|
عن مجلة اكسبريس أي منذ أن شنت مديرة متحف بوشكين للفنون الجميلة هجومها على نظيرها البطرسبورغي. بدأت الرواية في نهاية شهر نيسان خلال بث تلفزيوني سنوي مع فلاديمير بوتين في حوار متعدد لساعات عدة مع مواطنين روس من كل أصقاع البلاد. وفي آخر البرنامج رفعت ارينا انطونوفا, مديرة متحف بوشكين للفنون الجميلة يدها لتطرح سؤالها على سيد الكرملين, وفي ظل دهشة عمت, أخذت تروي حكاية متحف الفن الغربي المعاصر, الذي كان يضم مجموعة لوحات الانطباعيين ضمن مجموعة الهواة الروسيين (شوكين وموروزوف) والذي تم حله عام 1948 بأمر من ستالين, وعلى إثرها توزعت مقتنياته بين متحف بوشكين في موسكو ومتحف الأرميتاج في بطرسبورغ. ومنذ ذلك الحين غدت مجموعة بطرسبورغ هي الأهم في روسيا حتى ولو أن مجموعة العاصمة الروسية بقيت هي الأخرى من أهم اللوحات الانطباعية في العالم. ويضم متحف الأرميتاج الواقع على ضفاف نهر نيفا, في أحد قصور القياصرة 37 لوحة للفنان ماتيس و31 لوحة لبيكاسو وسبع لوحات لمونيه, ناهيك عن لوحات غوغان ورينوار وسيسلي وسيزان وغيرهم. فضلاً على أن الأرميتاج يعتبر عاملاً رئيسياً لجذب السياح إلى المدينة. وعقب عرضها التاريخي, طالبت السيدة انطونوفا باستعادة المجموعة الموجودة في الأرميتاج ونقلها إلى موسكو. إلا أن بيوتروفسكي مدير الأرميتاج الموجود ضمن الحضور أعرب في رده عن دهشته قائلاً: «أنا مندهش أن هناك مثقفين يجدون من المناسب التحاور من خلال اختيار طريقة للخلافات» وحالاً أعلنت الحرب, وأشار بيتروفسكي أن متحف بوشكين في موسكو في ذلك الحين تلقى 500 عملاً من الأرميتاج, منها لوحات لرامبرانت. وبعدها بيومين, طالب الرئيس بوتين بحسم القضية قبل منتصف شهر حزيران. ساد الاضطراب مدينة بطرسبورغ, حيث اجتمع مجلس نواب المدينة وصوتوا على قانون يحظروا بموجبه نقل لوحات الأرميتاج أو أي كان, حتى لو كان هذا لايأتي ضمن صلاحياتهم نظراً لأن الأرميتاج يعتبر متحفاً اتحادياً. من جانبه تقدم مدير الأرميتاج بعريضة وقع عليها حوالي 40000 شخصية من العاملين في الحقل الثقافي في العاصمة القديمة لعائلة رومانوف يقولون فيها: «إن جميع ما يحتويه الأرميتاج من أعمال الانطباعيين هي أهم ما يحويه المتحف, ونقلها إلى موسكو سيشكل مأساة للمدينة.» وبالتوازي مع ذلك, عقد في موسكو اجتماع طارىء برعاية وزير الثقافة الأربعيني ميدينسكي, وقد رفض الوزير والغالبية العظمى من الخبراء فكرة مديرة متحف بوشكين, التي عبرت عن عدم إعجابها بوزير الثقافة لأنه مر عليها خلال العقود الستة من عملها مجموعة من أسلافه. ومن ثم عقد اجتماع خبراء ثانٍ في مكتب المستشار الثقافي للرئيس فلاديمير تولستوي, وهو أحد أحفاد الكاتب الروسي الشهير, وانقسمت حينها الآراء. ومع ذلك, كان من الواضح أن جل المشاركين في هذا الاجتماع كانوا من المتعصبين للطابع القيصري لمتحف بوشكين, ولمديرته ايرينا انطونوفا, التي تسلمت إدارته في ظل عهد الرئيس نيكيتا خروتشوف عام 1961, وكانت تعمل فيه خلال أعوام الأربعينات, حينما جرى الحصول على العديد من اللوحات المعلقة فيه من ألمانيا خلال الحرب. ومن جانبه, أكد الناطق الرسمي باسم الكرملين أن قضية نقل اللوحات سيتم معالجتها من قبل خبراء مشهود لهم. ومن أجل الحرص على تفادي شبهات المحاباة, أوحى بوتين أنه يفضل عدم التدخل في تلك القضية المتفجرة. ولكن ينبغي عمل المزيد من أجل تهدئة مخاوف بطرسبورغ. وكان محافظ المدينة قد أكد على قدسية الأرميتاج وانضم إليه مشجعو فريق زينيث بطرسبورغ لكرة القدم الذين أكدوا أن مكان الانطباعيين هو على ضفاف نهر نيفا. وفي هذا الصدد وصف المؤرخ البطرسبورغي ليف لوري فكرة السيدة انطونوفا بأنها ليست منطقية ويتساءل لماذا في تلك الحالة لا يتم إعادة جزر الكوريل إلى اليابانيين وإعادة الأرميتاج (القصر القديم للقياصرة) إلى أحفاد عائلة رومانوف؟ وفي موسكو, عملت وسائل الإعلام على تأجيج الخلاف, التي نشرت انتقادات لاذعة ضد مبادرة انطونوفا, والتي بدورها دافعت عنها عبر أثير إذاعة صدى موسكو وهاجمت مدير الأرميتاج ميخائيل بيوتروفسكي, وطالبت بالاعتذار عن إهانات صدرت ضدها. على إثرها قدم مدير الأرميتاج اعتذاره قائلاً: «اعتذر عن تجريحها ولكن لا تقترب من مجموعتنا» وعلى موقع المتحف الالكتروني, يمكننا قراءة التالي: «ثمة أشكال متطورة للتعاون بين المتاحف في القرن الواحد والعشرين». بينما اتهم خبراء موسكوفيين نظرائهم في بطرسبورغ بحصر اهتمامهم بالمال, وحتى الآن لم تحسم قضية لوحات الانطباعيين في المتحف. |
|