تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صناعة إسرائيلية بامتياز..!

نافذة على حدث
الثلاثاء 12-11-2013
عبد الحليم سعود

بعد مضي تسع سنوات على رحيله الغامض، عادت قضية وفاة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات لتفتح من جديد

مع تأكيد التحاليل الطبية التي أجريت على عينة من جثمانه في سويسرا الشكوك السابقة والمستمرة حول احتمال تورط إسرائيل بعملية اغتياله، فالنسبة المرتفعة جداً لمادة البولونيوم السامة في جسد عرفات تضع إسرائيل دون غيرها في قفص الاتهام، كونها صاحبة المصلحة والدافع الأكبر لارتكاب هذه الجريمة، وليس سراً أنها كانت تحاصر عرفات في مقره لسنوات طويلة لإرغامه على توقيع صك التنازل الكامل عن حقوق شعبه.‏

الهزلي والمثير للسخرية في جديد هذه القضية هو محاولة مسؤولي الكيان الصهيوني التنصل من جريمة الاغتيال وادعاء البراءة رغم التاريخ الدموي الطويل والسجل الحافل لكيانهم في عالم الإجرام والاغتيالات بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه، إذ سبق للأيادي القذرة في جهاز الموساد أن اغتالت قيادات ومناضلين فلسطينيين في فلسطين ولبنان وسورية وتونس والإمارات..إلخ، دون أن يرف لإسرائيل جفن فما الرسالة من إنكار هذه الجريمة التي يعلم القاصي والداني أنها صناعة إسرائيلية بامتياز..؟!‏

في القراءة الأولية لهذا الإنكار تبدو إسرائيل قلقة من افتضاح أسرار هذه الجريمة المرتكبة بأسلوب مختلف، وخائفة من تداعيات اتهامها بها، لأن معظم جنرالاتها وحكامها مطلوبون بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واتهام من هذا النوع سيزيد من عزلتها وحرجها أمام حلفائها الغربيين وسيجعل موقفها التفاوضي مع الفلسطينيين أكثر صعوبة، وقد يخلق لها متاعب إضافية في الداخل بسبب الأوضاع المأساوية التي يعانيها الفلسطينيون جراء الاحتلال والاستيطان والإجراءات القمعية والدموية التي تمارسها بحقهم والتي جعلت الوزير الأميركي جون كيري يحذر إسرائيل من انتفاضة فلسطينية جديدة.‏

المرجح أن تستمر إسرائيل في إنكار الجريمة، وأن تلجأ إلى الكذب والاحتيال لإضعاف القضية وتمييعها خشية حدوث ما لا يحمد عقباه، ما يرتب على الفلسطينيين جهوداً مضاعفة ومسؤولية أكبر تجاه تجريم إسرائيل وفضحها وملاحقتها أمام محاكم العالم، اقتصاصاً لدماء عرفات من جهة وانتصاراً لقضيتهم واسترداداً لحقوقهم المسلوبة من جهة أخرى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية