|
شؤون سياسية حيث ينتفض الفلسطينيون بوجه قرارات إسرائيل الجائرة بحق المواقع التاريخية العربية الإسلامية وادعاءاتها المزيفة بأنها مواقع أثرية وتاريخية إسرائيلية بحثاً عن أي وهم يربط مهاجريها من يهود العالم بهذه الأرض العربية المقدسة. من المنطقي التفكير بالموقف السلبي والمنحاز لتلك القوى الكبرى المتحكمة بمجلس الأمن عن طريق امتلاكها لحق الفيتو، وهذه الوضعية غير العادلة بفعل التداخل أو الخلط بين ما هو سياسي وقانوني في عمل مجلس الأمن الدولي أدى عملياً إلى عدم اعتماد معايير موحدة حيال المشكلات المتنوعة في العالم، والمعيار الرئيسي الذي يؤخذ به هو ذلك الخاضع لمصالح الدول الكبرى وخاصة تلك المتمتعة بما يسمى حق النقض أو «الفيتو»، ما جعل التداخل بين السياسي والقانوني هو السمة الرئيسية في اتخاذ قراراته وهذا ما جعل مجلس الأمن عملياً لا يراعي في ألطف التعابير المهمة التي أوكلت إليه أثناء تأسيسه وهي الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. والمرونة في مقدمة دستوره ومبادئه والمشكلة أن الدول الكبرى المتحكمة بمجلس الأمن وقراراته وخاصة في العقدين الأخيرين ولاسيما الولايات المتحدة لا تحترم القضايا العادلة والمحقة للشعوب وخاصة شعوب البلدان الأقل تطوراً والبلدان النامية وعلى الأخص قضية الشعب العربي الفلسطيني العادلة وحق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، والأكثر خطورة أن الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي الأساسية تتدخل بما هو من اختصاص مجلس الأمن، وتحل محله في الكثير من قراراتها (غزو العراق 2003) والتدخل العسكري في أفغانستان والتدخل في العديد من دول القارة الإفريقية دون أي قرار علني وفعلي من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة بل وتعطل أي قرار حتى لو كان مجرد إدانة لانتهاكات إسرائيل لقرارات مجلس الأمن السابقة ومنعه من اتخاذ أي قرار يدين ولمجرد الإدانة جرائم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة رغم كل ما ترتكبه من انتهاكات فظة وواضحة لمبادئ وقرارات مجلس الأمن. وإذا كان تطبيق العدالة مبرراً وجود المحاكم الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة وإذا كان السلم العالمي مبرراً وجود الأمم المتحدة ومجلس الأمن نفسه فكيف يمكن تحقيق هذه العدالة والسلم إذا كان بعض أعضاء مجلس الأمن يرعون أولئك الذين يمارسون شريعة الغاب ويرفضون أي قرارات عادلة بينما نجدهم يسوقون لتلك القرارات غير العادلة المضرة بمصلحة الشعوب وهي ضحية تطبيق شريعة الغاب من قبل حكام لدول أو كيانات لا تتوافر في سلوكياتها وقراراتها أي مقاربة شرعية مع مبادئ الأمم المتحدة. لقد أنشئت الأمم المتحدة وفي جوهر مبادئها عدم اللجوء للقوة والعنف في النزاعات بين الدول وانتهاك قواعد قانونية ووسائل سلمية لحل هذه النزاعات وفي حال عدم احترام أي طرف لهذا النهج من المفترض تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي اللجوء إلى أساليب الردع من قبل قوات تابعة للأمم المتحدة ولكن هذا الفصل يطبق بحق من لا ينسحب عليه هذا الفصل بينما يغض النظر عن تلك الجهات التي يجب استخدام هذا الفصل لردعها نظراً لخطورة سلوكها على السلم الإقليمي والعالمي، ومن المؤسف بفعل العامل السياسي لا تنفذ العقوبات المنصوص عنها في دستور الأمم المتحدة. لقد اقتضى دستور الأمم المتحدة اعتبار جرائم العدوان والإبادة الجماعية والتمييز العنصري والجرائم ضد الإنسانية وحق الأمم في تقرير مصيرها جوهر هذا الدستور وتدخل في نطاق القانون الدولي ولكن ما يطبق على أرض الواقع لا يراعي هذا الجوهر بشكل شبه مطلق، فالغزو الأميركي للعراق وفرض حصار عليه لمدة عشر سنوات قبل الغزو من قبل المتحكمين بقرارات مجلس الأمن أدى كل ذلك إلى إبادة جماعية بحق هذا الشعب الضحية مليون ونصف المليون عراقي سقطوا ضحايا الحصار والحرب على العراق، نصف مليون منهم أطفال بسبب الجوع ونقص الأدوية ويعتبر بعض الخبراء أن ما حل بالشعب العراقي جراء قرارات جائرة من أكبر وأخطر جرائم الإبادة الجماعية بحق الإنسانية، وما يحل بالشعب الأفغاني لايقل جريمة توصف أيضاً بالإبادة الجماعية وما تنفذه إسرائيل من عدوان على الشعب الفلسطيني واستهداف لمقدساته وأرضه وحقوقه يعتبر من وجهة نظر القانون الدولي جريمة وإبادة جماعية بحق الإنسانية وحيال هذه القضايا لم يتخذ مجلس الأمن أي قرار يدين هذه الجرائم بل من المؤسف أنه مشارك فيها إما مباشرة أو بصمته القاتل عنها. لذلك وحسب المشهد الأمني الدولي فإن عمليات الأمم المتحدة العسكرية أو السياسية هي عمليات منحازة للأطراف الكبرى المتحكمة بقراراتها وبقرارات مجلس الأمن وربما من أكبر الكبائر وأخطرها انحياز مجلس الأمن لرؤية واستراتيجية الدول الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة وخاصة تلك الرؤية المتعلقة بمفهوم ومبدأ الحفاظ على السلم والأمن الدوليين لذلك من الصعب الركون إلى هيئة دولية كمجلس الأمن تتصرف وتعمل تحت وصاية أمريكية واضحة. ومن حق الشعوب أن تتساءل كيف يمكن ضمان استعادة حقوقها المغتصبة وضمان أمنها وضمان السلام العالمي في ظل هذا المناخ غير الملائم لتطبيق نزيه للقرارات العادلة المتخذة سابقاً والمتعلقة بالأوضاع في المنطقة العربية وخاصة مشكلة الشعب الفلسطيني واستعادة الأرض المغتصبة وقضية الشعب العراقي والافغاني والسوداني وغيرهم من شعوب الأرض فهل تركت القوى الكبرى عربدة إسرائيل في منطقتنا العربية خياراً آخر سوى خيار المقاومة كحق مشروع ومقر في القانون الدولي وفي مبادئ الأمم المتحدة لاستعادة حقوقها. |
|