|
موقع americans knew ثارت موجة من السخط ضدها، ما اضطرها الى تقديم استقالتها، لكن ذلك لم يشفع لها ولا تاريخها المهني كون مشاعر اليهود والاسرائيليين قد جرحت واجبرت على الاستقالة من منصبها بعد خمسين عاماً أمضتها في تغطية أخبار البيت الأبيض والمؤتمرات الصحافية. قبل التعمق في تصريحاتها دعونا ننظر الى الممارسات الاسرائيلية الاخيرة . ففي 31 الشهر الماضي قتلت قوات المهمات الخاصة الاسرائيلية اكثر من تسعة متضامنين كانوا في طريقهم الى غزة لتقديم مساعداتٍ انسانية . ومعظم المتضامنين قتلوا من مسافة قريبة جدا من بينهم مواطن امريكي يبلغ 19 عاما قتل بأربع رصاصات في الرأس وواحدة في الصدر اطلقت عليه من بعد متر واحد . القوات الاسرائيلية احتجزت المتضامنين وصادرت ممتلكاتهم الخاصة ومنعتهم من الحديث مع الصحافة. وبعد الإفراج عنهم، تحدثوا عما شاهدوه من وحشية عسكرية دموية من قبل القوات الاسرائيلية. وقد نشر المتضامنون الامريكيون الذين تعرضوا للاصابات المختلفة في رحلتهم صورهم في الانترنت لكن شبكات التلفزة والصحف الاميركية رفضت بشكل مطلق اجراء مقابلات معهم او نشر صورهم . باسم ابراهيم ابو رحمة قتل من مسافة قريبة خلال مشاركته في مسيرة ضد مصادرة الاراضي الفلسطينية . وهناك شريط فيديو مصور لعملية قتله يعرض على اليوتوب ولكن الشبكات الامريكية رفضت نشره . كذلك ريسان اندرسون من ولاية كاليفورنيا تعرض لإطلاق نيران في الرأس في حادث مشابه وهو يلتقط صورا للمتظاهرين الفلسطينيين، وقد أزيل جزء من دماغ اندرسون من مكانه جراء الطلقة التي أصابته وبقي في اسرائيل لمدة سبعة اشهر، قبل أن ينقل الى الولايات المتحدة حيث يجلس اليوم على كرسي متحرك ويعجز عن تحريك طرفه الايسر ويعاني من العمى في إحدى عينيه . وصور العملية موجودة على الانترنت ايضا، ولكن الإعلام الأمريكي لا يتعامل معها . ومنذ عام 2006، اغلقت اسرائيل قطاع غزة وسجنت أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني داخله. ويعاني الفلسطينيون هناك الكثير بسبب عدم توفر الغذاء والدواء ومواد البناء، وهو ما وثقته منظمة العفو الدولية والاوكسفام التي قالت: إن اسرائيل تستخدم الغذاء والدواء كسلاح. وكثير من الناس من بينهم أطفال صغار فقدوا حياتهم جراء رفض اسرائيل السماح لهم بالخروج للعلاج . كما أن عدم سماح اسرائيل بدخول الدواء جعل الكثير من أصحاب الامراض المزمنة يفقدون حياتهم . ومع هذا كله لا نجد أي تركيز في الصحافة الأمريكية على هذه الجوانب . الناس الذين يقتلون بالرأس والعيون وتدمر أجزاء من أدمغتهم ، كبار السن الذين يتعرضون للضرب والمرضى من النساء والاطفال الذين يموتون جراء عدم سماح اسرائيل لهم بالخروج للعلاج .. كل ذلك لا يثير أي غضب في أي وسط داخل أمريكا. معظم هذه الحوادث اعتبرتها الصحافة الاميركية غير مهمة وامتنعت عن التعاطي معها. وعلى العكس تماما نجد آلاف التقارير الصحفية الغاضبة من تصريحات توماس البالغة 89 عاماً التي اعتبرت معادية للسامية . خلال حياة هيلين مارست اسرائيل سياسة التطهير العرقي، ما ادى الى مقتل آلاف الفلسطينيين وتهجير مئات الآلاف ليحل مكانهم مستوطنون من جميع انحاء العالم، وقامت في الوقت نفسه بعشرات المذابح وعذبت آلاف الفلسطينيين وقتلت عدداً غير معروف من الاطفال ومارست الوحشية بحق النساء وكبار السن والضعفاء والمرضى، واغتالت الكثير من الشخصيات في ارجاء العالم واحتلت عدة دول وتجسست على الولايات المتحدة وجرحت اكثر من 200 أمريكي وعذبت وسجنت الأمريكيين ممن يتعاطفون مع الفلسطينيين . ومع كل هذا ما زالت الاموال الأمريكية تغدق عليها اكثر من أي دولة اخرى. لسنوات عدة كانت هيلين توماس هدفاً للامريكيين المتعصبين لإسرائيل الذين يعلقون في الصحافة الأمريكية على نظراتها ونسبها اللبناني بالرغم من مولدها ونشأتها في ولاية كنتاكي . وأحد أسباب كرهها هو أنها واحدة من أبرز الصحفيين القلائل الذين هاجموا الأكاذيب التي قادت الى الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة وادت الى القتل والدمار والتراجيديا، فضلاً عن مواصلتها فضح سياسات العنف والإجرام . والمجموعات ذاتها التي دفعت الولايات المتحدة الى شن حرب ضد افغانستان والعراق تقوم حالياً بجهود حثيثة لدفع الولايات نحو حرب جديدة مع ايران والحجة جاهزة وهي مخاوف من سعي ايران لامتلاك اسلحة نووية . وتعمل توماس على الإيضاح أن اسرائيل تمتلك ايضا اسلحة نووية بينما يعمل الإعلام الامريكي على التغطية على ملف اسرائيل النووي ولا يتعرض احد له وتوماس تعمل على كشفهم . دعونا نرجع الى الندوة التي تكلمت فيها عن اسرائيل . تقدم رجل يحمل كاميرا وضعها في وجه هيلين وسألها: هل من تعليق على إسرائيل؟ وأجابت بالقول: «بحق الجحيم ليخرجوا من فلسطين.»وسأل مجدداً بالقول: «هل من تعليق أفضل على إسرائيل؟ وأجابت: «تذكر.. هؤلاء تحت الاحتلال وهذا وطنهم.. فهذه ليست ألمانيا ولا بولندا»، ولدى سؤالها «إلى أين سيذهب اليهود؟» أجابت «ليعودوا إلى وطنهم إلى بولندا وألمانيا، إلى الولايات المتحدة، إلى أي مكان آخر». بينما اعتذرت هيلين عن تصريحاتها ، لا يزال المستوطنون يعيشون في الأراضي التي احتلها الجيش الاسرائيلي وهو احتلال غير شرعي للأراضي الفلسطينية . وعلق الكثيرون في الصحافة الاميركية على تصريحات هيلين بالقول: إن هتلر لا يزال في ألمانيا وبولندا بانتظار عودة اليهود للانقضاض عليهم . رغم أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،اصبحت المانيا حسب النيويورك تايمز، البلد الذي يرغب اليهود بالعيش فيه، بل كثير من اليهود باتوا يفضلون الهجرة الى المانيا اكثر من اسرائيل . ودعوة هيلين للمستوطنين بالعودة الى الولايات المتحدة والتي كانت حديث الصحافة الاميركية هي في الواقع حقيقية، كون الكثير من المستوطنين الذين يسكنون الضفة الغربية هم من الولايات المتحدة. طبعاً المقالات التي نشرت على تعليقات هيلين بعيدة كل البعد عن المعايير الصحفية، فلم نر أي مقال يساند تصريحاتها، وكل المقالات كانت تدينها، بينما نرى الكثير من المؤيدين لها على اليوتيوب . وعلى سبيل المثال ، في صحيفة الواشنطن بوست، استشهد الكاتب هاورد كيرتز بجيفري جولد برغ دون أن يذكر أن جيفري إسرائيلي ، وقد عمل في سجن اسرائيلي يضم مئات الفلسطينيين دون أي تهم وبعضهم قتل بدم بارد. من غير المعروف من سيشغل مقعد هيلين في الصف الأول في غرفة الإفادات الصحافية بالجناح الغربي بالبيت الابيض. واعلان رابطة مراسلي البيت الابيض أن تصريحات توماس لا يمكن الدفاع عنها اعطى المؤيدين لإسرائيل احساساً كبيراً بالراحة. بقلم : Alison Weir |
|