تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لم يشهد التاريخ لها مثيلاً

دراسات
الأربعاء 14/5/2008
د. علي أبو الحسن

ها قد حلّت الذكرى الستون لنكبة عام 1948 التي حلت بفلسطين العربية وشعبها العربي ولا أستطيع أن أصفها أنها نكبة فلسطينية تأثر بها مباشرة شعبها الصابر الشجاع الذي كان تأثر بها تشريداً وحرماناً ولجوءاً وتقتيلاً وتمزيقاً لأوصاله وتشتيتاً لعائلاته وفكاً للحمته الاجتماعية ولبنيته بسبب ضياع أرضه واحتلالها والاستيطان فيها.

أقول لا أستطيع تحديد آثار النكبة بفلسطين وشعبها لا بل إنها كانت وما زالت نكبة عربية أيضاً فلم يعرف العرب ولا سيما عرب الجوار لفلسطين -أي الدول المواجهة- طعم الاستقرار لأن من تسبب بنكبة فلسطين لم يكن يستهدف فلسطين فقط بل كان الهدف الدول العربية المجاورة فهاهم هؤلاء الأوغاد الغزاة مطايا الصهاينة الذين تسببوا بنكبتنا واستوطنوا أرضنا وجاؤوا تحت ذريعة طلب المأوى بعد أن زعموا باضطهاد أوروبا الشرقية لهم هاهم يعتلون الجبال ويفيضون بشرهم وعدوانهم على الدول العربية المجاورة بقصد احتلالها ولو لأجزاء منها في تسلل احتلال بشري لم تعد فلسطين كافية له بل هو يحاول استهداف احتلال الدول المجاورة هذا إن استطاع ولكنه طوال ستين عاماً لم يستطع وإن استطاع احتلال الأجزاء ولكن احتلال بتهديد للكل أيضاً ومن هنا اردت القول: إن نكبة فلسطين كانت أيضاً نكبة عربية ألم تهتم ومنذ ذلك التاريخ الأمة كلها بفلسطين وبشعب فلسطين ومازالت ?إن شعب فلسطين عندما أجلي عن وطنه بالتهديد والمذابح والمجازر المرتكبة بحقه كان تعداده قرابة المليون ولكنه أصبح الآن عشرة ملايين.‏

ولا أعرف إن كان هذا العدو يعترف بالخطر الماحق الذي يتهدد وجوده بفعل مرور الزمن الذي يقابله طرداً زيادة في اعداد شعب فلسطين الذي يتطلع أبناؤه للعودة عدا قلة آثرت وظنت نفسها أنها لم تعد ترغب بالعودة إلى فلسطين والحمد لله أنهم قلة إلا أن الأغلبية العظمى لهذا الشعب العظيم الذي يستمد عظمته من عظمة الأمة العربية ووجوده من وجود الأمة العربية التي هي أيضاً تزداد وتزداد حتى وصلت قرابة الثلاثمئة مليون وبحسبة بسيطة جداً فإنه لا يمكن بأي مقياس من مقاييس تطور الشعوب وازديادها وما ينتج عن ذلك التطور والازدياد أن يستطيع عشرة ملايين مقابلة ثلاثمئة مليون هم متجذرون على أرض وطنهم العربي الكبير الذي يتربع على مساحة اثني عشر مليون كيلو متر مربع من الأرض, وهذه حقيقة جغرافية ملموسة ولا بد لهذه الأمة أن تؤثر في مجرى الأحداث وتغير موازين الصراع حتى ولو وقفت ليس الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة الارهاب أو بريطانيا التي كان دورها في تهويد فلسطين وزرع بذور النكبة - إلى جانب هؤلاء المستوطنين الصهاينة اللقطاء الغزاة أسوأ دورٍ في التاريخ وما كان يمكن لهذه النكبة أن تستمر ستين عاماً ويستشهد خارج فلسطين من ولد فيها لولا اتفاقيات الاعتراف بهذا الكيان وتناسي الأخطار المتولدة عن وجوده فوق أرضنا الحبيبة في فلسطين.‏

إن اتفاقيات الاعتراف بهذا الكيان هم الخطر الأكبر الذي زاد في حجم المأساة وعمق نتائجها ببقاء شعب فلسطين مشرداً تحت كل نجم وكوكب لأن الاعتراف بهذا الكيان ليس إطالة في بقائه سرطاناً في قلبنا في فلسطين فقط بل إعطاؤه شرعية البقاء مستوطناً لأرضنا سارقاً لخيراتنا ممعناً في جرائمه التي يرتكبها صباح مساء في أرضنا في فلسطين عدا كون الاعتراف به هو تهديد أيضاً للدول العربية المجاورة بحيث تكون هذه الاتفاقيات الاعترافية بضرورة أن يكون عدوان مستفحل كل يوم يهدد الأمن القومي العربي وإن بقي التهديد الأكثر عبئاً هو على الشعب الفلسطيني الذي ما زال يكافح من أجل البقاء ووقوفه وحيداً أمام الآلة العسكرية الصهيونية التي ما زالت تحرق الأرض وتقتل الإنسان متعمدة تيئيس شعبنا وإرغامه على الرضوخ والاستسلام ولكن هيهات أن يتسنى لهذا العدو الدخيل ذلك, لكن لا بد لي كعربي من فلسطين عمري من عمر النكبة التي كنت شاهداً عليها أن أعترف أنه إذا اعترف العالم كله بهذا المحتل الصهيوني الغاضب فإن هذا لا يؤثر أبداً في معنويات شعبنا العربي الفلسطيني ومطالبته اليومية بأرضه والعودة إليها ولكن الذي يؤثر وما أعنيه تماماً أن يعترف بعض الفلسطينيين ويوقعوا باسم كل الفلسطينيين بشرعية احتلال فلسطين لأن هذا الاعتراف هو الذي كان يسعى إليه من احتل أرضنا في فلسطين وهدد أمتنا واستنزف خيراتها وأموالها بالمساعدات والتبرعات وأرهق شعوبها بتحمل أعباء شعب فلسطين. وما يمكن أن يعبر تماماً عما أعنيه ما قاله الوزير الصهيوني يوسي بيلين عندما وقعت اتفاقية اوسلو الجبانة لقد قال ذلك الوزير الصهيوني:إن إسرائيل كانت تعتدي وترتكب المجازر دون شرعية لكن اليوم في 13 أيلول 1993 أصبحت إسرائيل شرعية.‏

نعم هذا ما عبر عنه أحد مسؤوليها ومع الأسف يحتسب عند العملاء أنه من الحمائم الصهيونية والحقيقة التي تقول إن لا حمائم في الكيان الصهيوني بل بومات وصقور وإن صدقهم البعض الذين تجاهلوا خطر إسرائيل لا بل اعترفوا به ودائماً أقول: إن الخطر هو أن تتجاهل الخطر هو وإذا تجاهلنا خطر إسرائيل فهذا هو الخطر بعينه إن مطالبة شعب فلسطين في كل مكان في العالم بالعودة إلى وطنه فلسطين هو السبيل لمحو اثار النكبة التي تتمثل أساساً بوجود شعب فلسطين خارج فلسطين لاجئاً يهيم على وجهه محروماً من أبسط حقوق الإنسان إذا كانت سورية العربية قد خرجت عما هو مألوف من حيث معاملة الفلسطينيين مع أبنائها في الحقوق والواجبات فإن هذا يجب ألا ينسي شعب فلسطين المطالبة بعودته ثم إن مطالبة شعبنا العربي الفلسطيني بالعودة إلى أرض الآباء والأجداد ليست ضرورة وطنية فلسطينية بل هي ضرورة قومية حفاظاً على أمننا القومي لأن الأمن العربي لا يتجزأ أبداً ولن يكون الأمن القومي العربي مصاناً وقوياً إلا بتوحيد الفكر القومي العربي تجاه الاحتلال الصهيوني إذ إن الأمن القومي العربي يكون مخترقاً ومهدداً إذا كانت هناك دولتان عربيتان أو أكثر تقيم علاقات عادية مع من يهدد الأمن القومي العربي باستمرار ألا وهو العدو الصهيوني الذي سبب نكبتنا الفلسطينية العربية هذه لستين عاماً.‏

رئيس حركة عودة الشعب العربي الفلسطيني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية