تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العطري: الاعتراف بالآخر.. وجه آخر لحضارة المجتمع..

ثقافة
الاثنين 18-11-2013
آنا عزيز الخضر

ترتبط عجلة التقدم الإنساني وبشكل مطلق بأشكال الاعتراف المتبادل، أكدت هذه المقولة النظريات الفلسفية والفكرية التقدمية، كما أثبتتها مجريات الواقع ومخرجات الأزمات الإنسانية،

حيث أن وعي الذات بحد ذاته يرتكز على أرضية الاعتراف بالآخر، حتى انه لن يتحقق بالمعنى الدقيق، إلا من خلال الاعتراف به، إذ تؤكد الوقائع الاجتماعية والسياسية والقراءات الفكرية وغيرها، أنه لايمكن لأحد أن يساهم بالطريقة البناءة والفعالة في مجتمعه من دون الاعتراف بالذات، ذلك الاعتراف مستندا تحديدا على الاعتراف بالآخر، لان النمذجه في الحياة وفي أي اتجاه مهما كان، لن تحقق التقدم والتطور،اللذان يحققهما الاختلاف وفي كل الحالات، ويلعب الاعتراف بالآخر أحد التجليات الأهم لهذه الحالة البناءة.‏‏‏‏

‏‏

من هنا فان الاختلاف هي حالة صحية من شأنها أن تقدم الكثير للمجتمع، ويتصدر الجانب الثقافي في هذا السياق، كي يحتل الأولوية، بكونه يحمل مسؤولية مزدوجة، وهو نفسه يشق الطريق إلى تجسيد الاعتراف بالآخر واقعيا، فكيف هو في مشهدنا الثقافي.؟ وهل الاعتراف بالآخر في الكواليس الثقافية اختلاف أم خلاف ؟ بكون الثقافة بحد ذاتها قادرة على تصوير كافة الحقائق والمفاهيم، ونقلها كما هي،كما التأثير في إعادة توجيهها،وفق خطاب ثقافي مدروس.‏‏‏‏

عن ذلك تحدث الدكتور (سامر العطري) فقال: المقاربة على هذا النحو تتبلور عبر مشهدية، يمكننا القول عنها، بأنه لانزال نتمسك بقشور الحضارة، رغم المسيرة العظيمة التي خطتها، ومازلنا نواجه إشكالية مستفحلة،وأزمة مستمرة في عدم الاعتراف بالأخر والتي ترد بتقديري إلى جذور تاريخيه والى بنية فكرية متوارثة، كرستها العوامل المختلفة، من تدني الوعي وتراخ مستمر في ايلاء عملية بناء الإنسان الأهمية القصوى اللازمة، مرورا بموروثات فكرية وتربوية تقليدية، أسهمت مع تربية الغائية وإقصائيه، تبدأ من أداء أسرة غير واعية في إنتاج (أنا) متورمة ومتضخمة، لم تروض على قبول الآخر، ولم تبني وفق أسس علمية وموضوعية، تسمح لها برؤية الآخر، لاشك في أن ذلك كله أو بعضه انعكس على المشهد الثقافي، الذي يغيب عنه التنوع الحقيقي والتعدد الفعلي المفضيان إلى تنشيطه وتفعيله على أفضل وجه،طبعا لابد من الاعتراف بوجود استثناءات،لكننا نحتاج في هذا السياق إلى أعمال كثيرة وخطط ثقافية ممنهجه، قادرة على ترسيخ هذه الآليات والسلوكيات والمفاهيم على ارض الواقع، ثم البحث في المعطيات المختلفة التي تساعد على تحققها، وأنه في ضوء ذلك، لا بد من بناء خطاب ثقافي يتجاوز التمحور والتصنيف، نحو التنافس والحوار والتعايش الفكري في ظل الوحدة الوطنية، التي نعتز ونفتخر بها، إذ مهما كان الخلاف مستفحلا بين الدول والشعوب والأشخاص في التصور والثقافة والمواقف والتصرفات، فعلينا أن نلجأ إلى ثقافة الحوار والإيمان به مبدأً للتكيف فيما بيننا، والسعي إلى التفاعل مع حالة التغير الذاتية والموضوعية، فالاختلاف لا يعني الانشقاق وعدم الاعتراف بالآخر، بل هو التنوع والتعدد فيما الخلاف، يحمل في كنهه معنى الشجار والصراع، فالأمر الواقع يرغمنا على قبول الآخر والاحتفاء به كما هو، ولئن لم نعترف برأيه فلنحاوره، وكلنا سواسية في حرية الفكر، الذي إن تباين، واختلف أخصب في حقيقية الأمر والفكر والحياة، فالحياة هي لوحة فسيفساء اجتماعية، لايمكن أن تكون لها أي صورة جميلة من دون تعدد ألوانها، حبذا لو نستفيد من مختلف التوجهات والمقاربات، التي توصلنا إلى التأكيد على فكرة أساسية وحيده، مفادها أنها لايمكن أن نطور وعي الذات بدون الاعتراف بالأخر، والتقدم الإنساني يرتبط اشد الارتباط بالاعتراف المتبادل، وهنا لابد من ملاحظة أثر التصنيفات الفكرية على الخطاب الثقافي السوري، ومن ثم العمل على توحيد الصف،ونبذ الانشقاق المبني على تصنيفات غير علمية، فالاختلاف لا يعني مطلقا عدم الإيمان بفكر الآخر ورؤيته في هذا الاتجاه أو ذاك،ومما لاشك فيه فان السبيل الأفضل لتحقيق ذلك، يكون بنشر ثقافة الحوار الثقافي وجعله طابعا للمجتمع السوري وأسلوبا لحياته.‏‏‏‏

وجهات النظر هذه تدعمها التجربة الإنسانية والنظريات العلمية الاجتماعية والثقافية والفلسفية، كما الاقتصادية، فكثير من المفكرين يؤكدون انه،لايمكن أن نطور الوعي بدون أن نعترف بالآخر، والذي يعني بحد ذاته أنه في مرآة الآخر، يمكن أن نؤسس لوعينا، ومن المهم أيضا تحقيق الشروط المفضية إلى ذالك، والتي تحمل بين جنباتها تمكين الجميع من المساهمة الفعلية والمشاركة في تحمل المسؤولية، وذلك في كل الاتجاهات وصولا إلى الجانب الثقافي، الذي يمكنه التعزيز للاعتراف بالآخر بأدواته ومفرداته ووسائله المختلفة،ليساهم في رفع سوية الوعي، حيث تتجسد هنا معادلة بنيوية،كل من طرفاها يؤدي إلى الأخر، فالوعي يدعم فكرة الاعتراف بالأخر، كما الاعتراف بالأخر من شانه أن يطور الوعي، لان الأحادية في الجانب الثقافي، كما هي في سائر المجالات الأخرى، تبقى قاصرة وعاجزة، وتصل دوما في صيرورتها إلى حائط مسدود،لم تجني يوما ربحا، بل الأزمات والخزي للناس، كما أثبتت التجارب الإنسانية قاطبة.‏‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية