|
ثقافـــــــة ولم تثنهم أي عقبات، بل شكلت تلك العقبات دافعية مدهشة للتقدم نحو الأفضل، والعمل على تقديم الأمثل من المقترحات الإبداعية في كافة المجالات والأعمال الفنية، فكان فيلم (صديقي الأخير)تأليف:(جود سعيد)،(الفارس الذهبي)،إخراج (جود سعيد)من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع القطاع الخاص شركة فردوس دراما ليكون الفيلم كغيره من الأعمال التي تجسد العطاء المستمر، الذي أصر عليها الإنسان السوري، خصوصا أن الفيلم انتزع إعجاب النقاد،حيث أكدوا على أهمية الفيلم من الناحية الفنية كأسلوب سينمائي جديد،امتلك حيوية و واقعية، برزت في كل تفاصيله، والتي شملت محاور واتجاهات وحالات واسعة، محاولا الإرساء لأرقى الأشكال الفنية في الساحة السينمائية، للانطلاق منها إلى الأفضل، هذا عدا عن عالم الفيلم الغني بمقولاته الإنسانية وعوالمه في أكثر من اتجاه واقعي. ليؤكد الفيلم كغيره من الأعمال أن الإنسان السوري، يحمل جذور الحضارة العريقة في دواخله في كل الأزمان، لذالك يتمسك دوما بالصورة الأنقى والأجمل والأرقى في الحياة، فيصوغ المعادل الموازي عبر كل إبداعاته، وتحضر قيم الخير والحق والجمال، ثم العمل على تقديسها والتمسك بها،ومحاربة ما يناقضها. فها هو الفيلم يبدأ من قصة انتحار الطبيب خالد الذي أراد وضع حد لحياته، رآه الحل الناجع بشكل من الأشكال، بعد ما عجز عن استيعاب ما يحصل من انكسارات وصدمات ومعاناة، فيقدم عبر تسجيل فيديو أخير له، مكاشفات كثيرة واعترافات، وعبر مصارحات علنية و ذاتية جرئيه، لا يقيدها أي رقيب، بل تجًلت كنتيجة مجردة لمقدمات واضحة، ليتراءى أمامنا محطات كثيرة، فهو لم يترك عثرة من العثرات، التي تراكمت في وجه متابعة الحياة بالشكل الطبيعي، فرأينا الفساد والظلم وتأنيب الضمير، كما محطات كثيرة من الهزائم المتوالية، فكان التسجيل في البداية، ثم انتقل الفيلم إلى الواقع، كي تجري أحداثة ومجرياته عبر مشاهد، عادلت الشكل الحقيقي، والذي حدث في الواقع، وفي محيط الدكتور خالد، الذي انتحر، حيث استقطبت الحادثة المحطات الهامة وأهم العبر الحياتية والدروس، وقد مر التسجيل على ما حصل معه، مقاربا ما يحصل في مجتمعه ككل، فيكمل الكشف عن إشكالات الأخير المحقق النزيه(يوسف). مر الفيلم على حالات كثيرة، مشكلا نسيجا غنيا واسعا وشاملا لمعطيات هامة، فكان كالحياة، تتناقض تفاصيله أحيانا، وتتماثل أحيانا أخرى، أحيانا يحضر الفرح وأحيانا الحزن،التشاؤم أو التفاؤل وغيره، فأتت الحالات متنوعة والمشاعر متدفقة وغنية، وظهرت تناقضات كفلت الفرز لكثير من الوقائع، وأكسبت الفيلم بصمته الخاصة الفنية والدرامية كما الإنسانية، حيث تمكن أسلوبه المرور على مساحات وشبكات واسعة من العلاقات و العواطف والمشاعر الوطنية وغيرها، التي كثفت حياة مجتمع بأكمله، دون أن يغفل الإشارة إلى محطات جميلة، علينا التمسك بها والسعي إليها، مثلما هو التقاط مشاهد من الحياة، تجسد تجليات مجردة، لكنها كانت مؤشرا هاما،حمل رمزية خاصة، مثل الفرح بنصر الفريق الرياضي، فهذه الدلالة الفنية لها أهميتها، حيث يترجم هذا الفرح محورية الانتماء إلى الوطن، فكانت واقعة لخصت الكثير، مثلما هي بعض الأماكن تلك التي جمعت محطات وحالات وأحلام، أراد الفيلم الكشف عنها، لتكون خلاقة بحق، فبرزت عبر معادل درامي، استطاع أن يستقطب كل ذالك الغنى الواقعي والدرامي. حقق الفيلم (صديقي الأخير) بصمة فنية خاصة من خلال معطيات، استحوذت على عوامل نجاح متكاملة درامية وفنية وفكرية، بدءاً من أسلوبه الفني، الذي حمل لمسات كوميدية رومانسية وواقعية، نقلت كثيراً من الحقائق الاجتماعية والإنسانية والوطنية،فقاربت الواقع بدقة وبشكل متوازن وموضوعي، كما هو الاختيار لحالات جمالية نادرة، دون أن ينسى إضاءة جوانب متناقضة يجب الإشارة إليها، وقد استطاع أن يصور ذلك منطلقا من هم فردي لينتقل عبر آلياته الدرامية المرسومة بدقة إلى هموم جماعية، فصور حقائق دون التجني أو حتى الجنوح أو المبالغة والمجاملة، فتجلت الموضوعية المسؤولة في الأطروحات الدرامية، مستفيداً من علاقة ذلك المحقق بالمنتحر،والتي تحولت إلى علاقة وجدانية مفعمة بالصدق والإنسانية والمسؤولية، وقد منحت الفيلم المساحات الأوسع لإحساس ذلك الفرد بهم جماعي أوسع واشمل من الحالة الفردية التي استند عليها العرض السينمائي صديقي الأخير. تميز الفيلم بأسلوب سينمائي متفرد في اتجاهات متعددة،لأن أسلوبه توأم مع مضمونه، ليترجم أبعاده وخصوصيته التي تعددت أطيافها المتوالدة، والتي وصلت إلى أوسع المجالات الحياتية والوطنية والاجتماعية والنفسية والإنسانية، وقد تم النسج لأكثر من معادل درامي مختلف لمشاهد حياتية وواقعية، تمكنت من الوصول إلى أبعاد ومهام ورسائل، وبلور المعطيات التي أراد الفيلم تسليط الضوء عليها بآليات وحلول فنية مدهشة، انتزع عبرها الفيلم تفرده، ليؤكد القائمون على صناعة العمل خصوصية فنية في الفيلم وفي المجال السينمائي ككل، وقد عودتنا السينما السورية على الإبداع المتجدد والمتألق دوما،مهما كانت الصعوبات، وعلى الرغم مما يحدث، استمرت الأفلام الروائية والقصيرة وتجارب،أكدت استمرار الإبداع في كل المجالات. شارك في الفيلم نجوم متميزون في عالم السينما، وأولهم الفنان المخرج المبدع (عبد اللطيف عبد الحميد) في دور البطولة الرئيسة،حيث لفت الأنظار بأدائه وترجمته لخبرته الفنية العريقة، وقد عودنا على الإبداع في مجال الإخراج، وهاهو يقدم مفردات إبداعية مختلفة في ساحة التمثيل، فجسد أجمل الأدوار وأهمها متعمقا في عوالم متغايرة من الأحاسيس والمشاعر والوجدانيات، وشارك أيضا الفنان (عبد المنعم عما يري)(لورا أبو أسعد)(مكسيم خليل ) (فادي صبيح) وغيرهم، كما توفر للفيلم إمكانات خلاقة كان لها دور هام في تقديم عرض سينمائي ناجح بكل المعايير. |
|