|
رؤيـــــــة عفيفة اسكندر, او كروان بغداد كما يحب عشاقها ان يلقبوها، كانت في يوم ما سيدة مجتمع من الطراز الرفيع جداً, وكانت نجمة صالونات الأدب، وفي صالونها كانت تتلألأ نجوم بغداد الاجتماعية والسياسية والمالية، وهذه العفيفة التي تركت وراءها أكثر من ألف وخمسمائة أغنية جمعت الصوت والأداء الباهر مع تلك الثقافة المرهفة التي تشربتها صغيرة، والتي انعكست على إبداعها لاحقاً حينما غنت لابن الفارض والخطيب الأندلسي وغيرهما من ثغور الشعر, حتى أوصلها هذا الولع وتلك الإجادة إلى تصنيفها كأول مطربة عراقية تغني الشعر الفصيح وتحفظه وتدافع عنه، لدرجة أن أطلق عليها بعض النقاد ومن باب المزاح لقب «قينة من قيان العصر العباسي». عن واحد وتسعين عاماً رحلت عفيفة قضت نصفهم أو أكثر في سدة المجد الاجتماعي وتحت الأضواء، ولان رياح الخاتمة تجري أحيانا بما لايستحق اصحابها, قضت اسكندر نهايات حياتها في فقر وعوز مع الكثير من العزة والكرامة، فكم رفضت عروضا بالسفر الى الخارج لينفق المحبين على مرضها، كانت ترفض العيش خارج العراق وماتت وهي تترنم بما غنته يوما «هزني الحنين لـ هلي.. والشوق بيه زاد.. هيا بنا يا ربع.. نمشي درب بغداد». |
|