|
ثقافة حيث غابت ايقاعات الطيور والزهور التي كنا نشاهدها في تشكيلاته الشطرنجية السابقة، وبقيت إشاراتها وإيحاءاتها الدالة عليها.
مفردات متتابعة فالمربع وهو مفردة تشكيلية متتابعة ومتكررة في أعماله السابقة، غاب عن أعماله المعروضة وحلت مكانه ايقاعات الحصى الملصقة على سطح اللوحة، فالشيء البارز الذي يكشفه ثائر هلال في هذا المعرض يكمن في قدرته على تحويل الايقاع التشكيلي الشطرنجي، إلى رموز بصرية تجريدية تتنوع من لوحة إلى أخرى لتعكس هواجس غنائية قادمة من طريقة صب اللون السائل على سطح اللوحة والإصرار على المفردة التشكيلية المتتابعة بطريقة توزيع الأحجار ومن ثم طلي اللوحة بعاصفة من البقع واللطخات والحركات اللونية المتشابكة والمتداخلة والموضوعة على اللوحة بكثافة أو بسماكة واضحة وهو يتخذ هذه المفردات البصرية المتتابعة كإطار للتفاعل مع طروحات الأصالة والحداثة على اعتبار أن الوحدة التشكيلية المتكررة من أبرز سمات الفن العربي الزخرفي.
صخب وحركة وفي هذا المعرض ينحاز ثائر هلال وبشكل واضح نحو الصخب والحركة والانفعال الصارخ عبر التأكيد على العجائن اللونية الكثيفة والألوان المتفجرة والصارخة والمتوهجة والتي تمنح تجربته دفعة اختبارية حيوية من خلال التفاعل مع التنويعات التجريدية الانفعالية والحركية (لما بعد جاكسون بولوك) وهنا يذهب بلوحته في اتجاه معاكس لهاجس مماثلة الأشكال التي يجسدها ويبدو اهتمامه منصباً لاخراج اللوحة بطريقة فنية حديثة فيها جرأة وانفعالية زائدة ومتطرفة. وهو يهتم في لوحاته السابقة والجديدة بإظهار النور وغنائية الحركة، ويلتقط اضاءات باهرة أحياناً ضمن رؤية فنية حديثة زاخرة بإمكانيات التنويع التشكيلي والتقني والايقاعي المتحرر، وهذا يعني أنه يكشف في لوحاته عن قدرة التعاطي مع اللمسة اللونية العفوية والسريعة، والتي تعصف بحركة الأشكال وإيحاءاتها التجريدية الغنائية والانفعالية. بريق ضوئي ولوحاته تقترب في إيقاعاتها اللونية المتوهجة من البريق الضوئي المحلي المشع من ألوان الواقع في لحظة غيابه وذوبانه، ولهذا يمكن اعتبار المناخ الضوئي المحلي خطوة تصعيدية لفنان يحاول الذهاب ببعض الأشكال الواقعية إلى أقصى احتمالات الايجاز والاختصار والتجريد. وهذا يعني أن اللمسة اللونية السريعة التي تبرز في أكثرية لوحاته تتبع تقلبات المشاعر والأحاسيس، وتعمل على تذويب الواقع المادي وتحوله إلى مجرد بقع وحركات لونية متتابعة ومتناثرة في إطار اللوحة. ومن أجل ذلك يتجاوز الصياغة الواقعية ويلجأ للرمز والايحاء والايهام، ليس فقط بتذويب العناصر الواقعية ودمجها بإشارات تجريدية وإنما أيضاً بإطلاق لونية تتبلور بنظام ضوئي تموجي فيه النور ونقيضه، كأنه يريد أن يقيم علاقة بين حركة وإشراق الضوء، وبين السكون السائد في العتمة فهو يلعب على أوتار الألوان المتحاورة والمتصارعة من خلال المزاولة الفنية اليومية الباحثة عن جوهر العلاقة القائمة بين إيقاعات اللون وشاعرية النور. |
|