|
رؤية الذين يسيرون عكس التيار, ويتبنون قضايا خاسرة يدفعون, في سبيلها, من أعمارهم وجيوبهم, فقط لاعتقادهم بأنها صحيحة. لايقبلون العالم كما هو, فيهبون لبناء عالم جديد.. العالم كما يجب أن يكون, بحماس بطولي وأدوات هشة: كتاب, أو قصيدة أو حتى مجرد كلمة طيبة. ينتمي هؤلاء إلى سلالة دونكيشوت, أنقياء وسذج, يحاربون طواحين الهواء, ويتحركون بشجاعة في بيئة معادية غير متفهمة, وسط سخرية الآخرين الجارحة أو على الأقل الإحساس بالشفقة.. ومع كل ذلك لا أملك- شخصياً- إلا أن أنحاز لهم, لعنادهم النبيل وإرادتهم التي تثير الحسد, ولتلك الصورة التي يحاربون من أجلها: عالم أكثر لطفاً وحميمية.. وثمة سبب آخر لانحيازي: انهم بالفعل وأخيراً يحققون انتصاراً.. يغيرون أحدا ما, يوقظون نفساً نائمة, يقلقون عقلا بليدا... منذ أيام قابلت نماذج من هؤلاء في طرطوس: لقد أثارأاعضاءإدارة النادي السينمائي هناك شفقتي في البداية, وذلك عندما رأيتهم يجمعون من بعضهم حفنة من الليرات كي يقيموا تظاهرتهم (أيام سعد الله ونوس الثقافية) ولكنني وبعد ان جلست بين العشرات الذين زحفوا إلى هناك, وسط صيحات الإعجاب والتصفيق المدوي,وبعد أن استمعت إلى الكثيرين يناقشون بحماس مطالبين بسينما حقيقية ومسرح حقيقي.. انقلب إحساسي بالشفقة إلى إحساس بالحسد. ألمح لي أعضاء الإدارة بأن أنقل دعوتهم للجهات المعنية من أجل المزيد من الدعم والتبني, وربما أفعل علماً ان قناعتي هي عكس ذلك: لتدعهم الجهات المعنية وشأنهم, كي يستمروا في النجاح. |
|