|
معاً على الطريق حتى دخلت كل من فرنسا وبريطانيا في سحابة وهم كان ولا يزال متواصلاً منذ بداية حقبة الاستعمار القديم واحتلالاته ومستعمراته التي وصلت مشرق الشمس بمغربها.. وهم العظمة المستمرة رغم كل ما راكمته الجيوش النازية من خراب ودمار في أوروبا عامة وفي الدولتين إياهما خاصة. ومع إنشاء منظمة الأمم المتحدة ونحت ميثاقها على أساس الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن أصحاب حق الاعتراض « الفيتو « وبينها فرنسا وبريطانيا, ومع ضروب التحالف والانحياز التي أظهرتها الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب دول أوروبا الغربية في مواجهة الاتحاد السوفييتي وحلفائه من دول أوروبا الشرقية, تعزز الوهمان الفرنسي والبريطاني بالعظمة المستمرة دون انقطاع أو استلاب! وصولاً إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كان وهم العظمة الفرنسي والبريطاني لا يزال يدغدغ أحلام الدولتين, خاصة أن ردود الفعل الأميركية الظاهرة وغير الحارة تجاه أحداث كبرى كثورة الضباط الأحرار 1952 بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر ومن بعدها تأميم الشركة العالمية لقناة السويس 1956 ساهمت في إعماء الدولتين وتعزيز وهمهما. لكن الإنذار الأميركي لهما ولثالثهما إسرائيل, والمنقول على متن الإنذار السوفييتي في ذلك الحين, دوى في قلب سحابة الوهم إياها وبددها في لحظات, معلنا الحقيقة الجديدة وبصورة نهائية.. أن الدولة الغربية العظمى إنما هي الولايات المتحدة, وأن فرنسا وبريطانيا منذ تلك اللحظة ملحقتان فحسب! الحقيقة تجلت كاملة مع نهاية الحرب عام 1945 في هيروشيما وناغازاكي وربما قبلهما في إنزال النورماندي الشهير, إلا أن انزياح الأوهام استغرق أحد عشر عاماً... حتى في أذهان صانعي الحقيقة والوهم على السواء.. فما بالك بأذهان من كان يقطن أقاصي الأرض؟ التاريخ عند ابن خلدون يتكرر لكن أدواته وتجلياته تختلف, فإذا كان لكل عمران أجل محتوم فلماذا لا نصدق توالي حقائق التاريخ وأوهامه أيضاً, وهل كان لأحد عشية العام 1990 أن يصدق أن امبراطورية عظمى كالاتحاد السوفييتي ستنهار في أيام, فتتشظى وتتفتت سياسياً وأيديولوجياً كما لو أنها لم تكن؟ وعلى حامل التاريخ المتكرر بأدوات وتجليات مختلفة, تسافر خمسينيات القرن الماضي لتحط رحالها في أيامنا هذه لتتكرر بتجليات وأدوات وأسماء مختلفة, فمصر تغدو سورية والثلاثي يصير ثلاثينياً وأكثر بين رؤوس وأذناب, فيما الوهمان يغدوان وهماً أميركياً واحداً, وأما الحقيقة فتنشطر حقيقتين واحدة روسية والثانية صينية, وأما الإنذار المجلجل فلكل منكم أن يختار ما يراه إنذاراً من بين ركام الحرب في الأشهر الثلاثين الماضية, أما أنا فأراه.. خبراً عابراً عن صاروخين انطلقا يوماً من عمق شرق المتوسط باتجاه سورية, لكنهما انفجرا وتناثرا في البحر لأسباب لا تزال مجهولة.. هنا انتهى الخبر وهنا سحب من التداول!! |
|