تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصراع حتى النهاية مابين الوطن والإرهاب

شؤون سياسية
الثلاثاء 12-11-2013
بقلم: د. أحمد الحاج علي

يتوجب علينا بفعل المنطق والمعاناة معاً أن نثبت الدرس الأهم من كل هذا الذي يراد بنا ولنا في الوطن السوري الجريح هذا الدرس هو أن نزعة العدوان والتخريب والسيطرة والهيمنة مازالت قائمة لديهم هناك على الحدود أو خلف الحدود،

وأن الشر مازال يتربص بنا وهو وراء الأبواب وهو معلب بعبوات مسمومة من النفوس البشرية التي لاتجد نفسها إلا بالإرهاب ولاتقيم وزناً لوازع أو قيم، ولاتتردد في أن تبيع طاقتها المحمومة لمن يشتري ولمن يدفع أكثر، والذين يشترون والذين يملكون المال الحرام الأكثر هم مبثوثون على شكل دول كبرى وكيانات صغرى وتجار سياسة وعقائد ووظيفتهم في أصلها هي في البيع والشراء في أسواق النخاسة والسياسة هذه طبيعتهم وهذا تكوينهم السيكولوجي والأخلاقي والتربوي.‏

وفي المحصلة هذه هي أهدافهم العليا حيث لايجدون ذواتهم إلا في قتل الآخر وتدمير حياة الآخر وسرقة ممتلكات الآخر والسطو على أعراض الآخر ومادمنا في التأشير على هذه الظاهرة السلبية الخطيرة فإنه من الأجدى والأجدر أن ندخل إلى عمق هذه الظاهرة لأنها وباء العالم أساساً ولأن الدنيا في رأيها وسلوكها موزعة بين قاتل وقتيل والآن بعد طول معاناة وبعد أن بدأنا بالخروج من الليل المظلم نستطيع على ضوء مصابيح الشهداء أن نلتقط خصائص ثلاث لهذه القوى مالكة مشروع الشر وصاحبة الامتياز الإرهابي فيه ولنتذكر بأن هذه القوى هي دول عظمى كما جرى المصطلح في تسميتها وأنظمة موظفة تابعة وتنظيمات سياسية تكفيرية ومجموعات هائجة تشكلت على وجه السرعة وفي اللحظة الفاصلة مابين استمرار الوجود واستراحة المحارب البناء هذه القوى والمجموعات تتحد في جوهرها ومضمونها وفيما عدا ذلك تتناقض في كل شيء ومن هنا يأتي هذا التدفق الإرهابي في شراسة العدوان على سورية.‏

إن القتل يوحدهم والعقل والمشروعية والواقع كل ذلك يحولهم إلى أشتات يأكل بعضها البعض الآخر فالمهم هو أن تستمر وتتفاقم عملية الافتراس إذاً إن وحدتهم الملفقة في استهدافهم العدواني لسورية ومن هنا كان إيغالهم في الدم السوري واتباع أسلوب الافناء الكامل لكل ماهو ومن هو سوري البشر الساعون في الأرض على رزقهم هم الهدف الأهم والحجر والأثر والشجر والمدرسة والمصنع والشارع والكنيسة والجامع كل ذلك هو الهدف المكمل لمحور سحق البشر وتقطيع أوصالهم، هذه قصة ليست جديدة في التاريخ ولكنها مستجدة الآن بإهاب العصر وتكنولوجيا العصر وفيضانات الثقافة والإعلام والمال المسمومة والتي لابد أن يكون لها عمل عبر قتل الناس يندمج في الوظيفة الإرهابية التي تستوعبها قصة إقصاء الآخر وإفنائه ولنتصور الآن الكم الناتج عن هذا النزوع الإرهابي وهو يتسلل تحت جنح الظلام في ربوع سورية الحبيبة كم هي المعاناة عميقة ومؤلمة لأن أفواج الإرهاب عميقة وقاتلة بلا تردد وبلا توقف هنا يقع المعنى الأكبر والأخطر ذلك أن كل مايجري على سورية هو موصوف في بند واحد هو تدمير الوطن السوري وإلى الأبد كما يتوهمون هذه المرة وعلى هذا النحو نستطيع أن نجري المقارنة والمقاربة بموجات العدوان وأحواله في كل مراحل التاريخ وعندها نكتشف أن هذه الموجة الاستعمارية الإرهابية التكفيرية هي الخلاصة المكثفة والمتطورة لكل شرور العالم وانحرافاته.‏

وهنا نستمد سؤالاً ضرورياً في هذه الأيام يعدل المعنى الفكري والواقعي لتيار الأسئلة المرة والمزيفة بكاملها والسؤال هو كيف صمدت سورية العربية على مدى الأيام والشهور والسنين لهذه الحرب الإرهابية الكونية والآن يجري تعديل مهم على هذا السؤال وهو كيف استطاعت سورية العربية أن تفجر مقامات الانتصار وضياء الخروج من هذه الأزمة الخانقة، أكاد أقول صبرنا صبر المحتسب وقدمنا الضحايا والشهداء ثم داهمنا العدوان في أوكاره وقفاره وأنفاقه في معركة تحت الأرض وفوق الأرض وفي المسافة الواقعة مابين الأرض والسماء، آن لنا عند الجواب أن نتعرف إلى ذاتنا وهي الأغنى والأكثر خلوداً وهي المحصنة برعاية الخالق ورسالة السماء واستجابات أبناء هذا الوطن عبر آلاف السنين لمن حمّلهم الأمانة وزودهم بطاقة لاتنضب للصبر على المحن والشدائد في كل مراحل التاريخ والآن نعود إلى ماكنا قد طرحناه في مقدمة المقال عن خصائص الإرهاب وسماته الشاذة وقد اخترنا منها ثلاثاً... أولها- أن نسق الإرهاب بكامله ينتمي إلى تلك الثقافات الطارئة والعقائد المشوهة والوجبات الثقافية المصوغة بليل الظلم والظلام والجهل وهذا ماشكل لدى هذه القوى على تناثرها برنامج عمل وقاسماً مشتركاً في اللحظة الراهنة على الأقل, فهؤلاء الإرهابيون بكل تصنيفاتهم ليسوا بشراً أي إنهم لم يتلقوا دروس الخير والسلام وحدود الحلال والحرام في أي تجمع لهم، هم فاقدون للذاكرة الإنسانية ولذا كان من الطبيعي أن لايشعروا بالحرج أو الشذوذ أو الصدمة أو الإحساس على الأقل وهم يمعنون في القتل والتفجير والتدمير إنهم ليسوا بلا ذاكرة إنسانية فحسب ولكنهم بلا ضمير فردي أو جمعي وهنا في هذه الخاصية يقع السر الأخطر لمنابع الاستعمار والامبريالية والصهيونية ومنظمات التكفير.‏

والثانية- من الخاصيات الإرهابية هي توحدهم على مايسمونها (الفريسة) وهكذا هاجوا وماجوا وجمعهم أفق صدىء واحد وصبوا حقدهم اللئيم في إطار أن يبقى الموت مستمراً في سورية العربية وأوغلت نزعتهم هذه وتمادت في الجريمة لأن هناك قوى استعمارية كبرى تصنعهم وتصنع لهم تعدهم وتغذيهم وتحميهم ولأن هناك شياطين ندبوا أنفسهم لتبرير القتل باسم الدين وجعل تدمير البشر جزءاً من عقيدة إسلامهم, وتبقى الخاصية الثالثة- لقوى الإرهاب وهي المتمثلة بإنشاء منظومة من الكيانات السياسية والثقافات الهجينة والتي من شأنها أن تغذي كل مصادر التجزئة وأن تبعث إلى الحياة مشاعر الأحقاد وخرازات التاريخ المزيفة وأن تخاطب بمنطق غرائزي تلك العقول والقلوب التي لاتملك سوى الغريزة وما أوقح الغريزة حينما تستولي على البشر لأنها حينما تستولي لاتبقي ولاتذر هذه خصائصهم ولكنها ليست مالكة الحياة والميدان ومن نعم الله أن تكون لسورية العربية قبل غيرها وبعد غيرها خصائص لاتنضب متفتحة في نبع المحبة والبطولات والشهادة والصمود والوحدة والقدرة على العطاء، ومجال البحث هنا طويل وعميق ولكن الموضوع يتطلب أن نشير إلى ذلك في مواجهة العدوان الأكبر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية