تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا تأخذوا تصريحات مسؤولينا على محمل الجد!

هآرتس
ترجمة
الأحد 23-5-2010م
ترجمة: ريما الرفاعي

عندما يعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لا تستطيع السكوت بسبب قيام سورية بنقل صواريخ بعيدة المدى إلى حزب الله فإن سفارة إسرائيل في مدريد تدخل حالة تأهب،

حيث تعوّد الدبلوماسيون الاسرائيليون عقب كل ثرثرة مشابهة أن يأتي فوراً طلب من القدس لوزير الخارجية الاسباني، ميغيل موراتينوس أن ينقل إلى دمشق رسالة تخفيف وتطمين.‏

وعندما يهدد وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بإعادة سورية إلى العصر الحجري، يفترض موظفو وزارة الخارجية أنه طرأ تطور على ملف التحقيق مع ليبرمان يدفعه إلى هذه الدرجة من التهور والمشكلة هنا أن العرب لا يفهمون الاسرائيليين، ويتعاملون مع ثرثرة قادتنا بجدية أكبر مما نفعل نحن.‏

يخطر في البال أن نتنياهو وليبرمان يريدان تخويف الجمهور الاسرائيلي وإعادة مارد السلام إلى القمقم. لكن كيف يمكن اقناع العرب بأن حملة التخويف هذه انما تستهدف فقط تحويل الرأي العام الاسرائيلي عن الخراب الذي تجلبه الحكومة على علاقات اسرائيل الخارجية. وقبل أيام ذكر باراك رابيد في صحيفة «هآرتس»، أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط تحدث بعد عودته من زيارة لبيروت عن ذعر وهواجس من امكانية أن تبادر اسرائيل إلى شن هجوم على لبنان. ومن هنا قد يستنتج البعض أن مثل هذه التصريحات قد تخيف العرب.‏

وحسب مقالات نشرت أخيراً في الصحف العربية يعتقد السوريون أنه مع عدم وجود ضوء أخضر من الولايات المتحدة بقصف منشآت ايران النووية قد تلجأ حكومة نتنياهو إلى فتح جبهة أخرى في لبنان وتهاجم نظم صواريخ حزب الله وتجر سورية إلى مواجهة. وفي مثل هذه الأجواء قد تكفي حادثة محلية لاشعال نار كبيرة.‏

ولو نظرنا إلى حرب لبنان الثانية التي بدأت إثر حادثة خطف جنود اسرائيليين رغم أن هناك من يعتقد أن اسرائيل كانت تخطط للحرب منذ فترة سابقة.‏

انتهى ذلك عام 2006 إلى صواريخ بلغت مدينة الخضيرة وإلى مليون لاجئ هربوا من الشمال. يقول رئيس لواء البحث في الاستخبارات العسكرية للجيش الاسرائيلي يوسي بايدتس إنه إذا أخطأ السوريون تقدير نيات اسرائيل في 2010، فسوف تصل الصواريخ إلى تل أبيب بل إلى الجنوب منها وفي شهادة أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست قال بايدتس إنه منذ حرب لبنان الثانية تطورت قدرة حزب الله العسكرية بشكل كبير جداً مشيراً إلى أن الحزب بات مزوداً اليوم بآلاف الصواريخ من جميع الأنواع والأمدية وبصواريخ تعمل بالوقود الصلب مداها بعيد ودقتها كبيرة.‏

وليس أقل أهمية من ذلك أن السوريين ينظرون إلى حزب الله كجزء من كيانهم الأمني في حين أن المؤسسة الأمنية في واشنطن لا ترى أن اسرائيل التي تسيطر عليها حكومة يمينية جزء من الكيان الأمني للولايات المتحدة.‏

إن الضوابط والتوازنات بين سورية واسرائيل قد سحقت كلياً بسبب ركود العملية السياسية في المسار السوري. ويرى بايدتس أن سورية لاتزال معنية بتسوية سياسية مع اسرائيل تعيد إليها مرتفعات الجولان بمشاركة أمريكية. وبحسب تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية فإن سورية ستغير مثل هذه التسوية.‏

لكن بحسب تقدير الرئيس الأسد فإن التقدم في المسيرة السياسية غير ممكن مع حكومة إسرائيل الحالية.‏

إن اسرائيل لاتزال غير مستعدة لدفع الثمن في الجولان مقابل السلام مع سورية.‏

وبهذه الحالة يكون الردع وسيلة مشروعة بل حيوية لمنع مواجهة عسكرية. والردع بحسب التعريف المقبول في الجيش الاسرائيلي هو عملية أو مسار تهديد يمنع العدو من الاقدام على عمل عسكري تحسباً لردع الفعل المقابل ويحدث الردع شعوراً بوجود تهديد صادق يشتمل تحقيقه بحسب رأي متخذي القرارات على نتائج لا يستطيعون أو لا يريدون مواجهتها. ما الذي سيحدث إذا قدر متخذو القرارات في دمشق أن إسرائيل قد قررت أن تحقق في هذا الصيف التهديد بضرب مناطق سيطرتهم بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك؟ وحتى القط يبرز مخالبه عندما يهدد أحد ما حياته.‏

لم يبق لنا سوى أن نأمل بألا يأخذ الجيران تصريحات مسؤولينا بكثير من الجد، وأن يتعاملوا معها كما يفعل جزء كبير من الجمهور الاسرائيلي وإذا نظروا إليها خلاف ذلك فقد ينتهي ذلك إلى كارثة كبرى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية