تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فرحان بلبل: النصوص القوية...خطوة أولى نحو النجاح

ثقافة
الأربعاء 22/6/2005م
عبد الحكيم مرزوق

الكاتب والمخرج المسرحي المعروف فرحان بلبل قدم مؤخرا محاضرة هامة بعنوان( المسرح ضد المسرح)وذلك بدعوة من فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص بحضور جمهور من الادباء والمسرحيين والمهتمين ومتابعي الانشطة الثقافية

تحدث فيها عن الكثير من النقاط الهامة في مسيرة المسرح العربي بعامة والسوري بخاصة والمشكلة التي بدأت مع ظهور السينما والتلفزيون وقال في بداية حديثه ان المسرح منذ نشأته كان المتفرد الوحيد في تقديم السهرات لأبناء عصره فكان يقدم لهم المتعة بالضحك والبكاء ويثيرهم بالقصص الغريبة المدهشة الممتدة من رحم الاسطورة الى قلب الواقع .‏

ورأى ان ظهور اكبر منافس للمسرح وهو السينما نهاية القرن التاسع عشر وأول العشرين ومن ثم ولادة المخرج الذي اعاد النظر في ترتيب عناصر العرض المسرحي واقامة التوازن بين هذه العناصر لتقديم شكل ابهى واعمق, واول مظاهر الشر ان المسرح حاول ان يستعير بعض ادوات السينما لكي يتغلب عليها.وهنا بدأ يدخل في تعقيدات شكلية .‏

واشار الى التطوير الذي طرأ على شكل الاداء المسرحي مما جعله اكثر جمالا وقال : الخطر جاء من تخلي المسرح في كثير من الاحيان عن الاعتماد على ركنيه الاساسيين وهما الممثل والكلمة ويعتقد بلبل ان الوصول الى تكامل العرض المسرحي هو الانتصار الاكبر الذي حققه المسرح في وجه السينما ورأى ان منتصف القرن العشرين جاء بمنافس شديد الخطورة للمسرح والسينما معا وهو التلفزيون . وهذا الوحش الكاسر صار سيد وسائل الاتصال مع المتفرجين بعد عقدين او ثلاثة من اكتشافه . واذا به يسرق الناس الذين كانت السينما قد سرقتهم من قبل ومن بعد و قدمت بعض النصوص المسرحية وجاء التلفزيون فأضاف الى المسرح اعلاما لم يكن متيسرا من قبل . فهو منبر للدعاية الاعلانية . وهو يستضيف الممثلين والمخرجين والكتاب وبقية العاملين في الوسط المسرحي . فيتيح لهم ان يتحدثوا عن اعمالهم المسرحية وان يغروا الناس بمشاهدتها وامكن له ان يقتبس بعض المسرحيات ليحولها الى دراما تلفزيونية .وقام بتصوير كثير من المسرحيات من مختلف انحاء العالم . فصار العربي يشاهد مسرحيات لم يكن يحلم يوما ان يراها الا اذا قطع المسافات الشاسعة لرؤيتها.‏

لكن هذه الخدمات الرفيعة التي قدمها التلفزيون وما تفرع عنه من وسائل اتصال كان يقابلها سرقة الجمهور من المسرح وهي سرقة فادحة لم يستفق منها المسرح حتى اليوم . وهنا اقترف المسرحيون اكبر خطأ يمكن ان يحاربوا انفسهم ومسرحهم به وهو انهم حاولوا تقليد وسائل التلفزيون في العرض وكانت غايتهم من ذلك ان ينافسوه. وبدأت هذه المنافسة تأخذ شكلها السافر في العقد الاخير من القرن العشرين فدخل المسرح في العالم في الباب المسدود الذي نراه اليوم عليه .‏

وتحدث عن الشكلانية التي هي من نتاج العولمة والتي ادخلت المسرح الى تقليد التلفزيون واصبح هوس المسرحيين يقوم في الدرجة الاولى على مادة نصية وليس على نص مسرحي.‏

وبعد اكثر من خمسة عشر عاما بدأ المسرحيون في العالم يكتشفون ان اللهاث وراء تقليد التلفزيون أوصل مسرحهم الى الباب المسدود.واكتشف النقاد والجمهور الكبير التأثير القابع في زوايا البيوت كالتعويذة السحرية.‏

وتساءل الاستاذ المحاضر كيف يستطيع المسرح في العالم وفي الوطن العربي ان يستعيد جمهوره وحيويته ? وقال :‏

ان العودة الى تقديم النصوص المسرحية القوية ذات الحكاية المشوقة والمضمون الانساني العميق هي الخطوة الاولى في سبيل استعادة المسرح مكانته السابقة ووقوفه بجدارة بين زحمة وسائل الاتصال المرعبة في قدرتها على سرقة الجمهور منه اما الخطوة الثانية فهي الاعتماد على الممثل القادر على تقديم المشاعر الانسانية بحرارة تتواصل مع المتفرج الجالس في الصالة بحيث تخلق من الناس المختلفي الاذواق والاتجاهات والافكار كتلة واحدة يصهرها العرض المسرحي مدة العرض في بوتقة حارة وهذا يعني العودة الى العرض المسرحي المتكامل بأركانه التي تتوازى فيها عناصر العرض المسرحي فلا يطغى ركن على ركن.على ان يكون هذا العرض موضوعا في سياق التطور التقني الذي وصل اليه المسرح بعد تطور وسائل الاتصال العالمية .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية