|
مسرح
فكان لابد للتجربة الانسانية في بواكيرها الأولى أن تشق الطريق في تأمل الظواهر الكونية، وكانت الأسطورة حيث كان الإنسان من خلالها يصور الآلهة في صراعهم مع بعضهم في الأساطير الأولى بوصفها المصدر الأول للظواهر الكونية والمنظمة لها، فهو عندما فكر بكل هذه الظواهر الكونية من حولها ربطها بقوى غيبية بعيدة تسيطر عليها وتحكمها وهي تتصارع فيما بينها لخلق حالة من التوازن بين الخير والشر، فالأسطورة هي الوسيلة التي حاول الإنسان من خلالها أن يضفي على تجربته طابعاً ألوهياً فكرياً. لذا فقد كان من الضروري أن يكون لهذه الأسطورة بطلها الموضعي الذي تكمن فيه أهمية وجود تشكيل قوى الصراع. ارتبط البطل بالطبيعة وموقفه منها، لذلك فقد ارتبط هذا التطور في دورة حياة البطل في الأسطورة بالدورة الشمسية أو دورة فصول السنة فالفجر يرمز الى ميلاد البطل أو الغروب الذي تدور حوله أساطير الموت والهبوط من العالم العلوي (الجنة) إلى الأرض والظلام والشتاء وعلاقتهما بانهزام البطل. غير أن الشرط الذي يحدد سمات البطل في الأسطورة يبدو أكثر ارتباطاً بالصفة الالهية وأن تكون شخوصها الرئيسة من الالهة فاذا لم يظهر في الحكاية آلهة أو انصاف آلهة فان هذه الحكاية تندرج تحت صنف قصص شعبية. البطل والتاريخ: وعن البطل وعلاقته بالتاريخ يضيف الباحث الدكتور يوسف رشيد جبر ولعل هذا الشرط قدر اقترانه بضرورة الخلفية التاريخية فإنه يعطي (اوديب) مثلاً مشروعية الاقتران بالأسطورية ويعزز ذلك الأصل التاريخي لحكاية أوديب وتوترها عبر الأجيال. وان هذا الشرط في البطل الالهي لهو أقرب إلى شرط اقتران الأسطورة بالطقوس الدينية حيث “العلاقة الوثيقة بين الدين والأساطير في المجتمعات البدائية أو البسيطة, حيث تم فهم الارتباط القائم بين الأسطورة والطقوس الدينية وبين العرف المقدس وبين البناء الاجتماعي للتوصل لمعرفة دور الأساطير في المجتمع. وان الجنس البشري قد مر بمراحل ثلاث هي مراحل السحر ومرحلة الدين ومرحلة العلم وان الأسطورة بذلك ترتبط بالسحر الذي يرتبط بالبدائية والهمجية ،يرى باحثون أن السحر مع النشاط الروحي والفكري وهما الدين والعلم. بعضهم يرى ان السحر له وظيفة ويلبي حاجات نفسية عند الإنسان بقدر ما للدين من وظيفة في الحياة الحضارية وكذلك فإن الأسطورة المرتبطة بالأنشطة والمكونات الفكرية والاجتماعية للحياة التي تؤثر في صياغة شكل البطل الأسطوري. البطل الأسطوري والخرافية: تتوسع (الموسوعة البريطانية) في توضيح الأسطورة وسمات البطل الأسطورية بوصفها “رؤية تتضمن ظروفاً واحداثاً خارقة تقوم بها الآلهة أو ابطال خرافيون من البشر تختلف تماماً عن الظروف والأحداث التي يقوم بها الانسان العادي، وكل أسطورة تتمتع بقوة خاصة، غالباً ما تقدم نفسها على انها تفسير وتوضيح للحقائق دون الاهتمام باختلافها تماماً عن الحقائق الطبيعية”. وان هذا المفهوم ينطلق من خارقية الأسطورة من خلال اتصالها ببعض الأبطال الخرافيين من البشر وهنا ينشأ تداخل ما بين الأسطورة والخرافة كما يمكن ان يؤشر (بطل خرافي) في مجاور (البطل الأسطوري) وكذلك الحال مع (البطل في الحكايات الخرافية والأساطير هي بكل تأكيد مقابل المعتقدات الشعبية، وظلت سمة الخارقية ملازمة لهؤلاء الأبطال الذين اختلفوا عن الانسان العادي واتصلوا بسمات الانسان البدائي عبر (بطل تاريخي)، يشكل مجمل الصفات بمعنى أن الفكر الأسطوري هو امتداد الماضي في الحاضر والاتصال بالمستقبل وهو احتواء عميق لمضامين أخلاقية مثالية في المجتمعات البدائية.. اذ ان… من السمات التي نسجها الفكر البدائي للانسان الأمثل هي التواضع الروحي وحسن القصد في الأعمال حيث لا مكان للغطرسة كما يقول الدكتور يوسف رشيد جبر في هذه المجتمعات البدائية. |
|