|
شؤون سياسية إنطلاقا من قناعاته أن أمن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الدفاع عنه سوى بشن حرب ضد الإرهاب و توابعه. فكانت الحرب الأمريكية على أفغانستان في خريف 2001, تلتها الحرب الأنكلو—أمريكية على العراق في ربيع 2003.و في سياق تلك الأحداث العالمية الكبيرة , اشتغلت الماكينة الإيديولوجية و الإعلامية الأمريكية , لجهة القيام بعملية عسل دماغ لعقول الأمريكيين الذين صدقوا بسذاجة الحقائق التي قيل أنها ثوابت العصر.بيد أن الحرب الأمريكية العدوانية على العراق التي خاضتها إدارة بوش في إطار بعدها الإقليمي الجزئي , لمصلحة الكيان الصهيوني,تحولت إلى كارثة, في ظل غرق القوات الأمريكية في وحل المستنقع العراقي , و إخفاق المشروع الأمريكي السياسي لإقامة ديمقراطية تكون نموذجا يحتذى به في كل دول الشرق الأوسط. لقد نظر المحافظون الجددالى حرب العراق على أنّها ضرورة لإعادة رسم خارطة العالم العربي, لأنّه وكما لا ينفكّ ويكرّره عالِم القرون الوسطى برنارد لويس الذي تحوّل مرجعاً أعلى يحرّض الإدارة الأميركية الحالية على استخدام القوة في أفغانستان وفي العراق, إذ قال لويس: )إني لا أشك في أن هجمات 11/9 كانت أول الغيث في المعركة النهائية(, و أن )العرب لا يفهمون سوى لغة القوة( . وقال فيما بعد لشبكة )سي. سبان التلفزيونية( بمعنى ما.. )ظلوا يكرهوننا على مدى قرون.. فهنالك هذا التنافس الألفي بين دينين عالميين, والآن من وجهة نظرهم, هاهو الدين الخاطئ يفوز في تلك المنافسة( وقال: إن لدى أمريكا خيارين: )إما أن تبدي الحزم والصرامة, وإما أن تخرج(. تتفق معظم الآراء على أن الحرب التي قام بها الرئيس بوش ضد العراق قادت إلى إحلال كارثة بالديمقراطية و الجيش والاقتصاد.ومنذ احتلال العراق و الرئيس بوش يقول أن أميركا و العالم أصبحا أكثر أمنا و أمانا, و يقول أن وجه العراق قد تغير لجهة إحلال الديمقراطية في هذا البلد , التي ستصبح منارة تضيء وجه العالم العربي المظلم , و تكون نموذجا يحتذى بها.لكن الحقيقة أن الحرب الأميركية أظهرت أن مشروع بوش للديموقراطية والحرية في العراق كنموذج للتغيير في المنطقة قد أخفق, و أن العواطف المعادية للولايات المتحدة الأميركية ما انفكت تتزايد باستمرار . ومنذ هزيمة الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية النصفية , و سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلسي الكونغرس, اعتبر المحللون الغربيون أن تلك الانتخابات شكلت تحولا حاسما قد يعني نهاية السياسة الأحادية الجانب و المتعصبة التي دفعت أميركا للتورط في الحرب و غزو العراق, هذه الحرب التي بدأت نتائجها تظهر يوما بعد يوم بأنها مدمرة , بعد أن أمسى شبح الحرب الأهلية يلوح في أفق العراق من الآن فصاعدا. الرئيس بوش الذي برع في تصوير حقائق إيديولوجية )الفوضى الخلاقة ) لشعبه على أنها ثوابت العصر, بدت في النهاية أي شيء, إلا الحقيقة. فهاهو مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر والمفكر الاستراتيجي زبغنيو برجينسكي ,من الشخصيات القليلة من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية التي حذرت إدارة بوش صراحة من غزو العراق. وينقل عنه في فبراير 2003 وقبل حرب العراق بأسابيع قوله إنه إذا قررت الولايات المتحدة المضي قدما في خططها الخاصة بالعراق, فسوف تجد نفسها بمفردها لتتحمل تكلفة تبعات الحرب, فضلا عن ازدياد مشاعر العداء والكراهية الناتجة عن تلك الحرب. من جانبه قال الجنرال الأمريكي المتقاعد ويليام أودوم الذي كان يرأس وكالة الأمن القومي الأمريكي: )إن الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط هي الانسحاب من العراق(, وأضاف أودوم الذي يعد أكثر المحللين العسكريين شهرة في )مركز هدسون للأبحاث في واشنطن(: لقد رأينا معظم حلفائنا وقد تنحوا لمراقبة انكسارنا المؤلم في العراق, وتأكدت مرة ثانية نظرية ونستون تشرشل الذي قال يوما إن الأسوأ من الحصول على حلفاء هو عدم وجودهم, ولا توجد أي حظوظ لينضم إلينا حلفاؤنا في العراق, حيث العراق أسوأ مكان لخوض حرب من أجل الاستقرار الإقليمي(. وإزاء تصاعد الانتقادات الأمريكية الداخلية لادارة بوش بسبب المأزق في العراق, إذ اتهم الديمقراطيون الرئيس الامريكي الجمهوري ب )عدم المسؤولية( , وأنه يفتقر إلى استراتيجية في العراق , وباتوا يطالبونه بالإنسحاب في غضون سنة 2008 . < كاتب تونسي |
|