|
شؤون سياسية فواشنطن وتل أبيب قررتا تسخير كل حلفائهما في المنطقة من تركيا حتى أصغر حليف عربي من أجل التخلص من جميع من جميع الأطراف التي تعمل على التصدي لهذه الهجمة أوعرقلتها أو الامتناع عن التجاوب مع أهدافها. وفي ظل هذه الحرب الأميركية- «الإسرائيلية» المكشوفة والممتدة من ساحل المتوسط إلى الخليج إلى شمال إفريقيا يخطىء من يعتقد أن القادة الذين يتحالفون مع واشنطن في هذه الحرب لن تعمل واشنطن على التخلص منهم لمصلحة مخطط إعادة رسم خريطةسياسية تحاول فيهاهذه القوى تجزئة اليمن والسعودية والجزائر بل مصر والمغرب والسودان الذي أصبح مخطط تجزئته واضح المعالم بعد إنشاء دولة جنوب السودان واستمرار العمل على تجزئة مناطق أخرى فيه. وتشير بعض مراكز الأبحاث «الإسرائيلية» إلى أن أفضل وضع أمني يرسخ استمرار وجود «إسرائيل» لعشرات السنين لايتعلق بقوتها وقوة تحالفهامع أكبر القوى العظمى فحسب، بل يتعلق بضرورة أن يكون جوارها في أضعف حالاته بعد تجزئته إلى دويلات أومناطق متنازعة تحت إدارات خاضعة للولايات المتحدة والغرب. لكن المأساة التي يشهدها العالم العربي المعاصر في هذه الظروف هو أن معظم القادة العرب الذين تربطهم علاقات صداقة مع الولايات المتحدة والغرب لم يقتنعواحتى اللحظة بأن الإدارة الأميركية ستتخلى عنهم في الوقت الذي تصبح بلدانهم ضمن مرحلة التجزئة. ومازال الرؤساء والملوك العرب الذين يعتبرون الولايات المتحدة دولة حليفة أوصديقة تحافظ على صلابتها ودعمها لهم يرتكبون خطأ كبيراً تثبت مخاطره منذ بداية القرن الماضي حتى الآن، أي منذ «الشريف حسين» والحرب العالمية الأولى والدور البريطاني- الفرنسي في تجزئة واقتسام الوطن العربي. ومن لايرد الاقتناع بهذه الحقيقة، فلينظر إلى الدور الإسرائيلي الذي تستند الاستراتيجية الأميركية إليه ولقواعدها العسكرية في المنطقة، وعن هذا الموضوع يعترف المحلل الإسرائيلي (لازاربيرمان) في تحليل نشره في الموقع الإلكتروني (ذي تايمز أوف إسرائيل) منذ مدة أن السياسة الإسرائيلية تريد من الولايات المتحدة إنجاز تقسيم وتجزئة دول كثيرة عن طريق إنشاء دول ودويلات على أساس طائفي أوإثني وخصوصاً في العراق وإيران وتركيا وسورية ومصر ويرى (بيرمان) أن واشنطن قد لاتتشجع لفرض هذه السياسة في تركيا، لكن التطورات المتلاحقة وظهورلاعبين صغار جدد في هذه الدول وتعزيز قدراتهم سيحمل معه النجاح لمشروع من هذا القبيل. وسيشهد محللون إسرائيليون آخرون بحالة (الفوضى) غير المسبوقة في تاريخ دول كثيرة في المنطقة من مصر إلى سورية إلى العراق إلى اليمن إلى لبنان إلى ليبيا وتونس ويعتبرونها الفرصة السانحة أيضاً لإعادة تشكيل الكيانات السياسية بطريقة أكثر تجزئة من أي مرحلة تاريخية ماضية. ولا أحد يشك أن «إسرائيل» وحدها وبقدراتها وحدودها الحالية لايمكن أن تتولى إدارة أو تنفيذ مشروع كهذا إلا إذا ماوضعت خطته وإدارته الولايات المتحدة الأميركية، ففي دراسة أعدها أحد الخبراء الإسرائيليين (رالي أهاروني) جاء أن مصر يمكن تقسيمها إلى أربع دول واحدة منها في سيناء وأخرى مستقلة قرب قناة السويس والجهة الأخرى وثالثة تمتدحتى الصحراء على حدود ليبيا، ورابعة في الشمال واعتمد «أهاروني» في دراسته على مبدأ جيوسياسي يوفر لإسرائيل تحالفاً مع (دويلة سيناء) ودويلة (قناة السويس) لأنهما ستشكلان حاجزاً جغرافياً وبشرياً ومائياً تستند إليه« إسرائيل» في حماية مشروعها الصهيوني. فالملاحظ منذ عام2010 وبداية الثورة الشعبية في تونس وفي مصر وفي اليمن وهي دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة في عهود رؤسائها مبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح أن التطورات فيها لاتزال لم تفرز نتائجها المطلوبة من الشعب صاحب المبادرة في التغيير والإصلاح، ومن الواضح أن التدخل والسيطرة الأميركية على آلة الحكم والدولة في هذه البلدان توفر للمشروع السياسي الأميركي لإعادة رسم خريطة كيانات سياسية جديدة في هذه الدول وفي دول أخرى في الشرق الأوسط والبقاء على جدول العمل الأميركي- الإسرائيلي فمنذ عام 1982 نشر الصحفي الإسرائيلي (عوديدينون) المقرب من وزارة الخارجية الإسرائيلية دراسة بعنوان (استراتيجية اسرائيل في الثمانينيات) كشف فيها عن دعوة اسرائيلية بتحويل الجبهة الشمالية والشرقية إلى دويلات صغيرة تنشأ على خلفية طائفية واثنية تمتد من العراق إلى الأردن إلى سورية ولبنان، فتتخلص «إسرائيل» من هاتين الجبهتين بعد أن جمدت جبهة الجنوب التي كانت تشكلها مصر قبل كامب ديفيد وتمكنت «إسرائيل» من فرض تقسيم بعد عام 20٠6 بين الضفة الغربية وقطاع غزة واعتبرته مثالاً يجب تطبيقه على الدول المحيطة بها بما في ذلك مصر. |
|