|
معاً على الطريق فلسورية قصب السبق في رحلة الإنسان الأولى ومغامرته الخلاقة في بناء الحضارة الإنسانية, فمنها انطلقت بدايات الإبداع, وبها ارتكزت المفاهيم الأولى للقيم, وعلى ثراها ارتقت المبادئ والعقائد جميعها, وبين جنباتها انتقل الأنبياء والرسل يبشرون بمعتقداتهم, وفوق أديم ترابها عبرت جيوش كثيرة ما بين أطراف وجهات الأرض في اتجاهات متضاربة ناقلة فلسفة وعلوم الإغريق والرومان من الغرب المغامر إلى الشرق المتعطش للمعرفة وهو القادر على امتصاص الصدمة وردها إلى منبعها بعد أن أسرت الغازين بعشقها. ومن الشرق غزاها الفرس والمغول في محاولات للعبور إلى الأطراف الأبعد ليعودوا أدراجهم, دون تحقيق غايات الضم والإلغاء, تاركين آثارهم شواهد للقدرة على التعايش الإنساني, ومن الشمال جاءها العثمانيون ليعترفوا أنها (شام شريف) لها قدسية لا يجوز التطاول عليها. وبين هذه وتلك انطلقت إليها رحلة الإسلام من الحجاز لتشق طريقها نحو العالم أجمع.. وهنا نتساءل أمام هذا التاريخ الغني بمكوناته ومكنوناته إن كنا قد استطعنا أن نعكس هذا الغنى والتنوع الخلاق من خلال ابداعاتنا الأدبية الحديثة, وهل استطاعت الهيئات الثقافية المختلفة نقل بدائع هذا التاريخ الطويل, وتقديم محتواه الإنساني والحضاري للعالم في زمن تغيرت فيه المفاهيم, وبدأت تسود قيم العولمة وتعاليمها, وتنفذ آليات الإلغاء, ومحاولات الإلحاق بسياسة الخواء الثقافي, وتفريغ القيم والخصوصيات المجتمعية من محتواها, ومصادرة الإرث الثقافي للأمم العريقة الممتدة في التاريخ في محاولة للقضاء على عرى الارتباط بالجذور العريقة. والإجابة لا تبعث على الراحة أبداً, إذ ثمة مشاريع مطروحة لا تستجيب لهذا الدور, بل على الخلاف من ذلك نجد بعضها يعاكس ويخالف تماماً هذا الهدف, فهناك أعمال يتم تقديمها تحت لافتات |
|