تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التلاسيميا تقتل دون موعد... والمجتمع مسوؤل عن ضحايا الأمراض الوراثية

مجتمع
الثلاثاء 12-11-2013
أيدا المولي

كان أحمد على وشك التخرج من كلية الآداب -قسم التاريخ - بمعدل عالٍ ومع ذلك كان يومه يتعكر عندما يسأله أحد عن سر اصفرار وجهه دون أن يعرفوا انه مريض تلاسيميا ,

لكن أخيه تمام الذي وصل الى السنة الثالثة في كلية الفنون الجميلة في السويداء لم يكن يعني له الأمر كثيرا فحبه للحياة وتفاؤله بالمستقبل كان قويا , الاأن موت أحمد قتل ذلك الحب وقال منذ فقدانه لأخيه : أنا مثل أخي لن تكتب لي الحياة , وبعد شهرين لاأكثر جمعهما القدر ثانية في الآخرة .لاأعرف من أي زاوية سأتناول موضوع تمام وأخيه , هل من زاوية حث المجتمع على اعطاء أهمية كبرى لعيادة الفحص الطبي ماقبل الزواج لمعرفة الأمراض التي تنتقل وراثيا -وخاصة التلاسيميا - ومحاولة التدخل الطبي لمنع حدوث تلك الكوارث العائلية ؟ أم سنكتفي بالحديث عن مناقب الفنان تمام بسام بصل الذي ولد عام 1993 ومات شابا في عام2013 .‏

أعتقد أن الحياة تستحق أن تولد بلا أمراض -مع علمنا أن القدر أقوى -لكن التطور العلمي والطبي يدعو الإنسان الى الكشف عن أمراضه الوراثية كي لايصل الى مرحلة يشعر فيها أنه قتل أولاده بارادته شقيقان من ضحايا التلاسيميا .‏

تنتشرالتلاسيميا في جميع أنحاء العالم وهو أحد أبرز أمراض الدم الوراثية الانحلالية التي تسبب تكسر كريات الدم الحمراء وهو منتشر على مستوى العالم بشكل عام وعلى مستوى البحر الأبيض المتوسط بشكل خاص ويحتاج المصاب به الى نقل الدم كل 15 يوما وتظهر الاصابة في‏

السنوات الأولى من عمر الانسان وتتمثل الأعراض الأولية في شحوب لون البشرة وتأخر النمو , فقدان الشهية , الاصابات المتكررة بالالتهابات .‏

وبلغ عدد مرضى سورية حسب احصائيات البرنامج الوطني للتلاسيميا 7750 مريضا عددهم في دمشق 2900 مريض يراجعون المراكز والعيادات التي تقدم العلاج مجانا نظرا للكلفة المالية العالية التي ترهق ذوي المريض وهي تتراوح بين 200- الى 400 ألف ليرة سورية سنويا أما المعاناة النفسية فهي أضعاف مضاعفة من المعاناة المادية وهذا شئ يمكن أن نتعاطف معه -كأشخاص دون تلاسيميا- لكن طعم المرارة تحرق قلب المريض وعائلته أكثر من أي شخص آخر في المعرض الذي اقامته جمعية العاديات في سلمية بعنوان تحية الى روح الفنان الشاب تمام بصل حضرت سوسن الاخت الوحيدة المتبقية في عائلة كانت مكونة من أب وأم و شقيقين ذهبت التلاسيميا بالشقيقين ولم يتحمل قلب الأب فراقهما وفي أربعين تمام لحق بولديه ولم يستطع حضورالمعرض أما سوسن فقد وضعت على الجرح ملحا وتركت عزاء والدها وحضرت المعرض علها تعثر على أحمد وتمام في الأصدقاء الذين أقاموا له معرضا وحضروا بلوحاتهم ال75الى قاعة المعرض .‏

قالت سوسن : لم يمنحنا القدر فرصة لنتفاجأ بالموت المتواتر لشقيقيٌ احمد كان على وشك التخرج وكان متفوقا وكأنه كان يسابق الزمن كي يقهر الموت لكن الموت قهره كما قهر أخوه وتمام كان انسانا محبا للحياة ولم نكن نعرف انه يرسم الا في المرحلة الثانوية وكانه كان يسرق من الزمن غفلة عله ينسى أنه انسان مصاب بالتلاسيميا وأن الفن يمكن أن يشفع له وان الألوان تشبه الحياة وتشبه الموسيقا وهذه فنون لاتموت بموت صاحبها . سوسن تتمنى من كل من لديه أمراض وراثية الايقدم على الزواج الابعد فحوص دموية واستشارات طبية كي لايصل الى مرحلة يفقد فيها أبناءه بعد أن يصبحوا شبابا .‏

عصام كحلة الصديق المقرب من الفنان تمام قال : كنت قد جهزت اللوحة ليبدا تمام برسمها , وضعت القماش الأبيض وقلت له: غدا أنتظرك لنبدأ رسم اللوحة التي تريد وإن غدا لناظره قريب ففوجئت في العاشرة والنصف صباحا أن اتصالا من هاتفه يرن : رددت عليه : اهلا تمام : فأتاني صوت أخته : لقد مات صديقك , مات حلمه بأن يكون فنانا . لكن عصام الذي كان يعيش مع أحلام صديقه لم يشأ أن يمر اربعين تمام دون أن يقيم دون أن يقيم له المعرض الذي لم يكمله بريشته وحده بل اجتمع كل من الفنانين الشباب “ تمارا داغستاني - كوثر ملوحي -ديمة الظريف.‏

-سلام معصراني -نسرين ملوحي -طارق يد -حسين فخور -جمال الدبيات - حسين طنجور -وغيرهم ممن لم أستطع مشاهدة أعمالهم بسبب انقطاع الكهرباء - فعذرا -‏

أصدقاء الفنان تمام أرادوا احياء ذكراه بطريقتهم فأقاموا له معرضا بالتعاون مع جمعية العاديات في سلمية التي لم تتوانَ في لم شمل المواهب الشابة التي رسمت ولونت وعرضت لوحاتها وهي تدرك أن روح الفنان تمام حاضرة تبتسم وتشكر كل من ساهم بايجاد اسم له تحت الشمس.‏

في جولة «الثورة » في قاعة المعرض اكتظت القاعة بالحضور فنانين وأصدقاء ومدعوين وافتتح الحفل التأبيني بفيلم قصير حول الفنان الذي لم يكمل مسيرته فكان لرئيس الجمعية غالب المير كلمة تحدث فيها عن تاريخها ونشاطاتها واحتضانها للفعاليات الشابة وقدم مصطفى الشعار -الصديق الموسيقي -مع زملائه مقطوعة راب تحية الى روح صديقهم الذي ذهب ضحيةالمرض‏

في سلمية 100 مريض تلاسيميا -نقص منهم اثنان -لابد من الفحص الطبي في عيادة ماقبل الزواج المفتتحة في محافظة حماة والتي أدى الفحص فيها الى اكتشاف حالات مرضية من التلاسيميا والتهاب الكبد وكان على الطبيب أن يقدم النصيحة بعدم الزواج وبذلك يكون قد قلص حالات الموت بسبب الامراض الوراثية ويتمنى القائمون على العيادات تلك صدور قوانين تمنع زواج شخصين يحملان نفس المرض حماية لجيل المستقبل وهي وصية المجتمع لأبنائه وهذه الوصية بحاجة الى مساندة الجهات الاجتماعية والدينية والأهلية لدعم المراكز والمساهمة بشكل مادي أو توعوي والأفضل أن تقوم هذه الجهات بحملات توعية لمراجعة عيادات ماقبل الزواج كي يكون دورها أكثر فاعلية وأقل ضحايا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية