|
شؤون سياسية بل تعدت ذلك في مهامها أمام الدول الأعضاء لتحتل دور الشريك الحقيقي في صناعة وإدارة واستثمار الأزمات الدولية خدمة لأهداف استعمارية وعنصرية تتعارض كلياً مع مبادئ الأمم المتحدة والقوانين الناظمة لعملها في مخالفة صريحة لميثاقها الأساسي الذي أقرّ صراحة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ، و أقرب صورة عن هذا الدور المشبوه ما جرى في الجمعية العمومية للأمم المتحدة مؤخراً بخصوص الأزمة السورية بطلب وتحريض من قبل السعودية وقطر ، و ما سبق ذلك من ضغوط كبيرة مورست على الموفد الأممي « كوفي عنان » منذ الأيام الأولى لاستلام مهمته في سورية بغية إفشال مبادرته التي لم تلق أي تأييد من قبل أعداء سورية ، حيث بدأت قنوات التحريض والكذب المأجورة العمل ليل نهار لتصوير عجز « عنان» عن تنفيذ خطته ذات النقاط الست التي اعتبروها ميتة قبل أن تصل إلى الأراضي السورية ، ما يُثبت من جديد بأن هناك حلقة ضائعة بين الأمم المتحدة كمنظمة دولية وبين طموحات شعوب العالم وتطلعاتها المشروعة نحو الحرية والديمقراطية على أن تكون هذه المنظمة الحامل الآمن لها نحو الحضارة والسلم الدولي . صحيح إن القرار الظالم واللاعقلاني الذي مرره عملاء الاستعمار الغربي من أعراب الخليج في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد الحكومة السورية وشعبها ليس ملزماً ولايُساوي في قيمته ثمن الحبر الذي كتب به ، لكنه كما وصفه مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري بأنه قرار « هستيري وتضليلي» يحمل في طياته الكثير من التجاوزات والافتراء ومجافاة للحقيقة ، ما يُضلل الرأي العام و يُهدد الجمعية العمومية للأمم المتحدة بفقدان مصداقيتها التي أصبحت تُحركها أموال النفط القذرة ، كما إن مثل هكذا قرار يُعد مؤشراً خطيراً على ضعف المنظمة الدولية وإمكانية بعض الدول القزمة الخارجة عن سياق التاريخ والجغرافيا أن يكون لها التأثير على المجتمع الدولي والمنظمة الأممية والقدرة على تغيير قواعد عمل المنظمة الدولية وحرفها بشكلٍ فاضحٍ عن دورها المحدد في ميثاقها العام والذي يُحدده نظامها الداخلي الذي تم مخالفته بشكلً صريح في عملية قفز لا أخلاقية على القوانين والتشريعات الدولية من أجل تحقيق سياسات خاصة خارج إطار الحق والعدل المطلوبين ، والسؤال الذي يتبادر لذهن أي متابع هنا هو : أين أبسط معاني الحرية والديمقراطية التي يتشدق بها شيوخ العمالة في قطر والسعودية وهل يوفرون لشعوبهم أدنى مستوى من معايير حقوق الإنسان ؟ في حين يُحاولون في كل يوم رفع مستوى حملتهم المسعورة ضد سورية مستخدمين كافة الوسائل والسبل لتدمير آخر دولة عربية لم تزل طاهرة من دنس الاستعمار وعملائه ، كما كانت لوقت قريب ملاذاً آمناً لكل عربي حر ، لتُكافئ سورية على مواقفها القومية والعروبية وعلى احتضانها للعرب والدفاع عن قضاياهم ومصالحهم القومية بإرسال المال والسلاح للإرهابيين والتكفيريين من ممالك العصابات العائلية في قطر والسعودية ليقتلوا الشعب السوري ويخربوا ويحرقوا الأملاك العامة والخاصة ، بحجة الحرص على حياة السوريين ! ربما تكون الأزمة السورية وفق تقديرات المحللين من أهم الأحداث التي حصلت في التاريخ الحديث ، لأنها كانت نتاج عمل دؤوب لقوى الشر الكبرى في العالم التي خططت لها منذ أمدٍ بعيد وبدقة فائقة وبمشاركة عملاء يدعون الانتماء العربي ، وجهدت تلك الدول الكبرى في رسم سيناريوهات إسقاط الدولة السورية خدمة للكيان الصهيوني المتضرر الوحيد في العالم من بقاء سورية قوية ، لكن صمود الشعب السوري وحكمة قيادته وبسالة جيشه البطل جعلت من سورية قلعة محصنة في وجه أعدائها مهما حاولوا من التضليل والفبركة وطرح البدائل ستعرض جميع خططهم للفشل ، وهذه الحقيقة المؤكدة أعطت حلفاء دمشق الدوليين زخماً سياسياً كبيراً لتغيير قواعد اللعبة الدولية وإلغاء مرحلة السيطرة على العالم ومقدراته من طرف واحد ، وبالتالي فرضت الأزمة السورية حالة من التوازن الدولي الجديد على الساحة الدولية لم يكن قد ولد لولا قوة سورية وثباتها على النهج . |
|