|
آراء
أخيراً ..وبعد انتظار..جاءت الزيادة المنتظرة,والمواطن يعرف ويقدر أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ,ولكنني أريد أن أسأل الحكومة الكريمة: هل الحل دائماً في زيادة الرواتب والأجور,أو برفع الدعم عن هذه السلعة أو تلك كلياً أو جزئيا ,وإلى متى يمكن القيام بذلك?! ...المعالجات المعمقة والجذرية والصحيحة لاتتم بالدوران في هذه الحلقة, فثمة جوانب كثيرة يمكن أن تتحقق من خلالها زيادة في دخل المواطن وتحسين حالته المعيشية دون زيادة في الرواتب والأجور,لأن زيادة الرواتب والأجور في الأساس هي رد فعل على واقع غير طبيعي! سأجتهد كما يفعل بعضهم في عرض وجهة نظر,ربما تكون ذات فائدة: أولاً:يجب وقف التهريب بالكامل ,مهما كان حجمه وتعددت أساليبه ,فالنزيف الذي يحدثه التهريب في الاقتصاد الوطني خطير جداً وقاتل,فهل صار مستعصياً لايمكن معالجته,وهل الجهات التي تقف وراءه أو تمنحه الضوء الأخضر أقوى من إرادة الدولة,فالدولة عندما (تكشر) عن أنيابها كما يقول المثل العامي لابد للمرتكب والمهرب والداعم أن يهابها. ثانياً:وقف الهدر القائم في إقامة المباني الحكومية,وفي شراء الأثاث الباذخ جداً الذي نراه في المكاتب والسيارات ولدى لجان الشراء التي تتحسن أوضاع كثيرين من أعضائها بين يوم وليلة. إن من سافر إلى خارج البلد,ودخل مؤسسات حكومية وغير حكومية في بلدان غنية جداً,لم يلحظ هذا البذخ في البناء والأثاث الذي نراه عندنا,لدينا شركات إنشائية ومؤسسات وإدارات أقامت مباني كالقصور بعضها غير مشغول ولاتحتاجها,في الوقت الذي تعاني فيه الخسارة والعجز عن تقديم رواتب لعمالها,لماذا أقيمت..ولماذا الاستمرار في إقامة مبان فخمة وضخمة دون الحاجة إليها?!..هذا سؤال مهم..مع الإشارة إلى أن تنفيذ هذه المباني يجري بشكل سيئ وحول التنفيذ والمنفذين والمشرفين أسئلة كثيرة. ثالثاً:إن التعامل القضائي والإداري مع المرتكبين صار أشبه بمسرحية مضحكة ,فالمرتكب يسرق مال الوطن والمواطن وعندما يحال إلى القضاء يحصل على شهادة حسن سلوك يتباهى بها أمام الناس,لابل يتحول إلى مزايد على الآخرين وعلى النظام وعلى الشرفاء ,ويتكلم عن الفساد والمفسدين ويتهم ويزايد , وجميعنا صادف هذه النماذج التي غادرها الحياء,وإذا كان هؤلاء الفاسدون قد تسلموا مواقعهم وهم في أشد حالات الفقر ,ولم يرثوا عن آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم غير الفقر,فكيف أصبحوا اليوم من كبار المقاولين أو رجال الأعمال?!. رابعاً:يجب دراسة مايجب أن يحافظ عليه من القطاع العام..أي القسم المهم منه في حياة المواطن ولقمة عيشه لأن المواطن هو محور اهتمام الوطن كما يشير ويؤكد الرئيس بشار الأسد في كل المناسبات وكما يوصي الحكومة, وعلى الحكومة أن تؤهل هذا القطاع فنياً وبشرياً ومالياً وأن تبعد من وجهه العراقيل والمرتكبين والفاسدين, وأن تخرجه وتخرج إدارته ومفاصله من ظل الوصايات والمحسوبية,مع إجراء قراءة نقدية لعمل هذه المؤسسات سنوياً كي لايسقط هذا القطاع,ويكون حجة لدى بعضهم للقول إن القطاع العام فشل في أدائه وإنه غير قادر على النهوض بالوطن. خامساً:تسهيل إعطاء القروض المصرفية..وخاصة للمستثمرين من صغار الكسبة وذوي الدخل المحدود ولمن يبحث عن فرصة عمل ولديه أفكار قابلة للتنفيذ,مع ضرورة إيجاد لجان تابعة للدولة تدرس تلك المشاريع المقترحة والمطلوب تمويلها ,وأن تتابع هذه اللجان تنفيذ هذه المشاريع وقيادتها نحو النجاح كي لاتهدر أموال الدولة في مشاريع وهمية أو لكي لايفشل المواطن الطموح في استثماره ,مع التأكيد على نظافة جهة الإقراض في التعامل مع طالب القرض ونظافة اللجان التي تدرس القرض وتتابع تنفيذه!! سادساً:إيلاء القطاع الزراعي الأهمية القصوى,ووضعه في سلم الأولوية,ويجب أن يتعدى الدعم حالة الكلام إلى حالة التطبيق والتفعيل,وتأمين (أفضل مستلزمات الإنتاج وبأسعار رخيصة وتأمين تسويق وتصنيع هذا الإنتاج الزراعي وحمايته من المنافسة الخارجية ,فقد تستورد مادة زراعية,وهي في ذروة إنتاجها محلياً,وضرورة الاهتمام بجانب (الإحصاء الزراعي ) أي الأرقام وصدقها نظراً لأهميتها,وأنا أجزم أنه في أغلبه غير موثق وإنما هو اعتباطي ويجب تفعيل دور المهندس الزراعي المشلوح في المكاتب والوحدات الإرشادية وخلق تواصل بين الفني الزراعي والمزارع وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لهذا الفني الزراعي وتأهيله من خلال إلحاقه بدورات محلية وخارجية ,وتمكين الكوادر الناجحة من تسلم المهام الزراعية بعيداً عن المحسوبية والعلاقات الشخصية,ومن الضروري الاهتمام بالقطاع الحيواني,وضرورة إدخال المحاصيل والزراعات ( الدولارية) أي التي يمكن المنافسة بها ودعمها وحمايتها وحماية منتجيها. سابعاً:الاهتمام بمراكز الأبحاث بكل أشكالها وخاصة الزراعية منها,مع الإشارة إلى أن المراكز الموجودة لم تفعل شيئاً مهماً إلى الآن وكوادرها ليسوا في اغلبهم أكثر من موظفين ,لماذا..الإجابة عند الجهات المسؤولة عن هذه المراكز التي يصرف عليها بسخاء يفوق ماتنتجه. ثامناً:الاهتمام بالموارد المائية ,وعدم السماح بهدر قطرة ماء تسقط فوق أراضينا أو تنبع منها أو تمر فيها, وذلك بمراقبة عمليات الاستثمار وإدخال الطرق الحديثة للري, وهناك مصادر مياه كثيرة يذهب ماؤها دون فائدة, وفي الساحل السوري قسم كبير من ماء نهر السن -على سبيل المثال- يذهب إلى البحر, وهناك مشاريع ري قديمة منذ أربعين عاماً لم تتحول إلى مضغوط لمنع هدر الماء الذي بات أغلى من الذهب. تاسعاً: تأهيل قوة العمل السورية المعدة للنزول إلى سوق العمل, أو التي يجب أن يتوافر لها سوق عمل وهي اليوم معطلة, وسأسوق مثالاً: يوم رأت القيادة تحويل سبعين بالمئة من الناجحين في الاعدادية إلى المدارس الفنية لتأهيلهم كقوة عمل فنية كان القرار صائباً, ولكن ما حدث أن هذه المدارس التي أنفق عليها الكثير فشلت لعدم وجود المدرس الفني المؤهل للتدريس والتدريب والتطوير, فأنتجت طلاباً غير مؤهلين للقيام بعمل خاص بهم ولا للعمل في القطاع العام ولا للعمل في القطاع الخاص, وعاش أغلبهم في المجتمع حالة ضياع, وفي رأيي أن تلك الكوادر هي القوة التي نهدرها دون أن ندرك خطورة هذا الهدر الخطير, فالإنسان هو الأهم في البناء والتطوير والنهوض, وتجربة دول شرق آسيا نهضت بالإنسان أولاً. تاسعاً: التوقف بين الحين والحين لقراءة كل تجربة في كل مجال على حدة, وإذا لم نفعل ونقبل النقد, فإننا سنظل نتمترس وراء فهم سرابي ندعيه. وأخيراً.. أرجو قيام لجنة أو لجان مشتركة من الحكومة ومجلس الشعب وكوادر متخصصة موجودة بكثرة في الوطن, لدراسة الأزمات قبل وقوعها واتخاذ الإجراءات بشأنها, وقديماً قيل: (إن من يجبر الكسر قبل أن يكسر هو الطبيب الحقيقي) |
|