تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سوريون مبدعون من جذور أرمينية

ثقافة
الثلاثاء 23-3-2010م
محمد قاسم الخليل

يعود الوجود التاريخي للمواطنين المنحدرين من جذور أرمينية في سورية لفترات تاريخية قديمة حيث كانت سورية ممراً للحجاج الأرمن القادمين إلى بيت المقدس، وقد أدى إعجاب الكثير من الحجاج آنذاك بجمال المدينة وازدهار التجارة بها إلى الانتقال للإقامة والاستقرار بها.

وفي القرن السادس للميلاد كانت أول هجرة أرمينية إلى سورية عندما أصبحت دمشق مجدها عاصمة الخلافة الأموية، حيث كان الأمراء الأرمن في زيارات دائمة إلى دمشق عاصمة الأمويين.‏

واستمرت العلاقات التجارية بين الشعبين العربي والأرميني بعد سقوط الخلافة العربية أيضا، فازداد عدد الأرمن في سورية، لينصهروا مع الزمن ضمن هذا النسيج السوري ويصبحوا من العناصر الفعالة به، ولعب السوريون المنحدرون من جذور أرمينية دوراً ملحوظاً في الحياة الفنية والثقافية السورية فظهر العديد من المبدعين في الموسيقا والغناء والتمثيل.‏

لقد لمعت في سورية أسماء كبيرة ذات جذور أرمينية في الأدب والفكر والشعر والفن والموسيقا والطرب والرياضة والاعلام وغيرها من المجالات، ولعب الأرمن دوراً هاماً في المسيرة الثقافية في حلب حيث نجد المئات من الشخصيات الأرمينية التي أسهمت في مجال الموسيقا والرسم والصحافة.‏‏

ونذكر من رواد التبادل الثقافي المفكر الأرميني الكبير كريكور ماكيستروس 990 - 1059م الذي أتقن الأرمينية والعربية واليونانية.‏

وكانت مدينة حلب في القرن السابع عشر مركزاً مرموقاً للتبادل الثقافي، وظهرت فيها كوكبة من الأدباء الأرمن كتبوا باللغة العربية نذكر منهم شاهين قندي 1660 وكرديج الكسيح الأرمني 1713 وعبد الله الصباغ الحلبي 1788 وأنطوان خانجي 1868 ورزق الله حسون 1855 وأديب أسحاق 1885 صاحب جريدة مصر وكركور عجميان 1904 وميخائيل قديد وبولس قوشاقجي ويوسف قوشاقجي 1966 وغيرهم.‏

وقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين حركة نشطة جداً في نقل إبداعات الكتاب والشعراء والمؤرخين والمستشرقين والعلماء الأرمن من الأرمينية إلى العربية، وكانت باكورة الأعمال في هذا القرن ترجمة الرواية الشعرية «عروج أبي العلاء» للشاعر الأرميني الكبير أواديك إساهاكيان إلى العربية في عام 1948 من قبل العلامة خير الدين الأسدي بمساعدة بارسيخ تشاتويان ونشر عام 1952.‏

وقد تم نشر حوالي 150 كتاباً من الأرمينية إلى العربية (وبالعكس) وتصنف في أربعة أبواب الكتب الأدبية والتاريخية المتعلقة بالتاريخ الأرميني والقضية الأرمينية وكتب تهتم بالقضايا العربية وكتب علمية.‏

ويذكر أن أول صحيفة عربية (مرآة الأحوال) صدرت في استانبول عام 1854 وكان مؤسسها وصاحبها الصحفي العربي الأول رزق الله حسون، وهو سوري من أصل أرميني من حلب‏، ومما لاشك فيه أن الأرمن شاركوا في تنشيط حركة الطباعة والصحافة في حلب وذلك بتأسيس مطابع وبعض الصحف حتى في العهد الفيصلي‏.‏

ونذكر من الإعلاميين المذيع المرحوم ميشال قوشقجي الذي ترأس مديرية البرامج في إذاعة دمشق وابنته الصحفية ندى قوشقجي، والمذيع التلفزيوني مهران يوسف الذي جاء إلى التلفزيون في مطلع السبعينيات وكان من قبل أستاذاً في اللغة العربية، ولفت أنظار مشاهدي التلفزيون السوري بلغته العربية الرصينة، كما نذكر المذيعة بييرادو كريكورديان في القناة الثانية.‏

وفي المجال الفني والثقافي كان ومازال لنا الكثير من الفنانين الذي لهم بصمات هامة على الساحة الفنية، كالفنان سلوم حداد الذي أبدع في تجسيد كثير من الشخصيات التاريخية العربية ولاسيما الشعراء كالزير سالم والمتنبي ونزار قباني.‏

ونذكر الفنانة المتميزة لينا شماميان، والمخرج المسرحي مانويل جيجي والمطربة الراحلة ربى الجمال واسمها الحقيقي زوفيناز كره بيديان‏ صاحبة أقوى صوت جميل بعد أم كلثوم، ومغنية الأوبرا تالار دكرمنجيان والناقد الموسيقي فاهيه تمزجيان صاحب البرامج الموسيقية اللافتة وأهمها لغة العالم، وفاهيه دمرجيان مبدع الموسيقا التصويرية لعدد كبير من المسلسلات السورية والمطرب شادي جميل واسمه الحقيقي جورج جبران‏ صاحب الأغاني الطربية الأصيلة والمطرب والملحن سمير حلمي واسمه الحقيقي إدمون حداد‏ والفنانة سلوى جميل واسمها الحقيقي ألين قهوجيان‏ بطلة فيلم باب المقام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية