تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


233 مخبراً للتحليل في حلب ثلثها مخالف..هيئة المخابر.. بين سندان الصلاحيات ومطرقة المصالح

تحقيقات
الخميس 11-3-2010م
محمد مسلماني

ملف مخابر التحليل بحلب ورغم تناقض المعطيات والوقائع وتباين وجهات النظر بين أصحاب المخابر وهيئة المخابر ولجنة الرقابة والمخبر المركزي ومحاولة كل طرف تبرئة نفسه والدفاع عن مصالحه وحقوقه.

إلا أن ما تكون لدينا من معلومات خلال جولاتنا على بعض المخابر وتقاذف كرة اللوم والمسؤولية من طرف لآخر خلال حديثنا مع كافة الأطراف كان كافياً لفتح هذا الملف.‏

تساؤلات‏

رغم غزارة الطروحات الساخنة التي تمت مناقشتها إلا أن أهمها تمحور حول مواضيع تأجير الشهادة لعناصر غير مؤهلة حتى وصل الأمر في بعض المخابر لأكثر من /60/ ألف ل.س في الشهر وانتشار المخابر غير المرخصة وكثرة المخالفات المتنوعة مثل استخدام الكواشف منتهية الفعالية واختلاف أسعار التحاليل الموحدة ودقة النتائج من مخبر لآخر واتفاق العديد من الأطباء مع بعض المخابر دون غيرها بهدف تحصيل الأرباح الكبيرة وعدم تواجد الآختصاصي المخبري على رأس عمله وقبول المخابر الصغيرة لبعض التحاليل وتحويلها بالتالي لمخابر أخرى كبيرة لكون الأولى تفتقد للأجهزة والمواد وتعاقد أطباء بعض الشركات الحكومية ذات الأعداد الهائلة من العمال مع /4أو 5/ مخابر وتجاهل المئات بالمقابل واستحواذ مخبر واحد يتبع لأحد المشافي الخاصة لإجراء تحاليل الإيدز والعامل الآخر إلى الراغبين بأداء مناسك الحج والعمرة علماً أن هذا المخبر غير معتمد من وزارة الصحة وغير مرخص واعتماد سفارات دول الخليج على عدد من المخابر لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة لإجراء التحاليل المطلوبة لمن يرغب بالسفر إلى بلدانها واستمرارية مزاولة بعض المخابر لبعض طرق التحاليل التي منعتها الوزارة والهيئة المركزية كطريقة الاستشراب المناعي للكشف عن التهاب الكبد الانتاني /B/ واستعمالات / البلاكات/ رخيصة الصنع من /20-30/ ل.س للبلاكة الواحدة بدل من طريقة / الاليزا/ التي تكلف 1200/ ل.س وذلك لما للبلاكات من أخطاء قد تصل نسبتها إلى 50% واتفاق الفنيين في المخابر مع بعض الأطباء لتحويل المواطنين إليهم لقاء نسب أرباح تصل لـ 50% عن كل إحالة، ما يطرح بالتالي التساؤل...‏

ماذا بقي للمخبر من أرباح وكيف يتم التحليل إن تم فعلاً ومن أين تأتي هذه النسب إذا كانت القوانين قد سمحت لأصحاب المخابر بتحصيل أرباح تصل لـ 35% فقط، ثم ما الهدف وكيف تتم الحسومات التي يقدمها البعض والتي قد تصل لأكثر من 30% للمرضى و... ومواضع أخرى تتعلق بجدول إحالات التحاليل ونوعية المواد المستعملة وغيرها.‏

إجابات ومبررات‏

الدكتور عبد الرحمن الناشف رئيس فرع هيئة المخابر بحلب وفي رده على الأسئلة المطروحة نفى وجود أي مخبر غير مرخص في محافظة حلب وإن وجد البعض منهم فهم في الريف البعيد جداً وتابع القول: إن الهيئة تقوم باستمرار بتوجيه الكتب إلى مديرية الصحة لإغلاق المخابر المخالفة أي غير النظامية والمرخصة وبالنسبة لمخالفات المواد وعدم الالتزام الإختصاصي بدوامه فيتم متابعة ذلك من قبل لجنة الرقابة وبالتنسيق مع الهيئة حيث في مثل هذه الحالات تغلق المخابر المخالفة أصولاً وبشأن ظاهرة تأجير الشهادة فهي أي هذه المخابر تكون مرخصة أصولاً وإن وجدت المخالفة فهي قليلة جداً وتكافح باستمرار من قبل اللجنة المختصة وعموماً المخابر المخالفة هي دائماً تحت مجهر الهيئة و... وهنا قاطعته الثورة وطرحت السؤال...‏

ولكن أي مجهر تقصدون إذا كانت المخابر المؤجرة لشهادتها تتجاوز الـ /60/ من أصل الـ/233/ عدد المخابر في محافظة حلب حيث وكما تقول الإخصائية التي حصلنا عليها فإن نسبة المخابر المخالفة/ تأجير شهادة/ في ثلاث مناطق فقط تجاوزت الـ/90%/ بدليل أنه في منطقة الأشرفية هناك/ 11/ مخبراً ثمانية منها مخالفة وفي الشيخ مقصود /15/ مخبراً منهم /14/ مخالفاً وفي الحيدرية هناك/16/ مخبراً كلها مخالفة فماذا فعلت الهيئة تجاه هؤلاء وغيرهم من المخالفين والذين تعرفهم الهيئة نفسها.‏

مقاطعات وهموم‏

السادة أعضاء لجنة الرقابة التابعة لمديرية الصحة، الطبيبان/ أسامة فلاحة ونائل نعناع/ تدخلا في الحديث مباشرة ليؤكدا بأن اللجنة لا تقصر في عملها وليس لديها/ خيار و فقوس/ في موضوع إغلاق المخابر المخالفة ، حيث تم اتخاذ إجراءات الإغلاق للمخابر المخالفة بأنواعها، بدليل أنه في عام 2008 تم إغلاق /25/ مخبراً مخالفاً لكونه غير مرخص وفي عام 2009 أغلق /16/ مخبراً وفي العام الحالي لتاريخه أغلقت /4/ مخابر، ونأمل- يتابع/ فلاحة نعناع/ أن يمنح لنا ولممثل الهيئة كافة الصلاحيات وأن يتم دعمنا بمؤازرة دائمة خلال جولاتنا لأننا نتعرض أحياناً للإهانة والإساءة أو عدم السماح بالدخول كما نأمل إعلامنا من قبل الهيئة والزملاء بأسماء المخابر المخالفة القديمة والجديدة وذلك مهما كانت نوع المخالفة أو حساسية الموضوع.‏

مخالفات ومواجهات‏

الدكتور موفق حمصي/ صاحب مخبر خاص تساءل عن الهدف من تحويل الإحالات إلى شركات التأمين وهل يعني حرمان المخبر المركزي من الواردات وبالتالي حرماننا أيضاً ، ثم لماذا توقف العمل بالمخبر المركزي الجديد وهل خاطب فرع حلب الهيئة المركزية بدمشق بخصوص استمرارية استيراد بعض الشركات للبلاكات الرخيصة ذات الأخطاء الكبيرة والتي لا تزال غالبية المخابر تتعامل بها، كيف تصرفت الهيئة بشأن وجود عدد من الأطباء وظاهرة استلام كل طبيب لعدة مخابر‏

د. رنا بقلاوي تساءلت لماذا لا يكون هناك سقف للإحالات والأرباح ولماذا لا يتم ذلك عن طريق الهيئة أو المخبر المركزي ثم شركات صناعة الأدوية التي يتجاوز عددهم الـ /30/ شركة في حلب أين تذهب إحالات عمالها البالغ عددم بالآلاف وهل فعلا يتم التحليل لهم ولغيرهم من شركات الاسمنت والدهانات والبطاريات والكابلات وغيرهم وفي أي مخبر لا أحد يعلم.‏

وللمخبر المركزي معاناة‏

الدكتور/ سليم بيطار/ مدير المخبر المركزي بحلب قال: المخبر المركزي هو الجهة الممولة لصندوق التعاون لهيئة المخابر و الأرباح و الإحالات يجب أن يتم توزيعها بالتساوي على الزملاء و الهيئة، رغم محاولاتها لتأمين الإحالات للمخبر إلا أن ذلك لم يكن أبداً بالمستوى المطلوب إذ أن إحالات العام الماضي تشبه إحالات أي مخبر خاص متوسط العمل والواقع هناك العديد من الشركات و الجهات العامة لا تتقيد بإرسال عمالها لإجراء التحاليل الدورية كما أن مؤسسة البريد ورغم توجيه العديد من الكتب و المراسلات التي تمت بين المركز و الهيئة ومديرية الصحة و فرع الحزب والمحافظة إلا أنها لا تزال تصر على إجراء التحاليل في دمشق، ولم يستجب للطلب وهذا يعني بأن المخابر الخاصة المستفيدة تحارب المخبر المركزي وبخصوص المخبر الجديد فللأسف بعد أن تم شراء المقرر تجهيزه بأفضل المواصفات والأجهزة الحديثة وبكلفة/5/ مليون ل.س توقف العمل به ولم تستطع الهيئة متابعة الأمر، و لم يتم استثماره وأنا أطالب بعودة الإحالات لتصب في المخبر المركزي أو في الهيئة لتحقيق العدالة و.. و هنا قاطعه الدكتور/ الناشف/ رئيس الهيئة ليقول: ماذا تريدون أن أفعل كدت أسجن بسبب المخبر الجديد حيث تعرضت لدعاوى قضائية من قبل الجوار وصدر حكم بسجني /6/ أشهر، وقد تم استئناف الحكم وربحنا الدعوى و لهذا لم تستطع الهيئة متابعة العمل في المخبر الجديد.‏

كتب و مراسلات و انعدام للصلاحيات‏

مرة أخرى يعود/ الناشف/ ليؤكد بأن الهيئة لا تتهاون في موضوع المخالفات حيث وكمثال قامت الهيئة بتوجيه العديد من الكتب إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ومديرية صحة حلب و المحافظة لاتخاذ الإجراءات بشأن المخالفات المتنوعة كعدم وجود اختصاصي مخبري متفر غ أو عدم وجود الحد الأدنى للأجهزة المطلوبة أو وجود كواشف منتهية الصلاحية أو استعمال طرق تحاليل ممنوعة أو ممارسة العمل المخبري في المشافي دون ترخيص أو حتى مخالفة الشروط الفنية و الصحية لموقع المخابر.‏

أما بخصوص باقي المخالفات كاختلاف أسعار التحاليل ودقة النتائج و الاتفاقيات بين الأطباء و أصحاب المخابر فالموضوع يعود لضمير الطبيب و المخبري والأجهزة المتوفرة، والواقع لا يمكن للهيئة بأي شكل أن تجبر الشركات للتعامل مع مخبر دون آخر كما ليس لديها الصلاحية لإجبار سفارات دول الخليج وغيرها للتعامل مع جميع المخابر والحسومات التي تجري هي فقط في المخابر المؤجرة لشهادتها و لا يوجد مانع من قبول المخابر الصغيرة للتحاليل المتنوعة وتحويلها للمخابر الكبيرة المجهزة بشرط النقل ضمن المواصفات المطلوبة، والحقيقة لن تردنا شكاوى بشأن استيفاء مبالغ مالية مرتفعة لتحاليل أجريت بطرق ومواد رخيصة وبخصوص البلاكات الرخيصة والتي منشؤها الهند والصين فهي إن وجدت فمضمونة ومصانعها حازت على شهادة الايزو و الهيئة لم تستطع فعلا القضاء نهائيا على ظاهرة تأجير الشهادات و لكنها استطاعت الحد منها.‏

اعتراضات‏

بعد الشرح المستفيض لرئيس الهيئة طلب البعض التدخل في الحديث و قد تمحور المضمون حول ما يلي:‏

الدكتور عبد الرؤوف جبل/ عضو هيئة/: »المخبر المركزي ليس بأفضل حال من المخابر الخاصة ويجب أن يعطى الخيار للمواطن لاختيار المخبر الذي يريد«، الدكتورة مايلا دراو /عضوة هيئة/: »يجب أن تصب الإحالات في الهيئة وبعدها توزع على المخابر الخاصة«. الدكتور نائل نعناع: »هناك وزارتان تفرزان أطباء مخبريين، وزارة الصحة و التعليم العالي و أغلب خريجي الصحة يكونون أقوياء نظريا وعمليا بعكس خريجي التعليم العالي، و أنا أعرف سبعة من زملائي مؤجرين شهاداتهم و السبب ليس المادة و لكن ضعف معرفتهم بإجراءات التحاليل و الأمر تعرفه الوزارتان (الدكتور جمال شعار مدير عيادة الفحص الطبي قبل الزواج: »المفروض اتخاذ إجراءات بحث الشركات المستوردة للبلاكات الرخيصة التي تتعامل بها كافة المخابر.‏

صاحب مخبر طلب عدم ذكر اسمه: جدول الإحالات موجود ويجب العمل به و لكن المستفيدين يمانعون لأنه سيكشف الأوراق والعلاقات الشخصية والأرباح الهائلة.‏

بعيداً عن أعين الهيئة‏

لأسباب متنوعة و تجنباً للضغائن و المواقف لم يشأ البعض التحدث أمام الهيئة ففضلوا القدوم إلى مكتب الجريدة في اليوم الثاني ودون ذكر أسمائهم بناء على طلبهم قالوا: إن موضوع النقاط المقترح مجحف بحق كافة المخابر الصغيرة التي ليس لأصحابها القدرة على تحمل تكاليف و أعباء السفر و كذلك موضوع تقديم الإحالات لشركات التأمين لأنه يشترط توفر أجهزة باهظة الثمن للتعامل مع المخبر، ما يعني بالتالي ان المخابر الكبيرة التي تعد على الأصابع في حلب هي المستفيدة فقط، وهذا مع العلم بأن نتائج التحاليل اليدوية في المخابر الصغيرة دقيقة و هي نفسها في المخابر الكبيرة، و يمكن التأكد من ذلك من خلال برنامج مراقبة الجودة الكبيرة الذي يجرى سنويا وقد حان الوقت لتحديث القوانين الناظمة لعمل المخابر التي مر عليها عشرات السنين بما في ذلك اقتراح إنشاء ضابطة صحية في كل مديرية لها الصلاحية بإغلاق المخبر فورا و تشميعه في حال المخالفة و مصادرة الأجهزة وإحالة المخالف إلى القضاء دون الانتظار أشهراً لحين صدور قرار الإغلاق و هذا مع ضرورة التزام السفارات بإجراء التحاليل اللازمة لسفر المواطنين عن طريق المخبر المركزي التابع للهيئة أو وزارة الصحة منعا للاحتكار و وضع منهاج علمي حديث في الجامعات السورية ووزارة الصحة بحيث يؤمن للطبيب المقيم بهدف الدراسة إمكانية الحصول على الخبرة الطبية المخبرية بشكل ممتاز وإلزامه للعمل في أقسام المخابر في المشافي و المناوبة في المخابر الإسعافية أسوة ببقية الاختصاصات الطبية و لضمان تخرج أطباء مخبريين لديهم القدرة على العمل في المخابر الخاصة مستقبلا و هذا مع الأخذ بعين الاعتبار وضع تسعيرة للتحاليل الطبية ذات مستويين أعلى وأدنى ويراعى فيها موقع المخبر/ في الريف أو ضواحي المدينةأو مركز المدينة/ وبما يتناسب مع الوضع المعيشي للمواطنين و الغاء التسعيرة الموحدة التي تستفيد منها فقط المخابر الكبيرة والمعروفة.‏

كلمة أخيرة‏

ختاما و استنادا لكل ما ذكر فإن ثمة تساؤلات تقول لماذا لم تستطع الهيئة القضاء نهائيا على ظاهرة تأجير الشهادة و هل فعلا كما جاءتنا المعلومة أن لبعض أعضاء الهيئة علاقات عمل ومصالح مع المخابر الكبيرة، وأن مخابر بعض أعضاء الهيئة قد أغلقت مرة لوجود مخالفات فيها ثم إذا كانت شركات التأمين لم توافق على المخبر المركزي كجهة للتعامل معه رغم إمكاناته الهائلة و اكتفت باعتماد سبعة مخابر خاصة فإن هذا يعني عودة المشكلة من جديد حيث تبقى المخابر الكبيرة القليلة هي المستفيدة الوحيدة فأين العدالة التي تدعيها الهيئة؟ و أين هي مصلحة باقي المخابر؟ ما دور الهيئة وماذا فعلت تجاه بقية المخالفات؟ هل نعزو السبب للعلاقات الشخصية أم للمصالح والاستفادة بشتى الطرق؟ أم لعدم الصلاحيات أو اللامبالاة أو .. أو.. اسئلة تبقى إجاباتها مطروحة للنقاش و التأكد لدى الجهات المعنية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية