|
بقلم:عوزي بنزيمان وحتى يتم تجسيد ما يقوله ظهرت على الشاشة صورة أطفال من أبناء المستوطنين المتطرفين وهم يلعبون في الساحات, في حين ظهرت المؤشرات والرسائل نفسها خلال مقابلات مع مستثمرين وبعض السكان في حي جبل أبو غنيم الذي سمح بالبناء فيه قبل ذلك بعدة أسابيع. وخلال لقاءات مسؤولين من حزبي (يهدوت هتوراه) وشاس مع رؤساء وقادة مستوطنة (بيتار عيليت) نشر خبر بأن رئيس الحكومة سيسمح بإقامة 600 وحدة سكنية جديدة في (بسغات زئيف) و 800 في (بيتار عيليت) وليس هناك شك بأن الأحزاب الأصولية تحولت إلى رأس حربة المشروع الاستيطاني في ما وراء الخط الأخضر وهي تتنافس فيما بينها حول الصدارة. هناك عملية مثيرة تحدث:المستوطنون الذين يرتدون القبعات المطرزة يصبحون أصوليين, أما الجمهور الأصولي فيتحول إلى جمهور شوفيني متطرف, تقارب الآراء بين المعسكرين يتمخض عن مجموعة ضغط ناجعة تنجح في التأثير على الحكومة بطريقة حقيقية. الضغوط التي استطاعت حركة (غوش ايمونيم) ومجلس (يشع) ممارستها على رئيس الحكومة ووزراء الدفاع المتلاحقين أصبحت الآن رهن إشارة قادة شاس و(يهدوت هتوراه). ايهود اولمرت يحتاج لشاس حتى يحافظ على حكومته وعليه أن يرضي رغبات (يهدوت هتوراه) لتكون عجلة الخلاص اذا ما انفرط عقد الائتلاف. هذان الحزبان يستغلان قوتهما السياسية ويدفعان اولمرت وكأنه دمية مربوطة بالخيط, اولمرت يحاول التظاهر بأن استجابته لمطالبهما يجري المبالغة فيها, إلا أنهما ينجحان من الناحية الفعلية في فرض جدول اعمالها في مجال الاستيطان وراء الخط الأخضر وبذلك يؤثران على الساحة الإسرائيلية- الفلسطينية كلها. قيادة الجمهور الأصولي الاشكنازي الروحانية نادت دائماً باتباع نهج حذر تجاه العرب في إسرائيل, هذا الموقف علل بأسباب توراتية شرعية تتمثل في اعتبارات الحفاظ على الأرواح ومنع إراقة الدماء, الجمهور الأصولي الاشكنازي اختار تمييز نفسه عن هذا الواقع واعتبر الدولة بأسلوب حياتها كياناً يتوجب الاحتكاك معه بأقل قدر ممكن. ومن بين ما نتج عن ذلك نظام ( توراتهم حرفتهم) الذي أعفى أبناء المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية وتسبب في نشوء جهاز تعليمي مستقل, وأحياء ومدن خاصة بالأصوليين, ودرجة متدنية من الاستعدادية لتحمل الأعباء العامة. حركة شاس التي تشكلت على خلفية اجتماعية وثقافية مغايرة تقاد من قبل سياسيين كيفوا أنفسهم مع نهج الحياة الأصولية الاشكنازية ومن خلال راع روحي يتنازل عن آرائه ومواقفه أمام مواقف أساتذة الجيل الاشكنازي. قادة الجمهور الأصولي الاشكنازي والشرقي على حد سواء يقومون الآن بانعطاف تاريخي هزلي ويؤدون دوراً صقرياً متشدداً على المسار السياسي ومن ورائهم جمهور منضبط ومنصاع. على المستوى الاخلاقي كان من الصعب للوهلة الأولى التظلم من المواقف السياسية التي يتخذها الحاخام يوسف شالوم اليشيف والحاخام عوفديا يوسف لو أنهما أمرا أتباعهما بتحمل تبعات هذه المواقف. إنهم وخلافاً لمعتمري القبعات المطرزة من المستوطنين الذين يخوضون المخاطر المترتبة على قرارهم ويؤدون الخدمة العسكرية,يتهربون من الخدمة في الجيش ويلقون مسؤولية الدفاع عنهم وهم يعيشون في الأحياء والمستوطنات الواقعة خلف الخط الأخضر على الآخرين. هذا واقع غريب الأطوار القوة التي تحرك مطلب تكثيف الاستيطان اليهودي في المناطق هي مجموعة سكانية غير مستعدة لتحمل العبء المترتب على ذلك, وذات علاقة انفصالية ورفضوية مع الدولة. السؤال هو إلى متى سيسلم الجمهور العريض بذلك? |
|