|
خَطٌ على الورق ولا تصدق أعيننا ما ترى حين تطالعها مشاهد الفشل والتعثر، بل نحلل وننتظر تعديل المسار باتجاه الدقة. هذا نتاج انتصاراتهم علينا لعقود طويلة، بل لقرون. فقد سلمَنا سلاطين التخلف في الدولة العثمانية إلى هذا الغرب ونحن في قمة التخلف. و من تخلفنا ابتدعنا لأرواحنا الوثابة الراغبة في تقرير المصير اسلوب الصياح والهياج والإدعاءات الفارغة في الهتاف والإنشاد معتقدين أن ذاك هو المطلوب وحسب..!! ورافقنا في ذلك كله مؤثراتهم الساحرة لأرواحنا حتى في عزّ إدعاء الخصام والعداء. وكان ثمة فصل كامل بين ما نقول ونفعل. نقول الكثير و نفعل القليل ونغطي المسافة بالكذب على الحقيقة. وكان ثمة ما يفعلونه ونراه، ولم يسبقه قول أو اعلان حتى عندما علمنا أن ثمة من كذب علينا بنتائج الحرب العالمية الأولى و الثورة العربية الكبرى، كان ثمة من أعلمنا و فضح الحكاية «الثورة البلشفية» ؟! خفيت علينا مجريات الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن الماضي و خفيت علينا نتائجهما و كنا مجرد شهود لم يروا شيئاً ! وعندما واجهنا ما قُرر حقائق مجسدة على الأرض رغينا و أزبدنا كثيراً وفعلنا قليلاً وشتمنا الغرب وازددنا اعجاباً به ؟! حتى الذين خاصموه دينياً – ولم يعادوه – لايعرفون اليوم طريقاً لتقديم أوراق اعتمادهم إليه إلا ويسلكونه، حتى ولو اقتضى التسليم بقيام إسرائيل والإعجاب به و نسيان فلسطين. و لأن الثورة الإسلامية في إيران رفضت تلك التبعية و ذاك التسليم، أصبحت عدوة المفلسين تاريخياً من عرب أعاربة و عرب مستعربة. و اليوم إذ تأخذنا الطامة الكبرى من المغرب إلى المشرق دون تمييز ودون بوادر للخلاص تراها العين ، ما زلنا نتلو صلاة الغرب و نغرق وهم من خارجون وعهنها ساهون. الغرب اليوم يشعل النار العنيفة لإذابة مخلفات الماضي و إسالة معطيات الحربين العالميتين كي يعيد تشكيل الخريطة والتضاريس، ونحن وقود تلك النار، استمعوا إلى قادة العرب وهم يعرضون إنجازاتهم و أفكارهم و توجهاتهم، استمعوا إلى رئيس مصر «مصر العروبة»...استمعوا إلى عبد الله بن حسين.. وليس بن عبد العزيز.. لأن هذا الأخير لم يعد له صوت تسمعونه... بل استمعوا إلى أمة «المجد» يقودها غولان من آل خليفة. ما زلنا في مرحلة الصهر و الإسالة، وسيعيدون تشكيل قوامنا عندما يفرغون مما يفعلون. لكن لايظن أحد أنهم يعملون على مهلهم كمزاج أو فقط إمعاناً في قتلنا وإذلالنا. بل هم أيضاً غارقون، وتطالعهم في مشاريعهم علامات كثيرة للفشل و التحدي. فإذا كانت تلك فرصتهم لإعادة تشكيلنا، هي أيضاً فرصة لنا لنعيد تشكيلنا، لكن بعيداً عن السحر و تعليمات السحرة حيثما كانوا. |
|