|
مرايا اجتماعية وبدلاً من التحدث عن هذه المناطق المحرمة يلجأ الأزواج إلى التحدث عن موضوعات لا ضرر منها ولا نفع، كالطقس والجيران وآخر الشائعات ويتركون المشكلات التي تضمها المناطق المحرمة، يتركونها تنمو وتتضخم حتى تحيل الزواج إلى جحيم أو تقضي عليه بالطلاق. وإلى مؤامرة الصمت يعزى 58٪ من المشكلات الزوجية التي يقصد الأزواج بسببها مكاتب الاستشارات الزوجية، هذا عدا الذين يقصدون فوراً المحاكم يطلبون الطلاق. فقد أحصى علماء النفس والاجتماع أسباباً كثيرة تفضي إلى تقويض الزواج أو إشاعة التعاسة بين الزوجين، ولكن ثمة سبباً واحداً يفوق في الأهمية كل ما أحصي من أسباب حتى إنهم اعتبروه العدو رقم واحد وإن قد خفي على الكثيرين أنه الصمت.. وبرغم خفاء هذا السبب فما أشيعه بين الأزواج. يصمت الزوج فلا يتحدث عن همومه المالية أو متاعبه في العمل أو شعوده بعدم الاستقرار؟ وتصمت الزوجة عند شعورها بأن زوجها لم يعد يحبها أو يرى فيها الجاذبية التي كان يراها قبل الزواج أو تخفي ما اشترته بوحي اللحظة وراء ستار كثيف من الصمت ولا تكاد تكون هناك مشكلات زوجية تخلو من سوء الفهم الذي يدفع إليه الصمت عن المسائل المهمة وفيما يلي نماذج من حالات سوء الفهم: - قال الزوج لزوجته وهما على مائدة العشاء مشيراً إلى الطعام لقد تناولت هذا الطعام نفسه من، قالها الزوج مشيراً إلى المصادفة ولكن زوجته اعتبرت قوله سخرية من عدم اهتمامها بتنويع الطعام! وقال زوج آخر لزوجته.. لقد أعطيتك بالأمس ألف ليرة.. وكان يقصد بهذا أنه لن يستطيع أن يدفع اليوم شيئاً آخر ولكن زوجته اعتبرت ذلك منه اتهاماً بسوء التدبير. وفي إحدى الحفلات أطرى الزوج على هندام إحدى صديقات الأسرة، أما الزوجة فقالت لنفسها إن هندامي وشكلي لم يعودا يعجبه وأفسدت الليلة برغم أن الزوج لم يعلق عن شكلها. وفي تعليقه على هذه النماذج بين الاستشاري النفسي زهير رمال أن الزوج الغاضب لم يعِ فهم ما يقوله شريكه فهو مشغول عن فهم ما يقول الشريك وتقييمه بقيمته الحقة بإنشاء الحواجز داخل نفسه بينه وبين شريكه ومن ثم فهو بدلاً من أن يحاول فهم ما قيل يضفي على هذا القول معنى خاطئاً. فالزواج السعيد هو حصيلة الرفقة التي شهدتها أيام الخطبة مضافاً إليها حسن المعاشرة والرضا الجنسي ولكن واحداً من هذه الأسس لا يمكن أن يقوم إلا على أساس الاتصال والمناقشة والحديث على أساس الآخذ والعطاء فهذا أوثق عرى الصلات الإنسانية وينبغي على الزوجين أولاً أن ينميا حسن الفهم والإدراك وأن يتعلما ماذا سيكون رد الفعل في كل منهما تجاه فعل معين أو موقف معين. فمثلاً تستطيع الزوجة في هذه الحالة أن تشتري حذاء جديداً دون أن تشاور زوجها ويستطيع الزوج في ظل هذه الثقة أن يذهب إلى النادي ليزاول رياضة واثقاً من أن زوجته تقدر حاجته إلى الترفيه. والاستقلال أيضاً يقضي بدوره إلى حسن الاختيار كأن يقرر الزوجان أن يذهبا إلى السينما بدلاً من المسرح أو أن يقرر البقاء في البيت إذا كانت الأجواء ممطرة.. فحسن الاختيار هو ذروة التوافق الزوجي ولكن هذا التوافق لا يمكن أن يتم بغير الاتصال والنقاش ومجابهة أي مشكلات تنشأ ومشاطرة كل منهما الآخر مخاوفه وهمومه وآماله ورغباته وليست الكلمات هي وسيلة الاتصال دائماً فرب ابتسامة أو تقطيبة أو هزة من كتف تؤدي إلى المعنى المقصود. ويضيف الاستشاري النفسي أن مشكلات الصمت مشكلات مخادعة غادرة تبدأ بالتوافه وتنتهي بجسائم الأمور فقد تصمت الزوجة عن سوء سلوك أطفالها لأنه فيما ترى أنه أمر تافه فإذا تحول سوء السلوك فيما بعد إلى شيء خطر وعلم به الزوج تساءل لماذا لم تخبره زوجته من البداية ومن ثم ينشب الشجار أو قد يرى الزوج أن لقاءه بصديقة قديمة في الشارع مصادفة أمر قد لا يستحق الذكر فلا يرويه لزوجته ولكنها تعلم به فيما بعد بشكل أو بآخر؟ فتظن به الظنون ومثل هذه الأمور البسيطة قد تؤدي إلى إحلال عدم الثقة محل الثقة ومن ثم تتسع دائرة الصمت وتتسع معها دائرة الشكوك!! ومع توفر حسن النية فإن الصمت لا يجوز فهو يفقد الزواج أحد المقومات الأساسية التي يرتكز عليها التوافق الزوجي وهو الاتصال على أنه إذا كان الصمت من المشكلات الشائعة فهو من أسهل المشكلات حلاً ففي استطاعة الأزواج أن يتعلموا كيف يتحدث أحدهم إلى الآخر باتباع هذه القواعد. - تأكد من أنك فهمت ما قيل والمعنى المقصودمنه ولا تضفي على الكلمات معاني من عندك واكتشف موضوعات آمنة للحديث تلجأ إليها إذا أنذرت بالخطر فإذا كان الحديث عن الحال سيتطور إلى شجار فتحول إلى حديث عن الشائعات أو أي موضوع آخر. - تعلم أن تضحك من فشلك وتوقع هذا الفشل واعتزم معاودة بذل الجهد لتحقيق النجاح وما يساعد على التغلب على مشكلات الصمت حقيقة نفسية معروفة متصلة بالدوافع مثل ذلك عندما ترى شخصاً يقود رجلاً أعمى ليعبر به الطريق قد تعتبر أن هذا الشخص يتباهى أو يتفاخر ولما كان لا علم لك بالدافع الذي دفعه إلى ذلك فالأرجح أنك تعبر عما بنفسك أنت وأن يكون هذا دافعك لا دافعه فتعلم أن تعزو أحسن الدوافع إلى ما يقال لك فإذا استقبلتك زوجتك قائلة: «خمن ماذا حدث اليوم.. فتعلم أن تظن بأن مبلغاً من المال أتى إليك بدلاً من أن تظن أن صاحب البيت يطلب إخلاءك من المنزل». |
|