تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هدر المال العام تلوث بيئي من نوع آخر..!

بيئة
الأربعاء 22/6/2005م
د.م ميسون بريمو

مما لا شك فيه أن غياب الشعور العالمي بالمسؤولية وغياب المواطنة البيئىة هما أعتى أنواع التحديات التي يواجهها القطر العربي السوري.

وخير مثال على ذلك غياب الشعور بالمسؤولية تجاه صنابير المياه المعطلة دوماً في أغلب دوائر الدولة إذ إنه يندر أن تدخل حماماً عاماً في أي من دوائر ومؤسسات القطاع العام, وترى المياه والنظافة والتشديد على بيئة سليمة,وهذا مالا تراه في دوائر تعود لملكية القطاع الخاص,‏

ولقد كانت الأولويات البيئية التي تترتب على كل فرد هي أكبر وأهم وأعمق من ذلك,ولكن ما لم نبدأ بمثل تلك القضايا التي قد يستخف بها البعض ويتجاهلها البعض الآخر و هي من المظاهر الحضارية وغيابها يعد نقيضاً للحضارة,إذا أن الحضارة والتلوث نقيضان لا يجتمعان,وكم وكم تتشعب المثل الحضارية والقيم الأخلاقية من سلوكنا اليومي في عبور الشارع والتعامل مع الطفل وحسن التعامل مع الأرض والشجر والحجر والبشر, ونتيجة ذلك حب الوطن لأن كل مقومات الحيز البيئي تعود علينا بالخير فإن بادلناها خيراً كان ذلك,ولا أظن أن 62,5 مليار ليرة سورية خسائر القطاع العام في الصناعة والإنشاء لعام 2004 إلا دليل واضح على الاستخفاف بالأموال العامة,وغياب المواطنة وحق التعامل مع المال العام وأنا أراه قضية بيئية تبدأ بالسلوك الاجتماعي الذي يحتاج لغياب نظرة الآنية والذاتية والتجاذب بين الضمير البيئي والوجدان المسلكي الذي يشكل أساس العلاقة, ولنرى كل فرد منا يتفاعل بالإيجابية مع البيئة ولنغرس شجرة العرفان بالوطن ونؤهلها أحسن تأهيل فو الله ليس هناك أغلى من وطن تعلو شمسه على الدنيا ومن بيئة تحتضن الوطن الغالي.‏

فكيف لنا أن ندخل آلية تحقيق التنمية المستدامة,ونحن نستهتر بأساس الثروات الطبيعية, وكل فرد يعتبر أنه خارج دائرة الحماية البيئة متذرعاً أن دوره لا يشكل أهمية في تلك القضية,ولذلك لم يسيد قانون حفاظه على البيئة ثم أصبح ذلك عرفه وسلوكه وسلوك أجياله,والغريب أنني ألفت أيها القارئ أن المواطن السوري يلتزم كلياً بقانون حماية البيئة خارج الوطن بكل أنواعه من شكل تعامله مع الشارع والأرض والأفراد إلى ما هناك من كل أشكال إماطة الأذى عن الآخرين.لماذا نفس الفرد يختلف سلوكه هنا في وطنه الأم الذي أغدق عليه الكثير.ألا يستحق ذلك الوطن أن نعبر عن إجلالنا له على الأقل بحماية ذلك الحيز الذي إن تلوث يصعب تجدده وتنظيفه.‏

وفي سلوكيات خاطئة يستعمل الجميع الورقيات بشكل ترفي ليس فيه حساب للهدر وإن تلك النفايات لها قيمة كمواد أثناء الشراء ثم تصبح نفايات يلزمها كلفة للنقل والتصريف ثم تصبح عبئاً على البيئية وفيما لو يتم تدويرها لإعادة الاستخدام ستكلف أرقاماً باهظة,لماذا لا نحتسب تلك الأكلاف ونرشد الاستهلاك في أول الاستخدام أي نقليل النفايات في المصدر ونستخدم الأوراق بحكمة,وعلى الوجهين كما أن تكنولوجيا الحواسيب تفرض عدم إفراطنا باستخدام الأوراق.‏

أما قضية الضجيج فالسلوكيات الشائعة أن الفرد لا يأبه بما يصدره من ضجيج وأصوات عالية أثناء الحوار في ردهات الدوائر العامة, وهي أدبيات البيئة وأخلاقيات الحضارة,وهناك قضية أكثر أهمية وتشكل ملمحاً هاماً لتراجع المردود الاقتصادي في المؤسسات العامة ويتهاون بها الكثير ظناً بأنها لا تحصل القيم الكبيرة وإنها مضيعة للوقت,فنرى أن اتقان صفة الكلام والثرثرة والتعرض لأحاديث هدفها إضاعة الوقت هو تحد كبير أما مردود عمل الفرد فلو احتسبنا أن نسبة 30% من ا لوقت يضيع في مواضيع ليس لها علاقة بالعمل, وأن نسبة 25% تضيع في احتساء القهوة والثرثرة,وتبقى نسبة 45% تتخللها الكثير في قضايا الروتين قد تصل إلى 20% فلا يبقى إلا القليل وهنا تضيع فرص العمل الجاد ويفتقد المردود المجدي للعمل ناهيك عن أن أغلب المديريين ورؤساء الدوائر تضيع من حقوقهم نسب أكثر في استقبال وتوديع الضيوف.أين الالتزام بزمن العمل الجدي الفعلي الذي أؤكد أنه بالقيمة الصافية لا يعادل ساعة أو اثنتين في اليوم??!!‏

نحتاج لإعادة تقييم جوهر العمل العام,وأن نسبة الإنجاز يجب أن تكون المؤشر الفعلي لكل من يعمل في الدولة لا تواجده فحسب فهلا نظرنا إلى بيئة العمل في القطاع العام.‏

ولم أسرد هنا الضياعات والهوالك في المواد المستخدمة في تنفيذ أي نوع من مشاريع القطاع العام كالمياه والحديد الأسمنت والرخام..وكل مواد البناء.‏

ويبقى أن التباطؤ والتلكؤ وبيروقراطية اللجان الفنية التي كثيراً ما تتأخر بتنفيذ عقودها لأسباب واهية أوغير واضحة غير آبهة أن تأخير المشروع فترة زمنية معينة كفيل بإخراجه من زمن الاستثمار بل وكثيراً ما تكون المشاريع قد تغيرت مواصفات فنية وكودات درست عليها فيما سبق أي خرجت من الجدوى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية