تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هذا ما زرعته أميركا.. وهؤلاء شهود غفلتها!!

الافتتاحيــة
الخميس 25-10-2012
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

ليست الإدارة الأميركية وحدها التي غاصت وتغوص في أوحال أخطائها حيال التطورات في المنطقة عموماً والأحداث في سورية خصوصاً، بل جميع الدول التي تسير في ركبها أو تطلب ودها ارتكبت ما يكفي تحت لافتة الإرضاء للأميركي تارة،

وتحت حجة إملاء الفراغ الذي أحدثه التردد أو الانشغال الأميركي تارة ثانية، وفي ثالثة تحت عناوين متلونة ومتناقضة، وجميعها كانت تهدد بعواقب وخيمة على المنطقة والعالم، تصبّ في النهاية في خانة خدمة المصالح الإسرائيلية.‏

فها هي تلك السياسة الخاطئة توصل اليوم - وربما منذ وقت أطول - صواريخ ستينغر إلى أيدي الإرهابيين، بكل ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات وتبعات ومخاطر لن تتوقف عند حدود الاستنتاجات السطحية التي يتم تداولها.‏

فإذا كانت الإدارة الأميركية تستطيع أن تدافع عن سياستها الخاطئة تجاه المنطقة عموماً والأحداث في سورية خصوصاً أمام العالم كله عبر ذراع هيمنتها، فإنها لن يكون بمقدورها أن تبرر النتائج التي أدت إليها حين أوصلت تلك الأسلحة وغيرها إلى الإرهابيين ... لا أمام العالم، ولا أمام الأميركيين أنفسهم!!!‏

فالكل كان يدرك أن تلك السياسات الخاطئة ستقود إلى نتائج كارثية، لكن أحداً في الإدارة الأميركية ومراكز بحوثها وناصحي صانع القرار لديها، لم يتوقف عند ما ستجنيه اليد الأميركية مما زرعته وتزرعه في المنطقة والعالم، تحت قبة البحث عن الأمن القومي الأميركي ومظلته الفضفاضة!!‏

وهذه الكارثية لن تقتصر على ذلك التطور الخطير وتبعاته، بل تمتد إلى مستويات مختلفة، وما ظهر ليس سوى أول الغيث، والقادم أبعد من قدرة أي إدارة أميركية على تداركه.‏

كما هو الحال مع الإدارة الأميركية فإنه سيكون أشد وضوحاً في سياسات حلفائها وممارساتهم وسلوكهم الأرعن غير المسؤول على جبهات عديدة، وفي مواقف تنمّ عن عدوانية وأطماع استعمارية لدى البعض، في حين بدا محاكاة لأحلام سلطانية وطورانية عفنة لدى البعض الآخر، كانت تعبيراً عن مراهقة سياسية وتراكضاً صبيانياً حول تزعم الأدوار في المنطقة لدى قسم ثالث، كما كانت محاولة لدفع ثمن الارتهان للخارج ودور العمالة لأميركا والغرب وإسرائيل لدى قسم آخر.‏

فالموقف الفرنسي والحظوة التي خص بها الإرهاب والجماعات الإرهابية، بدأت نتائجه هو الآخر بالظهور في الوقائع على الأرض حين ساهم - وبتعمد واضح - في دعم الإرهابيين واحتضانهم سياسياً وإعلامياً ومدهم بالمساعدات وتقديم المشورة الاستخباراتية وأمر العمليات في كثير من الأحيان، بما يتناقض مع دور فرنسا على الساحة الدولية، وبما يتعارض إلى حد الإلغاء مع موقعها كعضو دائم في مجلس الأمن.‏

والأمر ينطبق على أحفاد العثمانية الجديدة لكن بطريقة أكثر وضوحاً وفي حصاد مُرّ للنتائج التي بدأت بالبروز في الداخل التركي ذاته، وهي تجاهر بالتداعيات التي قادت إليها سياسة حكومة العدالة والتنمية في دعم الإرهاب والإرهابيين الذي لن يقتصر في تداعياته على ما جرى من تفشٍّ خطير للإرهاب في سورية والمنطقة، وارتداداته على تركيا، بل سيمتد ليشمل العالم كله، والغرب ليس بعيداً عنه.‏

أما مشيخات الخليج، سواء تلك التي عُرفت بتاريخها الطويل كأداة طيعة في المشروع الأميركي، أم تلك التي تبرّعت في السر والعلن لخدمة إسرائيل وتفاخرت غير مرة بصداقتها مع القاتل بيريز وغيره من قادة الإرهاب الصهيوني، فإن التداعيات عليها ليست فقط في تلك التي ستحصد من خلالها نتيجة ما اقترفت يداها من شعوبها قبل غيرها، بل فيما ستجرّه من مخاطر لا يمكن التكهن بنتائجها سواء على صعيد المنطقة أم العالم.‏

فآل سعود وتاريخهم المشهود في دعم التطرف وغرس لبناته الأولى من تنظيم القاعدة إلى التكفيريين دون أن ننسى الوهابية وما لف لفها، ما زال العالم يعاني مما اقترفوه ومما فعلوه على مدى وجودهم، وعانى في العقود الأخيرة ما عاناه وما واجهه، ولم يكن الغرب خارج هذه المعاناة، وما ستجره ممارساتهم الحالية ستمضي عقود طويلة قبل أن يتمكن العالم من كنس ما زرعوه.‏

في حين تقف مشيخة قطر على الضفة الموازية وهي تمطر العالم بمليارات النفط والغاز دعماً للإرهاب الذي تقود فصوله السوداء من المغرب إلى الباكستان وأفغانستان وعلى رؤوس الأشهاد، وحصاد النتائج الوخيمة الذي نشهد فقاعاته الصغيرة سنرى في القريب المنظور تورماته واستطالاته المرضية المعدية في كل اتجاه.‏

كل هذا يدفع إلى الجزم بأن أميركا التي كان مرشحاها للرئاسة يتباريان في دعم الإرهابيين في سورية، ليس باستطاعتها أن تدير ظهرها للعالم متبرئة مما جنته يداها، وقد شهدنا جميعاً فصولاً من الكوميديا السوداء في تلك المناظرة، كما شهدنا وقائع الدعم الأميركي المعلن والصريح للإرهاب، ونتائج هذا الدعم وتداعياته، مثلما لمس العالم ما وصلت إليه سياسة حلفائها الأوروبيين وتحديداً الفرنسيين، وما تقود إليه ممارسات أدواتها في المنطقة من طاووس أنقرة إلى أمراء الإرهاب في مشيخات الخليج، مروراً بشهود غفلتها الذين يتوازعون الأدوار في ثنايا المنطقة، ويشحذون سكاكينهم على مساحة الجوار السوري بانتظار أمر العمليات القادم، وعلى أمل يحاكي ما حلم به إبليس من مساحة في الجنة!!.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية