|
عن نوفيل اوبسرفاتور - بمناسبة بلوغه مئة عام شغل الفيلسوف المعروف كلود ليفي ستروس الأوساط الأدبية خاصة في فرنسا, ويعتبر ستروس أهم المؤسسين لنظرية البنيوية حيث اشتهر بعلم أصول الإنسان »الأجناس البشرية« وقام بأبحاثه بشكل خاص خلال ثلاثينات القرن الماضي خاصة في البرازيل, انتخب عام 1959 ليشغل الكرسي المخصص لعلم الانتروبولوجيا الاجتماعية في »كوليج دوفرانس« واستمر بالتدريس فيها حتى عام 1982 وفي الأكاديمية الفرنسية منذ عام .1973 أهم مؤلفاته »سكان الاستواء المساكين« عام 1955 الرجل العاري عام 1971 »انظر واصغ واقرأ« عام .1993 كتب عام 1955 يقول: لم يعد بإمكاننا فعل أي شيء فالحضارة لم تعد تلك الزهرة الحساسة التي نحاول الحفاظ عليها, والإنسانية اتجهت نحو الثقافة الواحدة من أجل ما يسمى بثقافة الجماهير على طريقة نمو نبات الشوندر عندما يمتد في الحقول الشاسعة كما سيطر الإنسان سيطرة كاملة على الطبيعة التي أزهقت بين يديه ودمرت تدميرا سريعا فانعدم الاختلاف الثقافي عبر الكون. لقد حاول الباحث مكسور الجناح أن يبدل العالم لكن ليس على الطريقة السياسية ففي عام 1967 عند ظهور المجلد الثاني لكتبه عن المثيولوجيا قال: أنا أْعمل للحفاظ على هذا التنوع الثقافي كي لا ننسى ذكراه كما نحافظ في ذاكرتنا وبحساسية على رقصة فلكورية في بقعة ما من الأرض أو حركة يد تشعل النار في وجه هجوم بربري للتقنية الحديثة التي سيطرت بسلاحها وفرضت نفسها على السلام الأبيض وجعلت من بذور الإبداع الروحي بذورا عميقة وهذا موقف غريب من عالم اثني استفاد زملاؤه من وجود الحركة الاستعمارية لإجراء أبحاثهم لقد سافر إلى البرازيل في سن السابعة والعشرين عام 1935 حيث اكتشف هناك استنفاد القوة الطبيعية والذهنية للإنسان واكتشف بما يحمل من ثقافة مستوحاة من الفلسفة الغربية أنه في منتصف الطريق أمام حضارة متأخرة ومحصورة في الزمان والمكان حيث عادت به الذاكرة إلى الوراء آلاف السنين واستخدم الحضارة البرازيلية ليستعيد الفكر البدائي ومن خلال أبحاثه الاتنولوجية حاول ليفي ستروس أن يطِّلع على التجارب الإنسانية الممكن التعرف عليها فذهب كما يقول إلى أبعد ما كان يعرف بمقاصد الفلسفة. أثناء الحرب العالمية الثانية ذهب إلى نيويورك وعلَّم في مدارسها واختلط هناك بحركة السورياليين أمثال بروتون وآرنست وديشون واستطاع أن يتعلم منهم طريقة جديدة بالاقتراب من علم الجمال وأحدث ذلك تحولاً في طريقة تحليله لكن الحدث الأهم والحاسم في حياته كان في نيويورك عندما التقى عالم اللسانيات المشهور رومان جاكوبسون إذ قال حينها: لقد اكتشفت أنني أستخدم البنيوية دون أن أعلم. وعندما عاد ليفي ستروس إلى فرنسا بعد التحرير عام 1945 أصبح رمزاً مهماً من رموز هذه الحركة الثقافية الفكرية التي لم يفهمها البعض حتى الآن فالبنيوية هي بكل بساطة أسلوب وطريقة تمنعنا من أن نقع خديعة لمشاعر الشخصية الذاتية. لقد حاول المثقفون اليساريون اعتباره من تيارهم وإلا أن ليفي ستروس لم ينتسب إلى أي حركة ولم يوقع أي عريضة كما حاول اليمين أيضاً اعتباره من تياراته الفكرية إلا أنه لم يوفق بذلك فكان لستروس مواقف حادة وحذرة من الحركات العنصرية وله عبارات قاسية ضد التعصب الديني. وإن كان لستروس أثر عميق في الحركة الفكرية عامة إلا أنه لم يلق التكريم الذي يليق به كعالم اتنولوجي كبير. |
|