|
شؤون سياسية في إطار محاولات وضع العصي أمام تقدم عجلة المصالحة والتوافق والسلام في البلاد، وهو الأمر الذي اعتبرته الخرطوم محاولة لعرقلة الاتفاقات الموقعة بين الحكومة المركزية وإقليم الجنوب وإقليم دارفور على وجه الخصوص. وهو ماقد يؤدي إلى إعاقة تنظيم الاستفتاء حول وضع جنوب السودان المقرر في كانون الثاني المقبل، وهو ماتهدف إليه الحركة الشعبية لتحرير السودان من خلال خطوتها الاستباقية بمقاطعة الانتخابات، وهو الأمر الذي سارعت الخرطوم للإعلان عنه كرد فعل على محاولات تأجيل الانتخابات أو التأثير عليها، فأعلنت بأن رفض الحركة الشعبية إجراء الانتخابات سيؤدي حكماً لإلغاء إجراء الاستفتاء وبأنه ليس من حق أي حزب من الأحزاب السودانية تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد مهما كانت الحجة أو السبب. وأكد حزب المؤتمر الوطني السوداني أن قرار الحركة الشعبية السودانية سحب مرشحها من انتخابات رئاسة الجمهورية لن يؤثر إطلاقاً على سير العملية الانتخابية المقبلة، وبذلك تكون الحكومة السودانية قد قطعت الطريق أمام محاولات تعكير صفو العملية الانتخابية ومحاولات استجرار الخلافات والانقسامات وأجواء الفتنة وإظهار أن الحكومة المركزية هي من تقوم بتعطيل إجراء الانتخابات وبالتالي تطبيق اتفاقات السلام وخاصة اتفاق السلام بين الجنوب والشمال عام 2005 والذي نص على إجراء استفتاء لاحق لتحديد استقلالية الإقليم ومدى رغبة سكانه في البقاء تحت إدارة الخرطوم أو تفرده بنوع من الحكم الذاتي يتفق عليه لاحقاً. الخرطوم أكدت أكثر من مرة على ضرورة التحول الديمقراطي السلمي عبر الانتخابات والتفاوض، وبذلك تكون الخرطوم قد قطعت الطريق أيضاً أمام إدعاءات أولئك الذي يدعون بمركزية السلطة وتشددها ، وبالتالي محاولاتهم طلب مساعدة الدول الأخرى للتدخل في الشؤون الداخلية للسودان وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي لم تترك فرصة للتأثير على الوضع الداخلي للسودان إلا واستغلتها أبشع استغلال بهدف إحلال الفرقة والانقسام بين أطيافه المختلفة ، تمهيداً لمخططات تقسيمه وتفتيته بقصد سرقة خيراته وثرواته وإخراجه من الخارطة السياسة للوطن العربي بما يمثله هذا البلد من ثقل بشري و جغرافي وعمق استراتيجي للعرب وسلة غذائية تشكل إحدى دعامات الأمن الغذائي العربي. الموقف السوداني الرسمي برفض تأجيل الانتخابات يأتي متناغماً مع رغبات مفوضية الانتخابات والمنظمات الدولية المراقبة بضرورة إجرائها ضمن التوقيت المعلن عنه بغية قطع الطريق على المحاولات المغرضة لتشتيت جهود الحكومة السودانية لترتيب أوضاع بيتها الداخلي ورأب الصدع مع الأطراف الأخرى وتعزيز جهود المصالحة الداخلية ومنع تدخل بعض الدول الإقليمية والدولية في الشأن الداخلي، وتشجيع محاولات بعض الأطراف في الاستقلال والانقسام عن الخرطوم عبر إعمال الاقتتال والعنف والادعاءات الكاذبة وبخاصة تلك التي تخص إقليم دارفور والتي أثبتت جميع الوقائع والأحداث وقوف جهات خارجية وراء العنف فيه واستقواء الجهات المتمردة فيه بالقوى الخارجية بغية السيطرة على الإقليم وثرواته. فإجراء الانتخابات في موعدها فرصة لتعزيز التقارب والحوار وبيان ماهية رغبة الشعب السوداني ومصالحه الحقيقية، وهو الأمر الذي لم يعجب الأطراف التي سارعت للإعلان عن مقاطعة الانتخابات. |
|