|
شؤون سياسية في حين يسمي المقاومون الأجانب (ارهابيين) يسمى المرتزقة في الخطاب الأميركي, والغربي, بالحراس الشخصيين, وهم لا يخضعون للقوانين العسكرية, وينفذون الأوامر بأساليبهم المعروفة, ولا يشكلون عبئاً على الخزينة الحكومية التي تتبناهم في حال موتهم, ومعظم الذين ينشطون في بغداد والجنوب جندتهم الولايات المتحدة, وهم مرتزقة وعسكريون متقاعدون ورجال كوماندوس تخلوا عن وظائفهم ليكونوا في العراق مستغلين الإغراءات المالية الخيالية, فما قصة (بلاك ووتر) الجيش الرديف وما دورها الحقيقي في عراق الاحتلال?. بقيت (بلاك ووتر) تعمل في الظل حتى 31 آذار عام 2004 عندما تعرض أربعة من جنودها في الفلوجة للهجوم وقتلوا, وقامت الجماهير الغاضبة بجر جثثهم في الشوارع وحرقتها وعلقت جثتين منها على ضفاف نهر الفرات, ومن هنا بدأ يحدث تحول في الحرب على العراق حيث قامت بعد عدة أيام القوات الأميركية, بمحاصرة الفلوجة وقتلت مئة ألف وهجرت مئتي ألف من أبناء المدينة, ما أشعل مقاومة شرسة تستمر في اصطياد أفراد قوات الاحتلال ومرتزقة الشركات الأمنية حتى يومنا هذا وقد سقط منهم المئات. ويشير المراقبون المستقلون إلى أن أعداد القتلى والجرحى هي أكثر من ذلك بكثير, وهذا يفسر اختلاف أعداد القتلى بين بيانات المقاومة في العراق وبين بيانات الجيش الأميركي, فهؤلاء المرتزقة لا يعلن عن الخسائر في صفوفهم سواء في الأرواح والمعدات وهذه الخسائر لا تقل عن الخسائر التي يمنى بها الجيش الأميركي, فبعد أسبوع من انتهاء مهام دونالد رامسفيلد في البنتاغون صارت القوات الأميركية في أضعف حالة لها فيما تخوضه من (حرب على الإرهاب) ما جعل كولن باول ,وزير الخارجية السابق يعلن (أن الجيش الفعال يكاد أن ينهار) وبدلاً من أن تعيد الإدارة الأميركية التفكير في سياستها, قامت بالتمادي في زيادة عدد القوات في العراق, كما أن بوش قد روج لزيادة القوات ودعمها بتأجير المدنيين ذوي القدرات الجيدة ليتولوا أداء المهام المطلوبة. صحيفة (واشنطن بوست) نبهت إلى هذه المشكلة في وقت مبكر من عام 2004 حين كشفت أن فرقاً عسكرية (مغاوير) من النخبة استأجرتها حكومة الولايات المتحدة لحماية الموظفين وضباط الاستخبارات في العراق وقالت إن وصفهم بالمتعاقدين العسكريين مع الحكومة ليس دقيقاً والوصف الصحيح هو (جنود مرتزقة) وتحدثت عن إرسال الآلاف منهم إلى العراق. وفي كانون الأول 2006 كتب مارك همنغواي في مجلة (ويكلي ستاندرد) واصفاً موظفي هذه الشركة بأنهم (محاربون بالأجرة) كما صرح كريس تايلور أحد مديري شركة (بلاك ووتر) أنه يمكن إرسال قواتها لاستعادة الأمن إلى دارفور بغطاء من الناتو والأمم المتحدة, وكان رئيس الشركة غاري جاكسون قد قال في حديث صحيفي نادر: إن الشركة توقع عقوداً مع حكومات أجنبية منها حكومات دول مسلمة لتقديم خدمات أمنية بموافقة الولايات المتحدة. الصحفي الأميركي (جيرمي سكيل) كتب في صحيفة لوس أنجلوس تايمز تحت عنوان (مرتزقتنا في العراق) أن المرتزقة يشكلون اليوم ثاني أكبر قوة في العراق, مضيفاً (هناك مئة ألف في العراق) منهم 48 ألفاً يعملون كجنود خاصين تبعاً لتقرير صادر عن مكتب المحاسبة الأميركي, وقبل مقالته تلك, كان (جيرمي سكيل) قد أصدر كتاب (مرتزقة بلاك ووتر.. جيش بوش الخفي) كشف فيه جوانب خفية من عملهم في العراق حيث تصل أجرة الشخص إلى 1500 دولار يومياً, الكتاب يروي بداية انطلاق هذه الشركة, الذي وصفه بأنه أقوى جيش للمرتزقة في العالم, بعد أن تبنى البنتاغون سياسة جيش القطاع الخاص التي وفرت له أكثر من مئة ألف من المرتزقة يقاتلون في العراق لصالح أميركا وهم مخمورون أو تحت تأثير المخدرات. وبالعودة إلى المقال المنشور في صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) ينقل عن شهادة الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات الأميركية في العراق قوله أمام لجنة في مجلس النواب أن وجود عشرات الآلاف من الجنود التابعين لشركات خاصة مهم جدا لتنفيذ المهمة الأمنية في العراق, ويعترف بيتريوس أن حراسته لم تكن من الجيش وإنما من قبل الشركات الأمنية, وقد تم توفير غطاء سياسي للبيت الأبيض من خلال السماح له بمضاعفة القوات في العراق عن طريق القطاع الخاص والتعتيم على الحجم الحقيقي للخسائر البشرية في العراق. وقد اتهم (سكيل) الديمقراطيين بأنهم لم يقدموا أي شيء في هذه القضية رغم إعرابهم عن القلق حيال ما يثار حول دورة هذه الشركات الخاصة في العراق, وقال إن عقودها مع الخارجية الأميركية منذ أواسط عام 2004 وصلت إلى 750 مليون دولار, كما تحدث (سكيل) عن دورهم الذي وصل حتى حماية الرئيس بوش والسفير الأميركي في العراق وكل المسؤولين الأميركيين الذين يزورون العراق وتدرب قوى أمنية أفغانية في منطقة بترولية قريبة من الحدود مع إيران, ويضيف (سكيل) إن لديهم قوات منتشرة في 9 دول, ولمعرفة مدى خطورة شركة (بلاك ووتر) المستقبلية على العالم أجمع يكفي أن نلقي نظرة على الخلفية العقائدية للشركة وقادتها البارزين ويأتي في مقدمتهم: كوفر بلاك الرئيس السابق لوحدة محاربة الإرهاب في (السي, أي , إيه) روبرت ريتشر نائب سابق لرئيس الاستخبارات جوزيف شميتس المفتش العام السابق في البنتاغون, كما أن هناك علاقة دينية بين شركة (بلاك ووتر) و(جماعة فرسان مالطا) الدينية المسيحية التي تعد آخر جماعة للمحاربين باسم الكنيسة لا تزال موجودة منذ آخر الحروب الصليبية, ومؤسس الشركة إيريك برينس يتشارك مع بوش في معتقداته المسيحية الأصولية, وأبوه ادغار برينس وهو سياسي محافظ معروف بعلاقاته مع الجماعات المسيحية الإنجيلية, كما يعرف بتأييده اللامحدود (لإسرائيل) وإيمانه بضرورة استخدام القوة لحماية مصالح الولايات المتحدة. وبعد هذا وذاك, لا بد من الإشارة إلى القرار الأميركي ذي الرقم 17 في عام 2007 والذي يمنح حصانة لهؤلاء المتعاقدين العسكريين بعد الخضوع للادعاء والمحاكمة في بلادهم, فيما يتم تهريبهم من العراق إذا طلبوا من سلطاته القضائىة ,والسؤال: هل سيتم تهريب من ارتكبوا المجزرة الأخيرة والتي راح ضحيتها 17 عراقياً, أم أن الحكومة العراقية ستكتفي بابتسامة كونداليزا رايس واعتذارها مع وعد بالتحقيق أم أنها ستطوى كما طويت غيرها من الجرائم في وقت قامت وزارة الخارجية الأميركية بتجديد عقد شركة (بلاك ووتر) الأمنية لمدة عام واحد?!. |
|