|
هآرتس المعلنة باستمرار عن موافقتها على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل , وعلى اوباما الآن , إن كان يتوقع أن ينجح فيما فشل فيه أسلافه أن يبين لنا لماذا فشلت تلك التسويات في التوصل إلى ما يعزم التوصل إليه الآن , لاسيما وأنه كان في تلك الأثناء هناك استعداد أكبر لدى الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية لإجراء هذه التسوية وكان للولايات المتحدة مكانتها العظيمة في الشرق الأوسط. بينما نلمس الآن عدم قدرة الزعامة الفلسطينية والإسرائيلية على تقديم تنازلات ذات مغزى , وتراجع وضعف في قدرة الولايات المتحدة على التأثير على السياقات في المنطقة المترتبة على أحداث «الربيع العربي». حيث ينحصر الهدف الأساسي للاستراتيجية الأميركية اليوم في تقليص كلفة تدخلها في المنطقة وتعويض التأثير السلبي للحربين على العراق وأفغانستان , وذلك بناء على خطتها في تقليص ميزانيتها العسكرية وانتقال ثقل تواجدها إلى المحيط الهادي. وهذا الواقع فرض على الولايات المتحدة تعزيز تعاونها مع تركيا ودول الخليج, الحارسين الطبيعيين للمصالح الأميركية في المنطقة. كانت تسعى الولايات المتحدة باستمرار إلى تنفيذ السيناريو المفضل لديها وهو إجراء تسوية شاملة للصراع العربي - الإسرائيلي. وحيث أن تسوية الصراع الفلسطينيي - الإسرائيلي بعيد المنال وسقوط النظام المؤيد للغرب في مصر زعزع الاستراتيجية الأميركية في المنطقة , لم يبقَ أمامهم خيار سوى الايحاء بأنهم يسعون بكل طاقتهم لحل الصراع , بهدف منع حصول انتفاضة ثالثة ومساعدة الأتراك والإسرائيليين على تمتين علاقتهما وكذلك منع هجوم إسرائيلي على إيران . ومن خلال هذا المنظور يبدو أن سيناريو الحفاظ على دور أميركي - المهتز أصلاً - ولو في حدوده الدنيا في المنطقة هو السيناريو الأقل سوءاً بالنسبة لإدارة اوباما . وأيضاً انطلاقاً من القلق العميق لدى الإدارة الأميركية ولدى شريحة واسعة من اليهود الأميركيين المؤيدين للرئيس اوباما في ضعف مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة على المدى البعيد في حال استمرار الاحتلال . وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد البحوث «بيو» وأبرزتها وسائل الإعلام الإسرائيلية أن 49% من الأميركيين يؤيدون إسرائيل, مقابل 12% يؤيدون الفلسطينيين. ولكن أظهرت نتائج هذه المسح معطيات مثيرة للقلق لدى الجانب المؤيد لإسرائيل. على سبيل المثال , بينما تبلغ نسبة المؤيدين لإسرائيل في صفوف الحزب الجمهوري 66%, بلغت تلك النسبة في صفوف الحزب الديمقراطي 36% فقط. وبلغت في أوساط الشباب من 30 عاماً وما دون 39% , مقابل 19% منهم يؤيدون الفلسطينيين. ولم يتطرق استطلاع مركز بيو إلى مواقف السود والهسبانيين. ولكن استطلاعات رأي أخرى أظهرت أن التأييد لإسرائيل في أوساطهم أقل منه في أوساط الناخبين البيض . وفي حال استثنينا من الصورة اليهود المؤيدين للديمقراطيين فإن الصورة الديموغرافية لمن يعبرون عن الانخفاض في التأييد لإسرائيل أو عدم الاهتمام في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني من ديمقراطيين أو شباب أو غير بيض تشبه إلى حد كبير صورة من شكلوا الائتلاف الانتخابي الذي أدى إلى فوز اوباما في الانتخابات الأميركية الأخيرة , والذين يفترض أن تتعزز قوتهم السياسية في السنوات المقبلة. في الحقيقة ليس لدى اوباما ما ينتظره من حكومة إسرائيل , لكن لدى الجمهور الباحث عن السلام في إسرائيل ما ينتظره من اوباما. ينتظر منه أن يعرض مثلاً رؤيا عملية لا تقتصر على طرح شعارات (دولتين لشعبين). ليقل بصراحة أن واشنطن على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ويعرض خريطة تبين حدود إسرائيل وفلسطين , وأيضاً يبين كيف ستكون سياسة الولايات المتحدة في حال استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات , ويعرض مساعدة مباشرة على الحكومة الفلسطينية تزيل التهديد الإسرائيلي الدائم على أموال ضرائب السلطة الفلسطينية. هذا هو المطلوب من رئيس يرى أن استمرار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يشكل تهديد على وجود ومكانة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط , تلك المكانة الآخذة في التراجع والتقلص , وهو بالتأكيد لا يمكنه الاكتفاء بالوقوف ذليلاً صاغراً , مثل متسول ينتظر من إسرائيل تقديم تفضلات على الفلسطينيين. مهما تكتسب عملية الإفراج عن أسرى وتبادل أراضي من أهمية فهي تمثل إهانة لمفهوم (الحل السياسي). ويمكننا أن نتخيل مدى الجدل الواسع الذي سينفجر في الكنيست حول مسألة الإفراج عن الأسرى ومن هم ومتى سيتم الإفراج . وسوف تصبح هذه التفضلات (تبادل الأراضي) لا الثمن الواجب على إسرائيل دفعه للتسوية هي مركز الجدل العام. هذا هو الحد الأقصى الذي ننتظره من اوباما.ونسأل هنا هل التزام الولايات المتحدة التاريخي بأمن إسرائيل هو أن تضمن لها تدفق شحن الأسلحة لها ؟ أو القبة الحديدية ؟ أم هل هو بيع أحدث الطائرات الحربية أو القنابل الدقيقة الإصابة ؟ هذا هو المفهوم الذي يباعد بين حدي معادلة الأمن والسلام . إن كان هذا هو مسعى الإدارة الأميركية للتسوية السلمية , لا يوجد ثمة شيء نتوقعها منها . بقلم تسيفي برئيل |
|