|
معاً على الطريق ترددت كثيراً قبل الكلام عن الهبل والقيح والقبح والمذهبيات والمرتزقة ونشّالي الكلمات المعلّبة, فالجراح جراح مواطنين مهما ارتفع الغي ومهما انثال الحقد ومهما أزّ الرصاص. كان يمكن للموظف الذي نفخوه أكثر مما يحتمل الجلد البشري وعقل العصافير وألبسوه ثياب رجل الدولة الداخلية فقط ,أن يكفي الناس شر الفتنة في هذه المدينة التي أذلّت إسرائيل, أو أن يكفي لبنان شر الليالي المظلمة ويستقيل بشرف ,لكن قماشته النايلونية لا تحتمل رجولة القرارات. كنت أتألم طيلة الوقت من رؤية فؤاد السنيورة متباكياً وسعد الحريري متلعثما ووليد جنبلاط خائفا ومرتعداً بعد سنوات من التعنتر والصلف,وأسأل نفسي لماذا لم يذهبوا للحوار السياسي المفتوح ما داموا سيأتون إليه صاغرين في نهاية المطاف ويجنبوا الوطن هذه الليالي المظلمة? مين بعتَك ..مين دفعَك ..مين دفعلَك? اللازمة الرحبانية المعروفة ,أدت إلى حقن الشرايين المذهبية بدماء الحقد السوداء من الجوزو إلى الدعاة الجدد ,لتشعرك بدل الإمساك بقبضة فرح انتصار تموز النادر على عدو تاريخي , سفك الشرفاء جمر أوردتهم طيلة ستين عاما كي ينعموا بلفتة ذل فينوغراد ,بأنك متهم بثقافة الموت مع أن أشكال هؤلاء الخارجة من المغاور الدهرية ,ومن لبس ربطات العنق خلفهم على أبواب القصور, تجعلك تكتم رفة قلبك الفرح ..وهذا فقط ما لا يمكنني غفرانه. أقول ترددت كثيراً لأن الأمور في بداياتها ولن ينجلي الغبار إلاّ عن ما رددته سابقاً ,أي أن مشروعا من المشروعين سيبقى,فالوطن لا يحتمل قرضاي آخر وجلبي وشعلان ومجموعة الحشم التي تقبض آخر الشهر, وها هي واشنطن والرياض تصرخان على ضياع الأموال..لكن رغم كل شيء لا بد من الكلام الهادئ حتى يمكننا صياغة وطن, لا مبغى سياسي. أولاً :يجب معاقبة الزعران والمرتزقة من أين ما كانوا وعدم الذهاب إلى تبويس اللحى. ثانيا: يمنع التشفي والاستعلاء فكل الناس أهل وأحبة ,وهذا ما يجب على المعارضة أن تفعله,أي لا تقع في خطيئة الإلغاء التي وقعت فيها هذه السلطة الشوهاء. ثالثا: الاتفاق المؤكد على مشروع وطني يفسح للجميع مكانهم الطبيعي,لا المنفوخ , كطريق إلى إلغاء الطائفية السياسية. رابعا: تحديد بوصلة الصراع ومن هم الأعداء بالظبط . المجال لا يتسع لكلام طويل كحزن الذين تيتموا جراء مشاريع الفتنة الحاقدة..نعم في هذه الأيام القاسية لا بد من عقل راجح وهادئ وشجاع ,كي يخرج بالوطن من محنته التي دفعوه إليها دفعا بصبيانيتهم وأحقادهم وكوندوليزاهم .. وحذار من الشماتة. كاتب لبناني ghassanshami@gmail.com |
|