|
فضائيات هل يتابع الإعلام الرأي العام ملاحقاً إياه راصداً مواقفه ، معبّراً عنه ، ناطقاً بلسان حاله .. هل تكتفي وسائل الإعلام على اختلافها بهذا الدور أم تسعى لتكون مشكّلاً حقيقياً للرأي العام .. تؤثر به وتوجهه كيفما أرادت .. من يتبع للآخر .. من يؤثر بمن .. ماذا عن ماهية العلاقة الجامعة بين الطرفين ..
السؤال الأهم .. ما ينعكس في مرايا الإعلام – مقروءة ، مسموعة ، مرئية – هل هو بالفعل صورة واضحة صافية عن قضايا الرأي العام .. ألا تعاني تلك المرايا من تشوّهات تعوق نقلها لقضايا تهم وتخص العامة .. ألا تبدو الصور المعكوسة على سطوحها معكّرة .. مشوبة .. وأحياناً ضبابية .. معتمة .. وهل توافقون على إطلاق مسمى ( قضية رأي عام ) على مقتل سوزان تميم ، وكذلك مقتل ابنة ليلى غفران .. ما العام في هذه القضايا ؟ .. تتجاسر وفاء كيلاني على تقديم القضيتين السابقتين خلال أربع حلقات من ( بدون رقابة ) تحت يافطة ( قضية رأي عام) .. من الواضح .. أن اجتهادها واستخلاصها لوصف ذاك النوع من القضايا وإلصاقها بالرأي العام يأتي من كون الطرف ( الضحية ) شخصية عامة ، وبالتالي أي شيء يتعلّق بها ، لا سيما موضوع القتل ، يمكن تصنيفه تحت بند قضية رأي عام .. وإن لا .. ما الشيء العام في الجريمتين السابقتين ..وهل يمكن أن تشغل تفاصيل من مثل : هل كان القاتل في جريمة ابنة ليلى غفران قادماً لقتل ابنتها أم لقتل صديقتها نادين خالد .. أو تفصيل مثل : كون سوزان تميم تزوّجت عادل معتوق بعقد مزوّر أم لا .. وهل المدعو علي مزنّر –ضيف وفاء في الحلقة السابقة – هو الزوج الوحيد لسوزان ..
هل تشغل هذه التفاصيل حقيقة الرأي العام .. وهل يهتم لها فعلياً ؟ بالابتعاد قليلاً عن دائرة الضوء التي تُغلّف هؤلاء ، ألا نجد مئات ، إن لم يكن أكثر ، من القضايا المشابهة و الأكثر أهمية لدى الرأي العام .. الأشد التصاقاً به .. والتي تعنيه أكثر في حياته .. معيشته .. وتدبر أمور يومه .. ما الدور الذي يمارسه الإعلام هنا ؟ بالطبع ليس مطلوباً منه أن يأخذ دور المحقق البوليسي الذي تتقمّصه ( الكيلاني ) بدعوى الوصول إلى الحقيقة وإطلاع المتلقي عليها .. الملاحظة الأهم والجديرة بلفت الانتباه ، انتباه الرأي العام، لأن توجّه الحلقتين الأخيرتين من ( بدون رقابة ) كان مصوّباً هذه المرة نحو الرأي العام فعلياً .. هل أرادوا تحضير هذا الرأي لشيء معين في قضية سوزان تميم .. اللافت استفسار وفاء عن أمور مثل سؤالها نضال أحمدية من أحبّ سوزان أكثر ، علي أم عادل أم هشام طلعت .. ليأتي جواب الأخيرة : بالتأكيد هشام طلعت ، مستنكرةً أن يكون من أحبّ هو ذاته من قتل .. كما يلمّح مزنّر لوجود مؤامرة اقتصادية مخابراتية عالمية ضد ( طلعت ) .. كل ذلك يدفع علامة استفهام للقفز في وجه المتفرج : لماذا اختيار هذا التوقيت لإعادة نبش قضية سوزان تميم الآن .. ما الغايات غير المباشرة التي أُريد من خلالها الاستهتار بالرأي العام .. فيما لو أقرّ هذا الإعلام ذاته بوجود رأي عام يُحترم ويُحسب له حساب .. أن يُحترم بمعنى ألا تُمسخ قضاياه أو تُقزّم وفق غايات ومصالح من يدفعون ، و بأيدي من يقبضون ، يضخمون قضايا غير ملحوظة أبداً ، تحت مجهر إعلام .. توظّف أدواته وتفعّل استطالاته وفقاً لثمنها المدفوع ( سلف ) . |
|