تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كروان بغداد وداعاً

رؤيـــــــة
الخميس 25-10-2012
وفاء صبيح

مأساة تقبع فوق قلبي كلما سمعت عن مبدع كبير المقام يموت ميتة نكراء، ويصل قبل مغادرته الدنيا إلى حدود الحاجة, ورغم اني تطرقت إلى هذا الموضوع أكثر من مرة إلا إنني لاأجد نفسي إلا وأنا مستفزة مع كل خبر جديد ينقل إلينا مآسي المبدعين الذي زينوا جباه بلدانهم أيام عزهم.

عفيفة اسكندر, او كروان بغداد كما يحب عشاقها ان يلقبوها، كانت في يوم ما سيدة مجتمع من الطراز الرفيع جداً, وكانت نجمة صالونات الأدب، وفي صالونها كانت تتلألأ نجوم بغداد الاجتماعية والسياسية والمالية، وهذه العفيفة التي تركت وراءها أكثر من ألف وخمسمائة أغنية جمعت الصوت والأداء الباهر مع تلك الثقافة المرهفة التي تشربتها صغيرة، والتي انعكست على إبداعها لاحقاً حينما غنت لابن الفارض والخطيب الأندلسي وغيرهما من ثغور الشعر, حتى أوصلها هذا الولع وتلك الإجادة إلى تصنيفها كأول مطربة عراقية تغني الشعر الفصيح وتحفظه وتدافع عنه، لدرجة أن أطلق عليها بعض النقاد ومن باب المزاح لقب «قينة من قيان العصر العباسي».‏

عن واحد وتسعين عاماً رحلت عفيفة قضت نصفهم أو أكثر في سدة المجد الاجتماعي وتحت الأضواء، ولان رياح الخاتمة تجري أحيانا بما لايستحق اصحابها, قضت اسكندر نهايات حياتها في فقر وعوز مع الكثير من العزة والكرامة، فكم رفضت عروضا بالسفر الى الخارج لينفق المحبين على مرضها، كانت ترفض العيش خارج العراق وماتت وهي تترنم بما غنته يوما «هزني الحنين لـ هلي.. والشوق بيه زاد.. هيا بنا يا ربع.. نمشي درب بغداد».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية