|
دراسات وكذلك المباحثات الثنائية التي أجراها الحليفان الروسي والإيراني كل على حدة مع أردوغان بهذه النية، أصبح بحكم المؤكد أن لا خيار آخر متبقٍ لاستعادة هذا الجزء الحيوي من الأرض السورية الموبوءة بأسوأ أنواع الإرهابيين والمختطفة من قبلهم، سوى تقدم الجيش العربي السوري مدعوماً من حلفائه لتنظيف إدلب الخضراء من الارهاب الأسود، وإعادتها إلى أهلها المهجرين منها، لتنضم إلى باقي المناطق التي لفظت الارهاب منها واستعادت دورة الحياة والحرية في ربوعها. فخلال الأيام الماضية تسارعت خطا تقدم الجيش العربي السوري متقدمة في أطراف محافظة إدلب الجنوبية والشرقية، وذلك بدعم استراتيجي من الحليف الروسي، لتتحرر نحو خمسين قرية وبلدة في ريف ادلب الجنوبي على مساحة 320 كيلومتراً. التقدم السريع في المحافظة ــ المختطفة أقلق نظام أردوغان فسارع إلى طلب وقف فوري لإطلاق النار، بهدف فرملة الاندفاعة السورية السريعة لتحرير إدلب، غير أن طلبه هذه المرة لم يلق آذاناً صاغية لا في دمشق ولا في طهران أو موسكو، فلا سورية ولا حلفاؤها باتوا يثقون بهذا النظام المخادع الكاذب الذي ابتلع كل تعهداته في اتفاق سوتشي بخصوص المنطقة منزوعة السلاح والإرهابيين، وكذلك إخراج العناصر الأكثر تطرفاً من المحافظة بعد فرزهم عن الجماعات التي يمكن «الحوار» معها، وخاصة بعد عدوانه الآثم والمبيت على منطقة الجزيرة السورية وما تمخّض عن هذا العدوان البربري من جرائم إرهابية وارتكابات شنيعة بحق الأهالي والممتلكات وما أسفر عنه من مشاريع استعمارية لنهب ثروات الآخرين مشاريع تختصر الرؤية الاردوغانية في كيفية استعادة بعض «أمجاد» أجداده المقبورين من سلاطين آل عثمان المجرمين. يرى العديد من المحللين والمتابعين انه في ظل عدم تنفيذ النظام التركي لبنود الاتفاق المبرم في مدينة سوتشي فإن روسيا لن تقوم بأي شيء يوقف تقدم الجيش السوري، حيث جرت تأكيدات عديدة من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف على ضرورة وضع حد للإرهاب في إدلب وتجفيف منابعه هناك. ويعتقد خبراء عسكريون أن خطة التقدم التدريجي التي يطبقها الجيش العربي السوري ستمكنه من استعادة العديد من القرى والبلدات وصولا إلى معرة النعمان في غضون أيام، كما ستمكنه من الوصول إلى سراقب في فترة لاحقة. وبخصوص النقاط العسكرية التركية التي سمح بوجودها اتفاق سوتشي ومسار آستنة ضمن ما يسمى إنشاء منطقة منزوعة السلاح وفرز الإرهابيين عن بعضهم البعض، تحتم بانسحاب عناصرها ضمن مهلة محددة، وبالتالي سيتم التعامل مع النقطة التركية في سرمان كما تم التعامل مع نقطة مورك سابقاً، وان النقاط /12/ المتبقية ستكون في يد الجيش العربي السوري عاجلاً أم آجلاً لأنه لا مكان للقوات التركية في هذه الجغرافيا مهما كانت الذرائع، وقد انتفت كل الذرائع والأسباب التي سمحت بإنشائها. من المعروف أن كل من الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها الغربيين إلى جانب تركيا كانوا يعولون كثيراً على تأخير وعرقلة معركة تحرير إدلب، وكثيراً ما أطلق هؤلاء «تحذيرات» بخصوص «كارثة إنسانية» متعلقة بالمدنيين كنتيجة للمعارك التي ستدور، وصولا إلى اتهامات من دون أي دليل حول استخدام أسلحة كيميائية، كجزء من عملية تعطيل مشهد التحرير وتمديد الحالة الارهابية المستعصية هناك إلى أجل غير مسمى، بهدف تحقيق مكاسب سياسية سواء بشأن الحل النهائي في سورية أو ملف إعادة الاعمار، أو بخصوص الوجود غير الشرعي الغربي والتركي على الأرض السورية كما هو حال القوات الأميركية. يرى متابعون لمعركة إدلب التي تدور رحاها حالياً أن أميركا وحلفاءها يسعون، لتوظيف «الحراك الشعبي» في ساحات المنطقة وخاصة لبنان والعراق كجزء من المعركة التي تشن على محور المقاومة، حيث تشير التطورات السياسية إلى عدم قدرة واشنطن ومن معها على رسم مستقبل الحدثين اللبناني والعراقي ليساهما بشكل ما في التأثير على ما يجري في سورية، ففي لبنان خسرت واشنطن رهانها في الإمساك برئاسة الحكومة، وفي العراق ليس هناك ما يدل على أنها قادرة على النجاح، فساحات الكرّ والفرّ التي تستند إلى توظيف الشارع الغاضب والتلاعب بتوجيهه، لم تساعد واشنطن كثيراً أو قليلا في رسم توازنات إقليمية جديدة تسمح لها بإعادة التموضع وكسب المعركة التي خسرتها على رقعة المنطقة في مواجهة المحور الذي ينغص عليها أطماعها. فسورية لا تزال هي جبهة الاشتباك الوحيدة التي تقرر من هو القادر على رسم وترسيخ التوازنات الجديدة، فالجغرافيا هي الميدان الحاسم في هذه المواجهة لذلك تعول القيادة الأمريكية على تأخير وعرقلة معركة تحرير إدلب، التي ستشكل نهايتها بدء العد العكسي لاستحقاق إخراج القوات الأميركية والتركية من سورية، وقد حاولت واشنطن لعب ورقتها الأخيرة في هذا الاطار عبر إغراء النظام التركي بتولي المهمة لقاء منحه الضوء الأخضر للتوسّع في منطقة الجزيرة. |
|