تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ينام ورد الشام في كفي

من داخل الهامش
الاربعاء 12-8-2015
ديب علي حسن

منذ ان عرفنا قراءة الحرف الاول و الحرف المنغم شدونا معه بكلمات هي من عبق الحياة والبساطة، ومن افياء الندى واخضلال الورد معنى ومبنى، الشاعر الكبير سليمان العيسى، شاعر العروبة والامل والثورة والتمرد،

الشاعر الذي ما عرف يوما طعم الراحة ابدا، وكان الديمة السكوب ينهل ماؤها على كل ارض، ولكل ظمآن هو رشفة من ماء سلسبيل، امتدت رحلة العمر به، طوحته الاسفار وتقلبت به احوال الدنيا، من تحت شجرة التوت الى التشرد والبحث عن بقعة من وطن..‏

الى العراق للدراسة، الى اماكن هي من الوطن قلب للقلب وشريان وتين، شجرة التوت التي عرف تحتها اسرار الحرف والابداع, ونهل من معين والده ماء اللغة، وحفظ ما جعل الفتى شاعرا قبل الاوان، نهر العاصي واهب الخصب والحياة، سليمان العيسى رافد من روافده، وحقل من اخضراره، عرفته حماة طالبا يبحث مع غيره عن مكان، وجاء دمشق، بعد حلب التي تعرف فيها على السمراء التي صارت الملكة، ورفيقة الدرب ونصف ابداعه واكثر كما يقول هو، استاذتنا الدكتورة ملكة ابيض السيدة الفاضلة التي قدمت لنا زادا معرفيا وفكريا وادبيا، وشاركت الشاعر رحلة الابداع الطويلة، ترجمة وترتيبا لابداعه.‏‏

ناهيك عن مشروعها الخاص كأستاذة جامعية ومترجمة اثرت المكتبة العربية بكتب غاية في الاهمية، اليوم نحن مع سليمان العيسى الذي غادرنا جسدا، وبقي ابداعا ونسغا ينمو في قلب كل طفل عربي، الم يقل لنا ذات يوم: انا خلية في جسد عربي تبحث عن ملايين الخلايا.‏‏

انه الخلية المبدعة الاصيلة التي شهدت تأسيس البعث وصدحت له، ولامجاد الامة، ونظرت الى القادم برؤية مختلفة، من خلال الاجيال الصاعدة، فكان التوجه الى ادب الاطفال، والى شاعرنا الراحل يعود الفضل في الكثير من الاناشيد التي صارت على كل لسان، اناشيده الوطنية المنهمرة مطرا ناعما خفيفا، من لايتذكر: ماما يا انغاما، او فلسطين داري ودرب انتصاري, او عمي منصور نجار..‏‏

نطوف في بحر ما قدمه وابدعه، ناهيك عن الرسالة التربوية والتعليمية من حلب الى دمشق الى اليمن الى اصقاع الوطن العربي الكبير الذي امن به قولا وعملا.‏‏

سليمان العيسى الراحل الباقي، لا نحتفي بذكراه ابدا لانه باق والذكرى للراحلين، باق هنا معنا فيما كتبه لصحيفة الثورة بخط يده، باق هنا في دواوينه، في مجلداته، في مجمع اللغة العربية، في اليمن، في العراق، في كل مكان، الراحلون اولئك الذين لم يتركوا ارثا، ولاميراثا من عبق الحياة، الراحلون اولئك الذين خربوا الق حضارتنا، وشوهوا جمالنا وابداعنا.‏‏

سليمان العيسى ايقونة من عبق الحياة، وقبس من امل يكبر ويكبر، لينهمر شلالا من الضياء، هو الذي جعل اللغة البسيطة رفيقة دربنا، وهو الذي صرخ بوجه الطغاة حين استدعى الامر هل تذكرون قصيدته المذبحة:‏‏

دربي الى يافا رصيف من دمي.. يجتث قصة عرشك الغدار‏‏

هل تذكرون خالدته في ابطال تشرين:‏‏

ناداهم البرق فاجتازوه وانهمروا.. عند الشهيد تلاقى الله والبشر‏‏

سليمان العيسى صاحب اللحن الاصيل والريشة المبدعة في الحرف شعرا وكتابة، ايها الشاعر انت القائل: ينام ورد الشام في كفي، نعم نام ورد الشام في القلوب واحتواك ثراها وردة تنبت كل يوم مع لغو طفل، مع حديث كاتب، مع من عرفك شخصيا, ام لم يعرفك لكنه تتلمذ على ابداعك، هنا انت الوردة،وعطرك باق، سلام لك حيث اورقت واخضلت توتة جديدة تعرف الى اين المسرى والمعراج.‏‏

d.hasan09@gmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية