|
معاً على الطريق وفي إحدى الأمسيات دعانا إلى العشاء جيمي كارتر واستقبلنا في بيته وصافحنا واحداً واحداً هو وزوجته السيدة (روزالين سميث) . أحسسنا بالسماحة والطيبة على وجهه حتى إذا طاف بنا في )معهد المعلومات) الذي أسسه بجوار بيته , واقتادنا إلى قاعة كبيرة فيها صور مكبرة جداً ومعلومات مستفيضة عن معاهدة )كامب ديفيد) المخزية وهو يرعى اللقاء بين السادات ومناحيم بيغن في منتجع (كامب ديفيد) بولاية ماريلاند في السابع عشر من أيلول 1978 خلال توليه الرئاسة بين عامي (1967- 1981) شعرتُ أنها لطمة صماء على وجهي ولكن لم تراودني خلجة شعور عدائية نحو (كارتر) لأن المجرم هو منا . ورأيتُ الرئيس الثاني والأربعين (بيل كلينتون) وجهاً لوجه في أواسط التسعينات خلال رئاسته الأولى (1993 ¯ 2001) عندما التقى مع الرئيس الراحل حافظ الأسد كنت مع الإعلاميين في القاعة المخصصة للمؤتمر الصحفي. وعندما وصلا إلى الباب تراجع بيل كلينتون وقدم رئيسنا ليدخل قبله بتجلّة , وفيما خطا الرئيس إلى الداخل كادتْ قدمه تتعثر بثنية السجادة فهرع كلينتون إلى يده أمسكه بها كابنٍ أو كأخ أصغر, لقد جعلتني هذه اللفتة على بساطتها أحسّ بإنسانية هذا الرجل ونبله وأكنّ له كل الاحترام .وبالمقابل عندما أرى صورة جورج بوش (الأب) أو صورة بوش (الابن) أحس بالسم يتقطر من وجه كل منها سواء في ابتسامته الشعثاء أم في عبوسه القاتم . لا أظن أن أحداً يساوره الظن أن أي رئيس أمريكي يمكن أن يتنازل شعرة واحدة عن مصالح بلده وأبرزها العلاقة العضوية مع إسرائيل . وبشكل عام نقول إن نظام الحكم في أمريكا عدوٌ لنا , ولكن الفرق كبير بين عدوٍّ مهذب عاقل , وعدوٍّ جلف طائش كذاب . بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967 سحبت معظم دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنظومة الدول الاشتراكية ¯ ماعدا رومانيا ¯ اعترافها بإسرائيل , وفرضتْ عليها عزلة مطبقة حتى فعل السادات فعلته فأباحها , ليس بعزل مصر أقوى دولة عربية وحسب وإنما بالإفراج عن إسرائيل . تطرقنا مرة للحديث عن نجوم أمريكيين وقفوا في وجه (دبليوبوش) وأعوانه المحافظين الجدد كالمخرج السينمائي (مايكل) مور وكنجوم التمثيل (سلمى الحايك , وجوليا مور , وكريس كوبر , وكولن فاريل ) وكالمخرج السينمائي الإسباني (بيدرو المودوفارو) ومظاهرات تنديدية قامت في أمريكا وعدد من دول العالم , لكن أبرز هذه المواقف مافعله )تد تيرنر) الذي أعلن أنه لايستطيع أن يتقبّل كذب (دبليوبوش) فباع محطة (CNN) أشهر وكالة أخبار في العالم , وباع كل ما يتعلق بالإعلام والإنتاج السينمائي وتحوّل إلى إنشاء مؤسسات خيرية . ونحن ? يمزّق بعضنا بعضاً , وتسمع أخبار المآسي والمذابح والمماحكات الرخيصة والدعاوى الباطلة في العراق , وفلسطين , ولبنان , والسودان , والصومال . تُرى هل صار واحدنا أقلّ قيمة من الصرصار ? هل صرنا جسداً يُحتضر ويطول احتضاره وهاهم يجهّزون لنا طلقة الرحمة في ()مؤتمر السلام) المهزلة ? هل يعقل أن ثلاثمئة مليون من البشر ختم الله على قلوبهم ? anhijazi@aloola.sy |
|