تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستيلاء على 30٪ من الأراضي الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني

قاعدة الحدث
الخميس 25-10-2012
إعداد: عايدة ليوس

تعتبر مسألة الاستيطان أكبر من مجرد كونها ملفًّا سياسياً يمكن التفاوض عليه مع الكيان الصهيوني، فالمسألة تشكل القضية الأكثر ارتباطاً بالسياقات الدينية والتاريخية للقضية الفلسطينية، وللصراع العربي الصهيوني بشكل عام،

اضافة الى خطورة الملف من حث اعتباره قلب المشروع التهويدي لدى الكيان الصهيوني، ولذلك فإن الصهيونية عملت على مسألة الاستيطان منذ القرن السابع عشر.‏

بدأت فكرة الاستيطان الصهيوني في فلسطين بعد ظهور حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر في أوروبا، حيث بدأت بحملة الترويج لفكرة مفادها أن اليهود ليسوا جزءاً من النسيج الحضاري الغربي، وإنما هم شعب «الله المختار»، وطنهم المقدس فلسطين ، يجب أن يعودوا إليه ، وكانت أولى الدعوات لتحقيق هذه الفكرة ما قام به التاجر الدنماركي أوليغربولي عام 1695 ، الذي أعد خطة لتوطين اليهود في فلسطين ، وقام بتسليمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت، ليكون الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت أول من اقترح إنشاء « دولة »يهودية في فلسطين أثناء حملته الشهيرة على مصر وسورية عام 1798.‏

الا ان المحاولات الأولى والجادة للاستيطان الصهيوني في فلسطين تعود إلى جهود الثري اليهودي منتي فيوري الذي استطاع في عام 1855 م أن يشتري قطعة ارض في مدينة القدس ،ويقيم عليها في عام 1857 أول حي استيطاني في فلسطين خارج أسوار مدينة القدس ، وهو حي «مشكانوت شعنا نيم »، وفي عام 1860 ، اشترى اثنان من المتولين اليهود قطعتي ارض في فلسطين، الأولى قرب أراضي قالونا، والثانية حول بحيرة طبرية وفي العام نفسه تم بناء أول 20 مسكناً لم تشغل إلا في عام 1862 ، وفي عام 1878 ، تمكنت مجموعة من يهود القدس من الاستيطان في السهل الساحلي وتأسيس مستوطنة «بتاح تكفا » على جزء من أراضي ملبس قرب يافا، وفي عام 1882 تم إنشاء ثلاث مستوطنات هي «ريشون ليتسيون، وزخرون يعقوب، وروش ليتاح » كما أنشأت في عام 1883 مستوطنتان أخريان هما «يسود همعله» و« نيوز يونا» وقد أقيمت المستوطنات السابقة بأساليب التحايل، واستغلال ضعف الأنظمة والقوانين ومستخدمين الرشوة للموظفين العثمانيين، و في عام 1884تم إنشاء مستوطنة جديدة غير أنها تعرضت لخسائر فادحة ولم تستطع الاستمرار لولا تدخل «أدمون دي روتشيلد» حيث أنقذ هذه المستوطنات ومكنها من أن تقيم ثلاث مستوطنات أخرى هي رحوبوت ، ومشمارهارون ، والخضيرة » وذلك في عام 1890.‏

النشاط الاستيطاني استمر بشكل مكثف في أواخر حقبة الحكم العثماني حيث أقيم «15 » مستوطنة جديدة بين عام 1907 وعام 1914 ، فبلغ مجموع المستعمرات الصهيونية أربعين مستعمرة يسكنها حوالي 12000 مستوطن.‏

رغم الحركة النشطة في بناء المستوطنات في عهد الحكم العثماني لفلسطين المحتلة، الا ان مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين تعتبر المرحلة الذهبية للاستيطان الصهيوني في فلسطين، حيث دخلت بريطانيا فلسطين وهي ملتزمة بوعد بلفور المشؤوم القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، وبذلك أصبح الاستيطان الصهيوني يتم تحت رقابة دولة عظمى عملت على مساندته ودعمه ، فأقيم عدد من المستوطنات في المناطق الإستراتيجية ، وكانت على شكل مجتمعات مغلقة .‏

وما لا شك فيه أن السلطات الانتداب البريطاني قد سهلت، وبمختلف الوسائل عملية نقل ملكية الأراضي الفلسطينية إلى المنظمات الصهيونية من أجل استيطانها ، ومن ضمن ذلك أنها منحت الوكالة اليهودية أراضي حكومية واسعة مساحتها « 195» ألف دونم في مناطق مختلفة من البلاد بما فيها أراضي من السهل الساحلي الفلسطيني أعطيت لبلديات تل أبيب، وبتاح تكفا، من أجل توسيع رقعة المستوطنات فيهما ، كذلك وضعت حكومات الانتداب البريطاني في عام 1921 «175» ألف دونم من أملاك الحكومة تحت تصرف المنظمات الصهيونية من أجل إقامة المستوطنات عليها لتوطين المهاجرين ، وهو ما أدى بدوره إلى قيام ثورة 1921 م التي قمعتها القوات البريطانية بشدة حيث انضم المستوطنون الى جانب البريطانيين في قمع هذه الثورة .‏

وفي الفترة من عام 1936 - 1939 تم اقامة «53» مستوطنة كان يطلق عليها «خوما ومجدال» ، وفي أعقاب مشروع بيل لتقسيم فلسطين 1937 ، بدأ الاهتمام الصهيوني بإقامة مستعمرات في صحراء النقب - جنوب فلسطين - حيث توسعت الصهيونية في إقامة المستوطنات في تلك المنطقة ، وذلك الفترة الواقعة ما بين الحرب العالمية الثانية وسنة 1948 ، تحسباً لإمكانية حصول صدام عسكري مع مصر في المستقبل ، حيث بلغ عدد المستعمرات المقامة في النقب بحلول عام 1948 ،«27» مستوطنة .‏

وقد تمكنت الحركة الصهيونية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين من امتلاك ما يزيد عن 30% من مجموع الأراضي الزراعية في فلسطين ، حيث بلغت مساحة الأراضي التي يمتلكها الصهاينة مع نهاية فترة الانتداب عام 1947، 1,82 مليون دونم ، وهو ما يعادل 6% من مساحة فلسطين والبالغة 27 مليون دونم ، في حين كان مجموع من الأراضي عند بداية الانتداب لا يزيد عن 2% فقط .‏

وفي السنوات الأخيرة التي سبقت قيام الكيان الصهيوني الغاصب اشتولت المنظمة الصهيونية بالتحايل أراض جديدة، ولاسيما تلك التي تتفق ونظرتهم الاستراتيجية ،كما واصلت تكثيف الاستيطان اليهودي في السهل الساحلي بين حيفا ويافا ،كما استولت بالتحايل أيضاً على قطع كبيرة من الأراضي في القسم الشمالي من فلسـطين وبنوع خاص في سهل الحولة ،وإلى الجنوب من بحيرة طبريا على طول نهر الأردن .وكانت هناك كـذلك صفقات شراء أراض عند مصب نهر الأردن في البـحر الميت ، وعـلى ضفته الغربية ،وتوسعت أملاك الصهاينة في منطقة القـدس وفى ضواحي بئر السـبع ،كما تم شراء المزيد من الأراضي في النقب الشمالي وفى منطقة غزة ، وقد بلغ عدد المستوطنات التي أقيمت في الفترة الواقع بين عامي 1939 - 1948 ، 79 مستوطنة مساحتها الإجمالية 2,052,000 دونماً .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية