|
الكنز الأرقام والبيانات التي أفرزتها الأزمة تبدو من الدقة أكثر بكثير حتى من مفاضلات القبول الجامعي، فاليوم هناك شريحة تستطيع أكل البطاطا ولا تستطيع أكل البيض وأخرى تستطيع أكل البيض ولا تستطيع أكل اللحوم بأي لون كانت (بيضاء -حمراء- سمك) والشريحة التي تأكل البطاطا هي الأوسع وتمثل اليوم الطبقة الوسطى فيما الشريحة التي تأكل اللحوم هي الأقل وتمثل الطبقة الغنية والسؤال هنا...ما الذي تأكله الطبقة الفقيرة..؟إن الأمر يبدو بهذا الفرز مشابهاً لمعدلات القبول في الجامعة فأصحاب العلامات العالية يتقدمن إلى الفروع التي يرغبون، وأصحاب العلامات المتوسطة تكون خياراتهم أقل بينما الحاصلون على العلامات الدنيا تكون خياراتهم محدودة جداً. الحكومة قدمت وتقدم كل ما تستطيع لتأمين لقمة الطبقة الفقيرة التي ارتفعت نسبتها على حساب الطبقة الوسطى في وقت انخفضت قدرة الحكومة وتلاشت مواردها فكيف يمكن حل هذه المعادلة. عندما تنتصر أي دولة فإنها تنتصر بكل مكوناتها وجهود جميع أبنائها ومن هذا المبدأ يمكن القول إن الحكومة قدمت ما لديها ولكن المواطن لم يقدم ما لديه وسلوكيات الإنتاج والاستهلاك لديه ما تزال كسلوكيات ما قبل الأزمة إلا ما فرضته قسوة الظروف بل هناك سلوكيات سيئة أفرزتها الأزمة أضيفت لسلوكيات المراحل السابقة مثل تخزين الأغذية بالمنازل وغياب ثقافة الدفاع عن مكونات الدولة وصولاً إلى تخريب مؤسسات وشركات في سبيل الحصول على مكاسب بسيطة أو إخفاء حالات فساد. يحق للمواطن لوم الحكومة على نقص المواد والسلع التي لا تنتج محلياً ولكن لا يحق للكثيرين أن يشتكوا من ارتفاع أسعار الخضار والفواكه والدواجن وغير ذلك مما يمكن إنتاجه محلياً لأننا تخلينا عن أنماط حياة كرستها ظروف تأقلم مع الطبيعة والواقع. الأرض وحدها يمكن أن تحدد حجم الشرائح والسياسات الاقتصادية والتوجهات الحكومية بعد أن أثبتت أهميتها لصمودنا وعامل استقرار للقمة عيش المواطن وبالتالي آن الأوان لنا كحكومة وأفراد أن نعود إلى الأرض التي تكرس مقولة لا بارك الله في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع... |
|