تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عام مضى على غرق التحالف الأميركي في رمال سورية المتحركة

متابعات سياسية
الاربعاء 12-8-2015
ترجمة:وصال صالح

يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية الأولى لبدء الضربات الجوية في سورية والعراق، ومن بعد ذلك إطلاق حرب أميركية أخرى في الشرق الأوسط، إدارة أوباما تتوج هذا التصعيد الجديد والنوعي للحرب

باقتراح وزارة الدفاع الأميركية السماح للطائرات الأميركية بتوفير غطاء جوي لعصابة صغيرة من المرتزقة الذين تم إرسالهم إلى سورية بعدما تم تدريبهم وتسليحهم وتمويلهم من قبل الجيش الأميركي، هذه القواعد الجديدة للاشتباك تحدد الغارات الجوية باسم هذه القوة التي لا يتجاوز تعدادها 60 فرداّ وقد تم إلقاء القبض على العديد من قادتها وأعضائها وقتل آخرون الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تتخذ فيه الولايات المتحدة من هذه المجموعة الصغيرة من المرتزقة ذريعة لتهديد الدولة السورية بالرد تجاه أي تهديد مزعوم .‏

ما يؤكد أن ما جرى على مدى أكثر من أربع سنوات من الحرب الدموية الدائرة في سورية مجرد حيلة مكشوفة وبدعم مباشر من واشنطن وحلفائها في المنطقة لتدمير هذا البلد وذلك عبر استخدام الجماعات الإرهابية المسلحة كوكلاء لهم ، العمل أو المهمة الوحيدة التي يمكن تصورها فقط لما يسمى «بالقوة السورية الجديدة» والتي بالكاد هي بحجم فريق لكرة القدم الأميركية ، بمثابة شرك لجر الجيش السوري للنار وتوفير ذريعة لتدخل شامل للولايات المتحدة لإسقاط الدولة السورية، هذا التحول نحو التدخل بشكل أعمق وأكبر في سفك الدم السوري ليس سوى الفصل الأخير في سياسة الحرب التي تعاني الكثير من التناقضات المذهلة ويبدو تماسك دفاعها مستحيلاً ، وعوضاً عن ذلك اعتمدت إدارة أوباما على الأكاذيب والخداع عبر محاولتها دس السم في العسل لتضليل الرأي العام الأميركي.‏‏

قبل عام واحد فقط قال الرئيس أوباما للشعب الأميركي بأنه كان أمر بإطلاق الغارات الجوية في العراق وأمر بإرسال وحدة صغيرة من قوات العمليات بهدف إنقاذ الإيزيديين- وهي طائفة دينية صغيرة شمال العراق-تعرضت للمجازر على يد داعش.، هذه المجموعات المسلحة التي اجتاحت ثلثي العراق منذ أشهر وسط انسحاب القوات العراقية التي دربتها الولايات المتحدة، وكانت الهزيمة نتاج تدخلات الولايات المتحدة في الماضي والتي أدت إلى مقتل الآلاف من العراقيين و تركت المجتمع العراقي في حالة يرثى لها من الانقسام الطائفي، داعش نفسها تحمل ختم«صنع في الولايات المتحدة » بعدما تمتعت بدعم مطلق من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والحلفاء الإقليميين الرئيسيين، واشنطن وتركيا والسعودية وقطر في حربها القذرة ضد الدولة السورية وعزز ذلك أيضاً حرب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عام 2011 لإسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي وقتله فيما بعد، حيث اعتمدت تلك المؤسسة الاستعمارية الجديدة على الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي استولى الكثير من أعضائها على المخزون الضخم من الأسلحة الليبية، وهو نفس السلاح الذي تم نقله فيما بعد إلى سورية.‏‏

تجدر الإشارة إلى أنه منذ فترة طويلة بات مصير الإيزيديين طي النسيان وجرت محاولات لاحقة لتسويغ الحرب الجديدة في إطار الصراع الوجودي ضد الإرهاب وهو نفس الإرهاب المدعوم من قبل الولايات المتحدة في ليبيا وسورية ، يضاف إلى ذلك استغلال مصير الأميركيين المختطفين الذين قطعت داعش رؤوسهم، وبعد ذلك جاء القتال من أجل كسر الحصار المفروض على مدينة عين العرب السورية «كوباني» وتدخلت القوات الأميركية وقتذاك لتوفير غطاء جوي للميليشات الكردية في قتالها ضد داعش ، وبعد أشهر من ذلك ألقت الولايات المتحدة بحلفائها الأكراد بين فكي الذئب التركي لقاء استخدام القواعد التركية لقصف سورية وقد وافقت واشنطن على قصف أنقرة للأكراد في إطار حربها المزعومة ضد «الإرهاب» وتبنى أوباما الاقتراح التركي للتدخل في الأراضي السورية بالقرب من الحدود التركية من أجل استدعاء الذرائع لمواصلة الحرب على سورية، وفي الوقت نفسه كما اتضح من المفاجأة وخوف واشنطن من وقوع أحداث كارثية جرى –القبض على مرتزقة أميركا السوريين من قبل جبهة النصرة - بينما ترتكز استراتيجية أوباما إلى درجة كبيرة في «الحرب ضد الإرهاب» على القتال مع الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة كجزء من «جبهة موحدة» .‏‏

الثوابت الوحيدة في هذه الحرب هي الأهداف المفترسة للامبريالية الأميركية والتي استمرت على مدى الربع قرن الماضي من خلال استخدام العنف العسكري في الحرب التي شنتها إدارة أوباما والتي اجتاحت موقعه كرئيس في موجة من المشاعر المناهضة للحرب، فقط لتكون بمثابة لسان حال الجيش وأجهزة الاستخبارات الأميركية باستمرار الحرب العدوانية الإجرامية ضد العراق والتي أطلقت على أساس من الأكاذيب عام 2003 من قبل جورج دبليو بوش، تلك الحرب التي تعد استمراراً لحرب الخليج التي أطلقها جورج بوش الأب عام 1991.‏‏

لقد أثبتت كل مرحلة من مراحل هذا الانفجار، النزعة العسكرية الأميركية لتكون أكثر خطورة من سابقتها ويهدف التدخل الأخير في سورية ليس فقط للإطاحة بالقيادة السورية وإنما أيضاً لفرض نظام دمية عميل مسيطر عليه من قبل الولايات المتحدة بهدف تعزيز الهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط ليس فقط بسبب أهميته البالغة من الناحية الاستراتيجية وكونه غنياً بالنفط وإنما أيضاً من أجل التحضير للمزيد من الحروب الأكثر كارثية ضد الحلفاء الرئيسيين لدمشق ، إيران وروسيا.‏‏

إن منطق محرك الامبريالية الأميركية على العالم يؤدي حقاً إلى حرب مع روسيا والصين والتوترات المتصاعدة مع حلفاء واشنطن المزعومين في أورويا ، ما يهدد البشرية بمواجهة شبح حرب عالمية ثالثة.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية