تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صندوق رقمي .. بين يديك..مَن منكما يقبض على الآخر.. ؟

ثقافة
الاربعاء 12-8-2015
لميس علي

افتح الرابط الذي وضعته صديقتي على البروفايل خاصتها في الموقع الأزرق.. لينفتح أمامي صندوق من احتمالات لأشعار تشارلز بوكافسكي..

من «ديناصوراته» إلى «مأساة العشب» و«طائره الأزرق».. كلها تمثل أمام ناظريك ومسامعك بطريقة تمزج ما بين الصورة والصوت والموسيقا.. الإلقاء اللافت.. وحتى الترجمة.. إلى ما هنالك من فنيات قادرة على إيصال المعلومة إليك بأيسر السبل وأمتعها.‏‏

ما يشبه الأرشيف الإبداعي المُدخل بطريقة خلاقة لبوكوفسكي وغيره من كتّاب.. وأشياء مصورة بطريقة الفيديو.. حيث بلمح البصر صار بإمكانك الانتقال من معلومة إلى أخرى.. من فيديو إلى آخر.. من صورة إلى أخرى.. وكل ذلك بحيلٍ فنية جذابة يتقن فردها «اليوتيوب» بين يديك.‏‏

حبل اليوتيوب.. طويل.. لكن حذار من التفافه على عنقه..‏‏

مازالت النصيحة الأكثر نطقاً لمن يتوجسون، إلى اليوم، من لعنة التكنولوجيا..‏‏

هل يدرك هؤلاء أن «السوشال ميديا» بكل تفريعاتها، أصبحت من أهم مفردات العصر.. مفردات رقمية سرعان ما تلفظك إن قللت من شأنها ونظرت لها من طرف عين..‏‏

طرف عين..؟؟!!‏‏

لا أظن أننا نقبل على هذا النوع من التكنولوجيا من طرف عين.. إنما بملء العين.. ولو ضاقت حدقات قلوبنا وحتى عقولنا.‏‏

وإن كان هناك من «طرف نظر» أو «حرف وعي» فلأن الطرف الآخر مشغول بحيلة أخرى من حيل «الأونلاين».‏‏

هل تريد فعلاً أن تضيّق من عقولنا وصولاً حد التلاشي..؟‏‏

يرى البعض ذلك لأنهم يؤكّدون على حقيقة كوننا عنصراً مستهلكاً ليس سيئاً أن نكون مستهلكين رقميين «نتفصحن» بلغة العصر..‏‏

فماذا عن لغتنا ومحتواها في لغة العصر هذه.. ؟‏‏

هناك من يتحدث عن مشكلة موارد تعليمية في اللغة العربية.. إذ لم تصمد الكثير من البرامج الحاسوبية لتعليم العربية فتمّ سحبها.. وتعجز المؤسسات العربية عن تأمين موارد لغوية رقمية.. وبالتالي نحن أمام مشكلة نمو متسارعة لتعلّم اللغات الأخرى المتفاعلة مع التقنيات المعلوماتية قبالة ضمور في الإقبال على تعلّم العربية بالطرق ذاتها.. وهو ما يؤدي إلى المزيد من ابتعاد الجيل الشاب عن لغته العربية قياساً إلى انشغاله اللافت بعالم الرقميات.‏‏

بهذه الحالة تقبض وتكاد تطبق «التكنولوجيا الرقمية» عليك.. بذات الوقت تسحرك بإمكانية تقديم ما كان يصعب الوصول إليه سابقاً..‏‏

اليوم، صارت متاحة أمامك أكبر مجموعة من الأرشيف التاريخي المصور على منصة «اليوتيوب». ما يزيد عن 550 ألفاً من القصص الإخبارية المصوَّرة على شريط خام تمّ تحويلها إلى نسخ رقمية وتحميلها على «يوتيوب».. وهو ما وفّرته «الأسوشيتد برس» بالتعاون مع شركة «بريتش موفيتون» للأفلام الإخبارية.‏‏

(موسوعة بصرية تحت الطلب)، كما سمّتها «أسوشيتد برس»، تضمّ أهم لحظات التحوّل التاريخيّة في مجالات السياسة، والعلم، والرياضة، والأزياء، والترفيه.. وصل تعدادها إلى مليون دقيقة من التاريخ يعود أقدمها إلى عام 1895، وفق أرشيف «بريتش موفيتون».‏‏

هل من الممكن أن يتشابه صندوق اليوتيوب وصندوق «باندورا».. فيطلق كل ما فيه من شرور.. وليترك مأثرته الوحيدة حبيسة عقول صانعيه لا المتسكعين من مستخدميه..؟‏‏

lamisali25@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية