|
فضاءات ثقافية
فمن 31 تشرين الاول وحتى الثاني من تشرين الثاني توافد على برلين من مختلف أنحاء العالم عدد من الشخصيات المعروفة بوزنها في المجالات الفكرية والإبداعية بهدف المشاركة في مجموعة من الندوات المرتبطة بالعمل الإبداعي للمفكر إدوارد سعيد وإسهاماته. ولم تصادف الاحتفالية فقط ذكرى مرور عشر سنوات على رحيل ادوارد سعيد في الخامس والعشرين من 2003، وإنما أيضا عيد ميلاده السابع والسبعين في اليوم الأول تشرين الثاني. أيلول وافتتح التظاهرة مدير دار ثقافات العالم، بيرندت شيرر، وهي إحدى أكبر المؤسسات الثقافية في برلين قائلاً: «يهمنا أن نقوم بتكريم ادوارد سعيد، لأنه يمثل الخلفية الفكرية لهذه المؤسسة.» وأضاف: «نحن مدينون لإدوارد سعيد برؤية جديدة للعالم» وألقى المحاضرة الرئيسية عبد الفتاح كيليطو، وهو شخصية مغربية معروفة في عالم اللسانيات والنقد الأدبي، حيث تمكن في مداخلته من استعادة بعض من ملامح السيرة الذاتية لإدوارد سعيد. متعة النظر للناس كان ادوارد سعيد يشعر بمتعة غريبة في مراقبة الناس دون أن يلحظوا وجوده.»لذلك كان يحب قاعات السينما، ففي هذا المكان كان يبصر الناس دون أن يبصروه.» كما يقول كيليطو، ويلاحظ. لقد كان ادوارد سعيد مختلفاُ عن الآخرين، بل هو نفسه أدرك هذا الاختلاف منذ صغره، كما يقول في سيرته الذاتية. عندما بدأ الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية أدرك ادوارد سعيد وجود هذا الاختلاف في أوساط الطلبة الأمريكيين، الذين لم يسيئوا إلى أي شخص.الجميع يحبهم، وكانوا متكيفين مع طبيعتهم... الجغرافيا قبل التاريخ يعتبر العديد من الدارسين لمسار إدوارد سعيد أن كتاب «الاستشراق» الصادر سنة 1978 هو مشروع حياة المفكر الفلسطيني، والذي حلل فيه العديد من أعمال المستشرقين ورؤيتهم للشرق، التي كان سعيد يرى فيها الكثير من المغالطات. ويستدرك مدير دار ثقافات العالم بيرندت شيرر قائلاً:»لقد استخدم الغرب الكونية ليميز نفسه عن الآخرين، فأصبحت الكونية وسيلة للرفض الثقافي» من وجهة نظر شيرر يشكل كتاب الاستشراق إنجازاً فهو:» يعيد الكونية إلى أساسها المادي، وينتزعها من السلطة.، سعيد يهتم بالمكان أكثر من الزمان، لذلك فهو يهتم بالجغرافيا، أكثر من اهتمامه بالتاريخ.» ويضيف مدير دار ثقافات العالم:»لقد قدم لنا ادوارد سعيد قراءة جديدة للقيم الكونية» قضايا كثيرة شغلت تفكير ادوارد سعيد، أستاذ الأدب الإنكليزي المقارن بجامعة كولومبيا في نيويورك، حيث صدر له أكثر من خمسة عشر كتاباً. وقد تنوعت اهتماماته بين اللغة والأدب والسياسة والفن، بل وحتى الرقص الشرقي، إذ له مقال شهير عن الراقصة المصرية تحية كاريوكا بعنوان «تحية إلى راقصة»، وهو المقال الذي تضمنه كتابه «تأملات حول المنفى» الصادر عام 1990 كما ظهر إدوارد سعيد في مشهد صغير في فيلم «الآخر» للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين، وهو الفيلم الذي تناول موضوع الصراعات بين الثقافات والأديان، وظهر فيه سعيد بشخصيته الحقيقية كأستاذ جامعي. بعد رحلة البحث عن العلاج من المرض وبعدما أدرك إدوارد أنه لا أمل في الشفاء، أخذ المفكر الكبير يتمرن على العيش «خارج المكان»، كما يلاحظ المحاضر كيليطو عندما قال:» لقد جرب سعيد العيش في عالم آخر، فتجربة سفره إلى الولايات المتحدة، إلى عالم لا يعرفه، كانت شبيهة بالرحلة إلى العالم الآخر». |
|