تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


طيف النكبة ...

الافتتاحية
الأربعاء 14/5/2008
بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الرئيس بوش في حجيجه الأخير إلى إسرائيل..

وليعذرنا بعض الأشقاء العرب - إن استهدفتهم الزيارة - فالحب لإسرائيل.. ولهم رؤية جانبية تقصيهم عن العروبة.. عن فلسطين... عن الإسلام.. كي يستطيع تقبل وجودهم.. هو يأتي ليحتفل مع إسرائيل بذكرى قيام الدولة.. يعني اغتصاب فلسطين.. يعني النكبة بمفهوم العروبة والإسلام وفلسطين..‏

وبالتالي كي تصحّ حجته لا بدّ وهو يلتقي زعماء عرباً, أن ينظر إليهم مجردين من العروبة والإسلام وفلسطين... وإلا كان يشاركهم أحزانهم في النكبة, ولا يشارك إسرائيل أفراحها بقيامها.‏

وأيضاً ليعذرنا الرئيس الأميركي, لا نستطيع أن نبدي ترحيباً بسيادته.. فهو ليس أبداً بين أهله, بشهادة حصار غزة, وتدمير العراق, وتخريب لبنان, وكراهيته للعروبة والإسلام..‏

وليثق تماماً أنه لايطأ سهلاً, حتى وإن رحبت به القصور, ورقصت لقدومه السيوف.. هذا لا يعني شيئاً.. هؤلاء بالمحصلة عرب... وقيام إسرائيل نكبتهم أو نكبة شعوبهم.. وضعيفون إلى حد العدم إن أعلنوا معاداتهم للعروبة والإسلام وفلسطين.. السادات كان أشجع منهم.. يوم قال:‏

لا فلسطين بعد اليوم..‏

لكن.. غاب السادات, وبقيت فلسطين..‏

فلسطين حقيقة رغم الضعف والهزال العربي.. بل لعلّه- هذا الضعف والهزال- سيخرجنا من خدعة (يا فلسطين جينالك).. لتبقى فلسطين حقيقة تصطف خلفها كل القوى الممانعة الرافضة لحق إسرائيل في اغتصابها.‏

قبل قدومه للفرح والرقص في حزننا ونكبتنا, حدد محاور كراهيته: حماس.. حزب الله.. سورية .. إيران.. هؤلاء يجمعهم رفضهم للرقص فرحاً في النكبة.. لكنه لم يحدد الأصدقاء باستثناء إسرائيل..يقول كلاماً واهياً, وهمياً لا يصدقه أحد.‏

هو صادق مع إسرائيل.. وليس كذلك مع العرب ... لا يحب العرب ولا العروبة ولا الإسلام بمن في ذلك مناصروه.. ولم تكن تلك الكلمات التي خرجت من فمه أكثر من مرة لتعبّر عن عنصريته ضد العرب والمسلمين, مجرد بعض من أخطائه الكثيرة, بل كان يعني مايقول..‏

هي النكبة‏

والقدم الأميركي تتحدى..‏

قدم رعب حقيقي.. قوية.. قادرة على فعل كثير, لكنها غير قادرة على جعل العرب يبتهجون في نكبتهم..‏

والأدهى من ذلك أنها غير قادرة على دفن فلسطين! مدينة واحدة في فلسطين تتحداها..‏

كل مدنها تتحداها..‏

جنين.. نابلس.. القدس الشهيدة.. وغزة الصابرة الصامدة, تنام في الظلام والمَعِدَات خاوية لتؤكد أنها فلسطين رغم النكبات, ولتفضح (عرب الاعتدال) رغم طوفان الدجل الإعلامي.‏

يشغلهم لبنان عن غزة, وتشغلهم صداقة أمريكا عن النكبة, وينشغلون بأي شيء عن مواقف عزّ. حفظوا عبارة ا(لمجتمع الدولي), فسعوا إلى تدويل كل شيء.. في السياسة والاقتصاد, إذ لا يريدون لأنفسهم أكثر من تجار يبيعون نفطاً.. وكرامات, أو يستجدون أموالاً ومساعدات.‏

هذه نكبتنا.. نكبة العرب.. كل العرب.. يستطيعون أن يصيغوا تجسدها الراهن والقادم بصور شتى, لكن .. محالٌ أن يستطيعوا إلغاء كونها النكبة.‏

هل من نكبة تستمر إلى الأبد?!‏

بالسلام أو بغيره.. لابدّ لأي نكبة أن تنتهي.. وقد فشلت أميركا.. وإسرائيل.. وكثير من العرب في إنهاء عصر النكبة بإدعاءات السلام المزيفة أوبطوفان الدم المسفوك, أو بالتدويل ينتقلون به من نكبة فلسطين ساعين إلى نكبة في لبنان.‏

تحايلوا عليها نعم.. حاولوا تغيير البوصلة لتكون النكبة خارج فلسطين , نعم .. لكن.. بقي العنوان الأكيد (نكبة فلسطين) وما عداه خداع..‏

زيارة الرئيس الأميركي للاحتفال بنكبتنا.. صورة ساذجة للخداع.. سيزور عواصم عربية في إطار من الخداع..‏

لا زهور يقدمونها إليه, لأنهم يخجلون من طيف النكبة.. ولا أنف لديه يشمُّ منهم.. إلا النفط.. وإسرائيل..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية