانية أو لكل عملية قتل يقومون بها في الضفة الغربية. وبتقديرنا نرى أن كل ما صدر عن قوات الدفاع من تبرير لا يرمي في واقعه إلا إلى إقناع الفلسطينيين بأن من يرمي الحجارة سيتعرض للقتل». بقلم كارل فيك |
|