تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مجلة فرنسية : دمشق قدس التاريخ وعبقه..

عن الفيغارو
ثقافة
الأحد 23-5-2010م
سهيلة حمامة

قلاع حصينة تتربع على أعالي الجروف... مدن كهفية أعيد تأهيلها.. أديرة تتألق بذهبياتها... محميات طبيعية تتعايش فيها الطيور والفقمة والماعز في سكينة ووداعة... أوابد أخرى عريقة تتناثر كالقناديل على امتداد شاطئ البحر المتوسط،

تلفّ أكثر المواقع أهمية: سورية - إيطاليا - اليونان، لتشكل تحفة رائعة ومتعة آسرة للناظرين إليها وبعضها لنفوسنا المتعطشة إلى جذورها عندما نتصفح مقالاً شائقاً بعنوان «حراس كنوز المتوسط»، الذي تصدّر مجلة Lamagagine الفرنسية في عددها الأخير «جذور وأجنحة» منذ أيام قليلة، وقامت بتحقيقه فيرونيك بيرو التي عاينت بنفسها مع فريقها السياحي كنوز تلك المواقع الخلابة. ومن خلال سطور المقال، تقودنا الكاتبة خطوة خطوة نتحسس معها ثانية روعة وجمال تلك الكنوز والأوابد التي سطرت في سجل التراث العالمي لليونسكو.‏

وبلفتة جميلة تشير فيرونيك بداية إلى الأوابد القديمة التي تزخر بها إيطاليا، بعضها معروف والبعض الآخر أقل شهرة كمدينة الكهوف (ماتيرا) في الجنوب منها والمحفورة برمتها في الصخور، وتشكل الجزء القديم من مدينة تسمى (ساسي) كانت حينها مسكونة على مدى عشرة آلاف سنة دون انقطاع، وتمّ إخلاؤها منتصف الخمسينيات لعدم توفر الشروط الصحية لقاطنيها. وبعد خمسة عقود تحولت الكهوف تلك إلى قرية أشباح قبل أن يُعاد تأهيلها وإدراجها على قائمة التراث العالمي عام 1993، لتصبح اليوم، فنادق تراثية وبيوتاً رائعة مزدحمة الشوارع يصعب على المرء التنزه في أسواقها أو وضع سيارته في أي ركن فيها، لعله الثمن الواجب دفعه لعبور تشبيكة الطرقات الضيقة والتي تزهر بالنباتات والزهور والأدراج!‏

وبحركة رشيقة تشدّ فيرونيك أنظارنا إلى سورية التي شهدت عبور الفرنجة متجهين صوب القدس في القرن الحادي عشر عبر القلعة المهيبة والأكثر صوناً في كل الأراضي المقدسة... إنها قلعة الحصن، ثم قلعة صلاح الدين المتربعة في قلب الجبال، الأكثر ضخامة وقدسية في القرون الوسطى، إذ يبلغ طولها أكثر من 700 م وعرضها نحو 100 م، يليها في الأهمية مدّرج بصرى الروماني الشهير والمحافظ عليه كحدقة العين نظراً لأهميته التراثية الكبرى.... هذا الكنز الجمالي المخفي والثرّ دفع علماء آثار وتنقيب من دول غربية عديدة إلى اكتشافه و هاهي حلب المدينة العريقة ملتقى الحضارتين الإسلامية والمسيحية وشعبها بأطيافه المتأصل على الكرم والضيافة والمروءة كما أجدادهم على مرّ العصور.‏

وتلك دمشق.. أقدم عاصمة في العالم، وكأنها قدس أقداس التاريخ. تجولنا كثيراً في أسواقها المحاذية تماماً للجامع الأموي الشهير والمثير، وفي سوق الحميدية الدافئ والعريق بقدمه وأصالة تجاره الطيبين الأذكياء، وبعد ذلك عرّجنا على مطعم أثري في المدينة القديمة في بيت عثماني يعود للقرن الثامن عشر أراد مالكه أن يحافظ عليه، تذوقنا على موائده الأنيقة والنظيفة صنوف طعامهم اللذيذ والشهّي.‏

وفي أيام جولتنا السياحية الأخيرة، انطلقنا إلى شرق اليونان... إلى أرخبيل (سبوراد) المكون من إحدى عشرة جزيرة رئيسية تشكل أثنتان منها (ألونيسوس وسكوبيلوس) حوضاً بحرياً ولنقل متنزهاً بحرياً أنشئ عام 1992.‏

وفي هذه الجزر دهنت سقوف المنازل بلون أحمر خلافاً للون سقوف المنازل في أماكن أخرى المميزة باللون الأزرق السماوي.‏

وتشتهر تلك الجزر بطبيعة أكثر اخضراراً ونضارة وكثافة من غيرها، وبسكانها المتحدين الذين يسعون لتنمية السياحة فيها بشكل أكثر ذكاء وجذباً، كما أشار لنا عالم الأحياء (فاسيليس كورو توز) إلى قرب حدوث رحلة استشكافية أخرى لهذه الجزر الدفينة في كنوزها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية