|
فضاءات ثقافية
فكم سيكون الموقف «خطيرا» لو تلقفت الدول العربية المفكّر الأمريكي واستثمرت حضوره، وفتحت له حدودها لتكون كلّ الأرض العربية فلسطين، وحوّلت هذا التصرّف العنصري، إلى قضية عالمية موجّهة ضد التعنّت الإسرائيلي! أن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنع شخصية بحجم تشومسكي من دخول فلسطين المحتلّة فذلك أمر طبيعي وهي عادة تمارسها منذ 62 عاما؛ وأن تستشيط وزيرة الثقافة الاسرائيلية غضبا من الفنان البريطاني إلفيس كوستيلو, والفنانين الأميركيين الشهيرين كارلوس سانتانا, وجيل سكوت هيرون, لمقاطعتهم إسرائيل, وإلغاء حفلات كانوا سيحيونها في الأرض المحتلة.. مؤكدين على الملأ أن قرارهم يأتي رفضا للإذلال الذي يتعرض له الفلسطينيون على أيدي السلطات الإسرائيلية؛ فذلك دليل على أن الوقوف في وجه إسرائيل ليس بالأمر الصعب، بل إن ذلك قد يخيفها. فهي وإن كانت مدعومة من أقوى قوة في العالم، ومهما ملكت من أسلحة الغطرسة والجبروت، تعي جيّدا أنه لا يمكنها أن تقف في وجه سلاح أقوى وأشد فتكاً وتأثيراً، وهو سلاح الفن والفنانين، ففنان بحجم كوستيلو أو بشعبية كارلوس سانتانا، قادر على أن يؤثر على الملايين من عشّاقه.. وبتأثيره ذلك على اسرائيل نكتشف أن العيب كامن فينا. وما هو مؤكد، أيضا، أن إسرائيل لن تحسب حسابا لأي ردة فعل عربية طالما أننا لم نستوعب بعد أهمية توظيف هذا القطاع كسلاح فعّال في زمن التفوق العلمي والتكنولوجي والعسكري للآخرين، من أجل تقريب الصورة الحقيقية لما يجري في الأراضي الفلسطينية، فمعرفة العرب بما يجري وراء جدار الفصل العنصري لا تتعدّى بضعة مشاهد مختارة بدقّة وعناية تعرضها الفضائيات. في غياب ذكرى النكبة عن معظم فضائياتنا الـ696، فإن النكبة هي أن نهلّل فرحا بالدراما المدبلجة وبرامج الترفيه والتنجيم وخسارة الوزن دون أن ننتبه إلى مدى أهمية أن تسجل السبق باستضافة شخصية بحجم تشومسكي اليهودي والأمريكي، الذي يحبّ فلسطين وتخاف منه أمريكا وإسرائيل. |
|