تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لنعزز السلوك اللاعدواني .. ولنكن قدوة لأطفالنا

مجتمع
الاثنين 11-11-2013
منال السمّاك

شجار بين الوالدين في المنزل .. و نقد و توبيخ أو عصبية من قبل المدرسين في المدرسة .. عراك بين الأخوة في البيت و أبناء الجيران في الحي .. ألعاب على الكمبيوتر سمتها الأساسية العنف و الرعب ،

و من ثم تكمل دائرة العنف مشاهد قتال و حمل أسلحة و جثث مترامية و مقطعة على شاشة التلفزيون مخترقة عالم الطفل في عقر داره ، و مقتحمة براءته و نزوعه الفطري للسلام و الوداعة ..‏

عالم يتصف بالعنف و العدوان يحيط بأطفالنا ، و دون أن ندري يتسرب خلسة إلى سلوكهم و أفعالهم ، ليبدو بعض الأطفال عدوانيين مبادرين للعنف ليس دفاعاً عن النفس فقط و إنما هجوم و تعمد إيذاء الآخرين بالضرب أو تخويفهم و تحقيرهم ، في حين يتباهى بعضهم باستعراض قوتهم من خلال الاعتداء على الآخرين .‏

رغبة بإيذاء الآخرين‏

للعدوان و العنف أسباب و هناك طرق لمساعدة الطفل للتخلص من هذا السلوك ، هنا توضح الباحثة النفسية ثناء سليمان أن العدوان هو استجابة طبيعية لدى الأطفال ، فهو بمعناه البسيط يظهر عندما يحتاج الفرد إلى حماية أمنه أو سعادته أو فرديته ، و بتعريف العدوان هو سلوك يؤدي إلى إلحاق الأذى الشخصي بالغير ، و قد يكون أذى جسمياً أو نفسياً ، و يظهر بصور متعددة كالاستهزاء أو التخويف أو التحقير من شأن الآخرين أو رمي الفرد بألقاب معينة لها علاقة بالشكل مثل طوله أو قصره ، أو لها علاقة بالأصل أو البلد التي ينتمي إليها ، و أحياناً يأخذ العدوان منحى العنف بالضرب .‏

و يظهر جميع الأطفال قدراً من النزعة العدوانية ، و لكن هل يعني هذا أن جميعهم عدوانيون ؟ هنا تجيب الباحثة سليمان طبعاً هذا لا يعني أن جميع الأطفال عدوانيون ، فالطفل العدواني يتصف غالباً برغبته الواضحة بإيذاء الآخرين ، فهو يدرك أنه يلحق الأذى بالآخرين ، و هو لا يمارس النزعة العدوانية كوسيلة للعب أو الاستيلاء على ممتلكات الآخرين أو الدفاع عن نفسه ، بل حباً بالإيذاء ، و ذلك لأنه يجد متعة في ذلك و لا يشعر بالندم أو الأسف و يجد في إزعاج الآخرين تعزيزاً لإحساسه بالثقة بالنفس وتحقيق الذات .‏

و يمارس الطفل العدواني سلوكه غير السوي كلما سنحت له الفرصة ، في حال وجد طفلاً أضعف منه لا يستطيع رد عدوانه ، و في حال كان شديد العدوانية و بشكل مستمر ، يميل الطفل لأن يكون قهرياً و متهيجاً و غير ناضج و ضعيف التعبير عن مشاعره ، و يجد صعوبة في تقبل النقد أو الإحباط ، و قد وجد أن الأطفال الأقل ذكاء هم أكثر ميلاً للعدوان .‏

تقليد أو تعويض أو غيرة‏

أما عن أسباب العدوان فترجعها الاختصاصية إلى عدة عوامل منها بيولوجية غير مكتسبة أو يكون محاولة لتقليد سلوك المحيطين به كالآباء أو الأخوة أو الرفاق ، و قد يكون نتيجة الإحساس بالنقص النفسي أو التحصيل الدراسي أو عيب جسمي أو نطقي، وربما يرجع إلى إحباطات الحياة اليومية فتكون التصرفات العدوانية تعويضاً لنقص أو محاولة لجذب انتباه الآخرين ، و قد ينتهج الطفل سلوكاً عدوانياً تجاه الآخرين بسبب كراهيته لهم أو بسبب الغيرة منهم ، أو في محاولة للتخلص من ضغوط الكبار و سلطتهم التي تحول دون تحقيق رغباته ، و عقاب الطفل جسدياً يدعم فكرة العدوان لديه .‏

كما توصلت عدد من البحوث إلى أن لبعض وسائل الإعلام خاصة المرئية منها، تأثيراً سلبياً على الأطفال ، حيث تبين إمكانية إفضاء مشاهدة العنف في برامج التلفزيون إلى سلوك عدواني عند الأطفال على سبيل المحاكاة ، و لكن أكدت بعض البحوث الأخرى أن مشاهدة العنف لا تؤدي إلى عنف إلا إذا كان الطفل مهيأ لذلك ، كما تبين أيضاً من هذه البحوث الأخيرة إلى إمكانية درء التأثير السلبي الذي يرد من وسائل الإعلام من خلال الأسرة عن طريق إيضاح هذه المشاهد للطفل و مدى الخيال فيها .‏

توفير بيئة سليمة‏

و لتخليص الطفل من هذا السلوك هناك عدة خطوات ، منها تعزيز السلوك المرغوب به ، و محاولة الأهل تجاهل بعض التصرفات العدوانية في حال كانت لا تشكل خطراً ، و اللجوء إلى تعليمه المهارات الاجتماعية ، و تطوير مهارة الحكم على الحكم الاجتماعي و مسؤولية التفكير بنتائج الأفعال و مراعاة مشاعر الآخرين و احترام حقوقهم ، و المحاولة قدر الإمكان التقليل من فرص التعرض لنماذج عدوانية ، و تقديم طرق بديلة للتخلص من الغضب عبر اللعب و الرياضة ، و العمل على تنمية الغيرية و الإحساس بالآخرين و معاناتهم و توفير بيئة سليمة للطفل من حيث الحب و الرعاية المناسبين ، و إن اضطر الوالدان للعقاب أن يكون مناسباً بعيداً عن الأساليب المؤلمة لإيقاف العدوان ، و أن تكون النزاعات الزوجية في حدها الأدنى، لأن الطفل يتعلم الكثير من سلوكه الاجتماعي عن طريق ملاحظة الأبوين و تقليدهما .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية