تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الضفة إلى غزة.. مئات المستوطنات

قاعدة الحدث
الخميس 25-10-2012
إعداد : سليمان قبلان

يُعتبر الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة من أبشع التجارب الاستيطانية في العالم، وتميزت ظاهرة الاستيطان الصهيوني عن غيرها من التجارب الاستيطانية القديمة والحديثة، كونها ارتبطت بالعنف الدموي وبالاستيلاء على أراضي الشعب الفلسطيني بالقوة الغاشمة.

ويتضح من خريطة توزع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة والقطاع أن الهدف الرئيسي منها تفتيت الشعب الفلسطيني وتقسيمه والسيطرة على هاتين المنطقتين وضمهما بالنهاية «لدولة» الاحتلال.‏

ففي الضفة الغربية تتوزع معظم المستوطنات على ثلاثة محاور رئيسية هي: المحور الشرقي «غور الأردن», والمحور الغربي «المحاذي لخط الهدنة», ومحور ارئيل «عابر السامرة »,‏

و يُلاحظ بالنسبة لمستوطنات المحور الشرقي قربها من نهر الأردن الذي يمثل الحد الشرقي للضفة الغربية، إذ تتراوح المسافة بين هذه المستوطنات ونهر الأردن ما بين 5,1 و6 كيلومترات. وتسيطر هذه المستوطنات على مساحات واسعة من الأراضي بين مناطق زراعية ومناطق أمنية تجعل منها سلسلة متشابكة من البؤر الاستيطانية في هذه المنطقة المهمة اقتصادياً واستراتيجياً، حيث تمثل هذه المستوطنات خط الدفاع الأول من الشرق، كونها تمثل قواعد عسكرية متقدمة. خبراء رأوا أن هذا المحور يشكل حاجزاً أو سداً يفصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية في الداخل وبين امتدادها العربي شرق النهر، وبالتالي المحيط العربي الأوسع، وهو من أهم الأهداف لإقامة هذه المستوطنات، بالإضافة إلى منع أو إعاقة أي عملية تسلل لأي قوة عسكرية قادمة من الشرق.‏

وبالنسبة للمحور الغربي فتنتشر مستوطناته في المنطقة المحاذية لخط الهدنة، ولا تبعد بمعظمها بأكثر من 3 كيلومترات عن الخط المذكور. ويضم هذا المحور أكثر من 35 مستوطنة، عدا تلك التي تحيط بمدينة القدس، وهي موزعة من الشمال الى الجنوب في جنين و طولكرم و قلقيلية و رام الله و بيت لحم و الخليل.‏

وتكمن خطورة هذه المستوطنات في محاذاتها لخط الهدنة، إذ لا تبتعد عنه أكثر من 3 كيلومترات, و تقارب بعض هذه المستوطنات بما يجعلها كتلاً استيطانية، كما وتشكل مستوطنات تصوريغال، تصوفيم، الفيه منشيه، يرحاف، حزاماً استيطانياً يحيط بمدينة قلقيلية، ويعيق التواصل الجغرافي مع باقي المناطق الفلسطينية.‏

أما محور أرئيل فيمتد على طول الطريق الذي يبدأ من بلدة كفر قاسم القريبة من خط الهدنة غرباً، ويتجه إلى الشرق مخترقاً منطقة سلفيت ليتقاطع مع الطريق الرئيسي رام الله نابلس بالقرب من بلدة زعترة، ثم يواصل امتداده شرقاً ليلتقي مع الطريق الرئيسي في منطقة الغور الذي يمتد على طول الغور مخترقاً مدينة أريحا. وقد كثفت إسرائيل من مستوطناتها على طول هذا المحور والمناطق القريبة حيث أقامت أكثر من 20 مستوطنة، منها مستوطنة ارئيل وهي أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي أقرت حكومة الاحتلال جعلها مدينة. ‏

أما في قطاع غزة فقد أقامت إسرائيل في الفترة بين 1968- 1973 خمس مستوطنات، في مواقع تضمن لها السيطرة والتحكم كمستوطنة إيرز التي أنشئت عام 1986 وهي تقع على الحدود الشمالية لقطاع غزة، على الطريق الرئيسي المؤدي إلى إسرائيل ويوجد بها معبر إيرز , و مستوطنة كفار داروم على الطريق العام صلاح الدين إلى الجنوب قليلا من دير البلح للتحكم في الطريق الرئيسي وهو الشريان الوحيد الذي يربط مدينة غزة بالمنطقة الجنوبية وقد أنشئت هذه المستوطنة عام 1970م, اضافة الى مستوطنة نيتسر حزاني، لأغراض عسكرية على البحر, وأنشئت عام 1973.‏

أما في المرحلة الثانية الواقعة بين 1977- 1991، فقد أقيمت أكثر من 14 مستوطنة تسد الفراغ الجيوسياسي/ الأمني الذي تم تعديله لغير مصلحة إسرائيل عندما اضطرت لتفكيك مستوطناتها في سيناء، وقد برزت الحاجة لإقامة تلك المستوطنات لتكون جاهزة لتجمع قوات عسكرية إسرائيلية قريبة من الحدود المصرية من جهة، وتكون مراكز استيطانية من جهة أخرى تحكم سيطرتها بالكامل على معظم المناطق الشاطئية لقطاع غزة آخذة في الاعتبار بعض المشاريع الاستيطانية مثل مشروع آلون ومشروع شارون.‏

وبالنظر إلى خريطة توزيع المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، نلاحظ انه قد جاء مخططا لإحكام السيطرة المطلقة على قطاع غزة، فالمستوطنات تتركز على ثلاثة محاور أو أحزمة رئيسية، اثنان منها داخل قطاع غزة، والآخر داخل الخط الأخضر.‏

يمتد الحزام الأول على طور شاطئ قطاع غزة باستثناء شاطئ مدينة غزة ومنطقة جباليا، ويضم هذا الحزام ما يفوق 16 مستوطنة, وقد جاء ليفرض طوقا على التجمعات الفلسطينية من الغرب ويعزلها عن شاطئ البحر. صحيح أن هناك ثغرة لم يشملها الطوق الاستيطاني متمثلة في شاطئ غزة إلا أن هذه الثغرة خاضعة لرقابة شديدة من السفن الحربية الإسرائيلية قبالة الشاطئ، حيث يمكن رؤية هذه السفن عيانا حتى إن المواطنين الفلسطينيين أحيانا كانوا يشاهدون بوضوح حالات المطاردة من هذه السفن لقوارب الصيد الفلسطينية.‏

اما الحزام الثاني فيقع على الطريق الرئيسي لقطاع غزة، وهو طريق صلاح الدين رقم 4 ويضم ثلاث أكثر من5 مستوطنات منها كفار داروم و موراج, وصمم توزيع المستوطنات في هذا الحزام بشكل يسمح بالسيطرة، حيث جاءت مستوطنة إيرز لتشرف على المدخل الشمالي لقطاع غزة إلى إسرائيل، أما مستوطنة كفار داروم فجاءت لتفصل بين مدينة خان يونس ودير البلح، ومستوطنة موراج جاءت للتحكم في الطريق من رفح إلى خان يونس . وليس أدل على خطورة موقع هذه المستوطنات إلا ما حدث في أيلول 1996 أثناء هبة الأقصى، إذ قطعت هذه المستوطنات بين أجزاء القطاع الجنوبية والوسطى والشمالية، وما حدث ويحدث منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 29/9/2000 من قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتقسيم القطاع إلى ثلاثة أقسام وأحيانا إلى أربعة أقسام مستخدمة المواقع الاستراتيجية لمستوطنات هذا الحزام.‏

ويقع الحزام الثالث داخل الخط الأخضر على بعد 500 -2500م فقط من الحدود الشرقية لقطاع غزة، ويضم اثنتي عشرة مستوطنة منها أشدروت- نيرعام, ووضع لتدعيم الحزامين الأول والثاني، من خلال تجميع قوات عسكرية تكون قريبة من القطاع، لاستعمالها عند أي خطر وقد ظهر ذلك بوضوح أثناء هبة النفق وانتفاضة الأقصى، إذ كانت هذه المستوطنات رافدا لطلائع القوات الإسرائيلية التي كانت على أهبة الاستعداد للتحرك إلى القطاع لحماية المستوطنات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية