تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نظرة فيما يحصل!

اقتصاديات
الاثنين 29/9/2008
عبد القادر حصرية

يتعرض الاقتصاد الأمريكي لخطر أكبر كارثة يشهدها في تاريخه وتحاول الإدارة الأمريكية جاهدة اقناع الكونغرس الأمريكي بتمرير تشريع يسمح بضخ نحو سبعمئة مليار دولار أمريكي لإنقاذ ما يمكن انقاذه من القطاع المالي الأمريكي.

وبدأت أثار الأزمة التي يشهدها النظام المالي الأمريكي والتي تشبه حالة الذوبان تنتقل إلى البلدان الأوروبية وباتت الأسواق المالية الأوربية تشهد تذبذباً شديداً بل غالباً انخفاضاً حاداً في مؤشرات أسهمها متأثرة بالتطورات التي تجري في النظام المالي الأمريكي. تخشى الدول الأورويبة في أن تنتقل عوارض هذه الأزمة إلى اقتصاداتها من نقص في السيولة في القطاع المصرفي وفي الأسواق المالية وانخفاض كبير في مؤشرات هذه الأسواق مما قد يؤدي إلى أزمة سيولة وثقة وخسائر تتكبدها المؤسسات المالية وافلاسات لعدد من المؤسسات المالية خاصة البنوك الاستثمارية التي لا تستطيع أن تأخذ ودائع من الجمهور أو الحصول على سيولة من المصارف المركزية. حسب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فإن حالة الاضطراب الاقتصادي التي أثارتها أزمات أسواق المال الأميركية وضعت نهاية لاقتصاد السوق الحر, في حين دافعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بقوة عن النظام الرأسمالي. يرى الرئيس ساركوزي أن تصورا معينا عن العولمة يقترب من نهايته مع أفول رأسمالية مالية فرضت منطقها على الاقتصاد بأسره وساهمت في انحراف مساره. الرئيس الفرنسي حول السياسة الاقتصادية لبلاده أكد أن (فكرة القوة المطلقة للأسواق ووجوب عدم تقييدها بأي قواعد أو بأي تدخل سياسي كانت فكرة مجنونة, وفكرة أن الأسواق دائما على الحق كانت فكرة مجنونة). وطالب الرئيس الفرنسي ً بإصلاح النظام الرأسمالي العالمي بعدما كشفت الأزمة المالية الحالية عن ثغرات خطيرة في الأنشطة المصرفية العالمية, داعيا الاتحاد الأوروبي إلى البدء في التفكير في سياسة نقدية جديدة. وتوقع ساركوزي أن تؤثر فوضى الأسواق المالية في الولايات المتحدة على الاقتصاد الفرنسي لشهور بحكم اندماجه في الاقتصاد العالمي, لكنه وعد بألا يخسر أحد في فرنسا ودائعه المصرفية. وقد أعطى الرئيس الفرنسي الشعب رسالة اطمئنان بأن الدولة ستضمن أمن واستمرارية النظام المصرفي والمالي في البلاد في حال تعرضها لخطر بسبب الأزمة المالية التي تضرب الولايات المتحدة واعداً المدخرين في فرنسا بأنهم لن يدفعوا ثمن أخطاء المسؤولين ومجازفة أصحاب الأسهم. لكن الرئيس الفرنسي يرى بالمحصلة أن قدرة المواطنين الشرائية ستتأثر سلبا بما يحدث في الولايات المتحدة وهنا بيت القصيد بالنسبة للرجل العادي. لاشك أن الأزمة الحالية التي يعيشها النظام الأمريكي هي فقط في بداياتها وهي لابد أن تترك أثراً على المؤسسات المالية والفكر الاقتصادي العالمي الذي عليه أن يحلل ما جرى ولماذا جرى ذلك وكيف يمكن تلافيه. ورغم أن اقتصاد السوق قد أثبت أنه يوفر الآلية الأفضل لتحقيق النمو الاقتصادي وفي تخصيص الموارد, لكن هذا الاقتصاد بحاجة إلى دور للدولة ينظم ويشرف ويستطيع بل هو جاهز للتدخل في الوقت المناسب لتلافي اخفاقات السوق التي هي وبغض النظر عن تواترها إلا أن نتائجها قد تكون كارثية كتلك التي يشهدها النظام المالي الأمريكي!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية